استئناف الحرب مع إيران محتوم؟
تتداول الأوساط الخاصة والعامة ووسائل الإعلام في إيران هذه الأيام أحاديث عن احتمال استئناف الحرب، ويجري الحديث عن الموضوع أحياناً وكأن وقوع الحرب مجدداً أمر محسوم.

ميدل ايست نيوز: تتداول الأوساط الخاصة والعامة ووسائل الإعلام في إيران هذه الأيام أحاديث عن احتمال استئناف الحرب، ويجري الحديث عن الموضوع أحياناً وكأن وقوع الحرب مجدداً أمر محسوم. وفي هذا السياق، تكشف تصريحات المستشار العسكري الأعلى للمرشد الإيراني، رحيم صفوي، بشأن احتمال اشتعال الحرب مجدداً، إلى جانب التهديدات والمناورات العسكرية التي نُفذت في الأيام الأخيرة، عن أن السلطات الإيرانية ترى احتمال استئناف الحرب مرتفعاً.
وبصرف النظر عن عدم تحقق كامل أهداف إسرائيل وتوقعاتها من الحرب الأخيرة، ورغم أن أولويتها هي تفجير الأوضاع داخل إيران، فإن ما يمكن أن يشجعها أولاً على شن حرب أو تنفيذ هجمات جديدة هو قناعة تل أبيب بأنه، وبعد جولات عدة من الضربات المتبادلة، ولا سيما الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً في يونيو/حزيران الماضي، بات في إمكانها توقّع سلوك إيران وردّ فعلها، وطبيعة الأهداف التي قد تستهدفها الأخيرة. والقدرة على التنبؤ بسلوك الخصم ورد فعله أو عدمها عنصر بالغ الأهمية في قرار بدء الحرب أو الامتناع عنه.
ثانياً، تعتقد إسرائيل أنها تتحكم بالجدول الزمني للحرب، بحيث تحدد مسبقاً موعد انتهائها؛ أي إنها، متى ما أوقفت هجماتها بعد ضرب أهداف معينة، فإن الطرف الإيراني سيوقف هجماته بدوره لتنتهي الحرب. لهذا السبب، ليس مستبعداً أن تسعى إسرائيل إلى التحضير لجولة قصيرة من المواجهة العسكرية، تنفذ خلالها ضربات مركزة وكثيفة في فترة وجيزة، ثم توقفها. لكن لماذا قصيرة الأمد؟ السبب أن إسرائيل، بحكم جغرافيتها الصغيرة، لا تحتمل حرباً طويلة يمكن أن تتعرض خلالها أراضيها وعمقها لضربات يومية بعشرات الصواريخ، بما يشل الحياة لفترة طويلة كما حصل في يونيو/حزيران الماضي. كما أن إطالة أمد الحرب، بغض النظر عن آثارها الأخرى، يمكن أن يؤدي إلى تراجع فعالية منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية في اعتراض الصواريخ، ما يزيد من نسبة إصابتها لأهدافها.
وعليه، يمكن القول إن الصواريخ الإيرانية تُعد من العوامل المانعة لإطالة الحرب، لكنها لا تمنع اندلاعها من الأساس. إسرائيل حالياً تعتقد أنها قادرة على تحمّل الضربات إلى عمقها لفترة وجيزة مقابل تحقيق أهداف استراتيجية على المدى المتوسط أو البعيد.
وما دامت هذه المعادلة وهذا التصور قائمين، فإنّ احتمال بدء الحرب أو شن هجمات جديدة، سواء من جانب إسرائيل أو من جانب الولايات المتحدة، يبقى وارداً. كما أنّ هناك احتمالاً بانتقال إيران إلى سياسة الهجوم الاستباقي حسبما تشي بذلك أوساط عسكرية ومحافظة. وبالمجمل قد تحصل جولات من المواجهة المحدودة والمسيطر عليها بفواصل زمنية مختلفة، من دون الانزلاق إلى حرب شاملة، على اعتبار أن وقوع ضربات عسكرية مباشرة ليس سوى وجه علني لحرب تدور حالياً بأساليب خفية ومعلنة في آن واحد، وهي مستمرة حتى اللحظة.