مشروع قانون الحشد الشعبي يشطب من أجندة البرلمان العراقي

نشرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب العراقي، جدول الأعمال الخاص بـ3 جلسات مرتقبة خلال الأيام المقبلة، خلت جميعها من ذكر مشروع قانون "الحشد الشعبي" الذي تسعى بعض الأحزاب العربية الشيعية لإقراره.

ميدل ايست نيوز: نشرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب العراقي، جدول الأعمال الخاص بـ3 جلسات مرتقبة خلال الأيام المقبلة، خلت جميعها من ذكر مشروع قانون “الحشد الشعبي” الذي تسعى بعض الأحزاب العربية الشيعية، وممثلو الفصائل المسلحة في البرلمان لإقراره، ما يشير إلى خلافات قادت إلى شطبه من جدول الأعمال، أو التوجه نحو إجراء تعديلات على نصوصه، والتنازل عن بعض الامتيازات لأجل طرحه في وقتٍ لاحق لغرض التصويت.

وأظهر جدول جلسات البرلمان الذي نشرته الدائرة الإعلامية للبرلمان العراقي، أن جدول الجلسة الخامسة والسادسة والسابعة لكل من أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء للدورة الانتخابية الخامسة للسنة التشريعية الرابعة، الفصل التشريعي الثاني، يتضمن التصويت على مقترح قانون التعديل الأول لقانون وزارة التربية، ومناقشة قوانين مثل قانون كلية طيران الجيش، وتنظيم حقوق الأقليات، بالإضافة إلى التصويت على تعديلات تخص قوانين السجناء السياسيين والطاقة المتجددة وغيرها.

في السياق، قالت مصادر سياسية وبرلمانية، لموقع “العربي الجديد“، إن مشروع قانون الحشد الشعبي رُفع من جداول الجلسات البرلمانية المقبلة، لمنع حدوث أي فشل للجلسات، خصوصاً أن الجلسات السابقة تعطلت وأُجلت وشهدت خلافات كبيرة وكثيرة بسبب هذا المشروع، مبينة أن “القانون يواجه رفضاً غربياً وإقليمياً أيضاً، وليس أميركياً فقط، فضلاً عن الرفض الداخلي من الأحزاب الكردية والسنية، كذلك لا بد من الاعتراف بأن أحزاباً شيعية صارت ترفض طرح المشروع حالياً خوفاً من ارتدادات سلبية على العراق”.

وأضافت المصادر أن “التحشيد البرلماني خلال الأيام الماضية، والخطط التي وضعها بعض أعضاء مجلس النواب، كانت تريد تحويل قاعة مجلس النواب إلى منصة تابعة للحشد الشعبي، ولا سيما بعد اتفاق عشرات النواب على ارتداء الزي العسكري الخاص بالحشد”، مؤكدة أن “رئيس البرلمان محمود المشهداني، بالاتفاق مع نائبه محسن المندلاوي، رفضا المظاهر العسكرية في المؤسسة التشريعية، ورُفع مشروع القانون لأجل مناقشته أكثر بين القوى السياسية من جهة، بالإضافة إلى تهدئة الوضع في البرلمان وعقد جلسات نيابية ناجحة، من جهة أخرى.

وكان العشرات من أعضاء مجلس النواب قد تجهزوا من أجل ارتداء زي الحشد الشعبي (المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً، تُصنّف واشنطن عدداً منها على لائحة الجماعات الإرهابية)، وسبق هذه الخطوة تحشيد واسع بادر به أعضاء من المجلس، مدعومون بحملة إعلامية وسياسية واسعة، من أجل التوصل إلى عدد الأصوات الكافية لتمرير القانون، من خلال تصويت البرلمان الذي شهد خلافات سياسية حول تمرير مشروع القانون، ولا سيما بعد تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مايكل ميتشل، بأن من المرجّح فرض عقوبات اقتصادية أميركية على العراق، في حال إقرار قانون الحشد الشعبي، في إطار حملة “الضغط الأقصى على إيران”.

