تركيا تطلق مشروع خط سكك حديدية يربط قارص بنخجوان بعد اتفاق السلام بين باكو ويريفان
أعلنت الحكومة التركية عن بدء تنفيذ مشروع مدّ سككي يربط ولاية قارص بمنطقة نخجوان، في خطوة تأتي عقب اتفاق السلام الذي رعته الولايات المتحدة بين أذربيجان وأرمينيا.

ميدل ايست نيوز: أعلنت الحكومة التركية، السبت، عن بدء تنفيذ مشروع مدّ سككي يربط ولاية قارص بمنطقة نخجوان، في خطوة تأتي عقب اتفاق السلام الذي رعته الولايات المتحدة بين أذربيجان وأرمينيا.
ويمتد الخط الجديد لمسافة 224 كيلومتراً، ليربط البوابة الحدودية “ديليوجو” في تركيا بنخجوان ومنها إلى شبكة السكك الحديدية لقارص، على أن يستوعب سنوياً نقل 5.5 مليون مسافر و15 مليون طن من البضائع. وقال وزير النقل التركي عبد القدير أورالوغلو في حفل التدشين: «هذا الممر سيعزز التعاون الاقتصادي بين تركيا وأذربيجان وأرمينيا، ويكرس السلام الإقليمي».
لكن خلف هذا المشروع تكمن أبعاد استراتيجية من شأنها الإضرار المباشر بإيران. فالخط الحديدي الجديد يمثل جزءاً من “ممر جنوب القوقاز” و”مسار ترامب من أجل السلام والازدهار الدولي”، الذي يربط نخجوان بأراضي أذربيجان عبر جنوب أرمينيا. وعملياً، يشكّل هذا الطريق بديلاً عن الممرات التقليدية عبر إيران، التي كانت حتى الآن أحد أهم المسارات التجارية والنقلية بين آسيا الوسطى والقوقاز وأوروبا.
ولطالما اعتبرت إيران موقعها الجغرافي ميزة جيوسياسية بارزة، بصفته طريقاً أقصر وأرخص لربط الصين وآسيا الوسطى والقوقاز بأوروبا. غير أن فتح الممرات الجديدة عبر نخجوان وسيونيك يهدد هذه الأفضلية بشكل جدي. وفي هذا السياق، نشرت وكالة “مهر” الإيرانية تقريراً أكدت فيه أن «الممر يمكن أن يغيّر التوازن الجيوسياسي في جنوب القوقاز».
وتشير التقديرات إلى أن هذه المسارات الجديدة قد تختصر زمن النقل بين آسيا وأوروبا بما يصل إلى أسبوعين، وتضيف مليارات الدولارات إلى التجارة الإقليمية. هذه المكاسب واضحة لتركيا وأذربيجان وأرمينيا، لكنها في المقابل تعني لإيران خسارة حصة كبيرة من عوائدها الترانزيتية.
يد عليا لتركيا ورعاية أميركية
يبلغ حجم التمويل المخصص للمشروع 2.4 مليار يورو، توفره بنوك من اليابان والسويد والنمسا إلى جانب بنك التنمية الإسلامي، ما يعكس نجاح أنقرة في حشد دعم مالي وسياسي واسع. كما حصلت الولايات المتحدة على حق تطوير حصري لهذا الممر، وهو ما يرسخ وجودها في جنوب القوقاز، المنطقة التي طالما عدّتها إيران وروسيا مجالاً حيوياً تقليدياً. وبحسب خبراء، فإن المشروع لا يقتصر على