وقال أيضاً إن “الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يتردّد في اتخاذ موقف أكثر صرامة في ما يتعلّق بالعقوبات الاقتصادية ضدّ أي كيان أو دولة لديها علاقات خارجة عن القانون مع إيران”.

والأربعاء، قال رئيس فصائل الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، إن أي خطوات لحلّه ستُعتبر “انتحاراً”، مشيراً إلى أن “الحشد الشعبي قوة عراقية ولا علاقة له بالحرس الثوري”.

وأضاف في مقابلة متلفزة، أن “الجدل السياسي بشأن قانون الحشد لا يتعلق بجوهر القانون (..) البعض ركّز على شخص رئيس الهيئة.. والحشد الشعبي مكتمل الأهلية القانونية في أوقت الحالي، ولا صحة لوجود شبه بين قانون الحشد وهيكلة الحرس الثوري الإيراني”، نافياً أن يكون “له أي دور خارجي أو عداء مع أي جهة”.

ولفت إلى أن “تنظيم الوضع يقطع الطريق أمام العابثين، وأن قانون الحشد يعزز الفصل بين الهيئة والفصائل، والحشد الشعبي مستعد للدفاع عن السفارات إذا كُلّف بذلك”، موضحاً أن “المتدين بالحشد الشعبي يعتقد شرعاً بطاعة القائد العام (رئيس الوزراء)”، كذلك فإن “الحشد الشعبي وُجد من أجل حماية الدولة، ويتمتع بانضباط عال، والبعض يتمنى ألا يرى الحشد الشعبي في المستقبل”، وفقاً لقوله.

من جهته، رأى النائب السابق في البرلمان العراقي كاظم الصيادي، أن “سحب قانون الحشد الشعبي من جداول جلسات البرلمان، لا بد أن يُرفق بإيضاح من مجلس النواب، وكان من المفترض الحديث عن الأسباب التي دفعت رئاسة البرلمان إلى اتخاذ هذا القرار الذي تطالب به قوى سياسية وشعبية”، موضحاً لـ”العربي الجديد” أن “الضغوطات كبيرة على القوى السياسية والفصائل المسلحة لمنع تمرير قانون الحشد، ولذلك فإن الرضوخ لهذه الضغوطات دفع الأحزاب العراقية إلى ألا تقبل به”.

من جهته، لفت الباحث في الشأن السياسي العراقي عبد الله الركابي، إلى أن “الحكومة الحالية لا تريد أن تتحدى أي طرف، ويبدو أن هناك قناعة سياسية بهذا الخصوص، ولو لم يتم الاتفاق السياسي على رفع القانون من جداول أعمال مجلس النواب، لما تمكنت رئاسة البرلمان من اتخاذ هذا القرار وحدها”، مؤكداً أن “الرسائل الأميركية كانت واضحة جداً برفضها لمشروع القانون، ويبدو أن حكومة محمد شياع السوداني، وحتى رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، يدركان أن مواجهة الأميركيين بتمرير القانون، سيضع العراق أمام مخاطر العقوبات”.

وسبق أن تعثرت عدة محاولات للقوى العربية الشيعية، مدعومة بالفصائل المسلحة، في تمرير التصويت على مشروع قانون الحشد الشعبي داخل البرلمان العراقي. هذا التعثر يعزوه نواب في قوى “الإطار التنسيقي” الحاكم بالبلاد، إلى الغياب المتعمّد لأعضاء البرلمان من الكتل السنية والكردية الرافضة للقانون، بالإضافة إلى نواب الأحزاب المدنية، الأمر الذي عطّل التصويت، لكن الواقع يؤكد أن بإمكان القوى الشيعية تمرير القانون بأغلبية مريحة تمتلكها في البرلمان، وهو ما يؤكده مراقبون ومختصون بالشأن العراقي، لكن الرفض الأميركي، والقلق من رد فعل واشنطن الرافضة للقانون، وما سيترتب عنه من تبعات سياسية على العراق، بات العامل الأول في تأخر إقرار القانون.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى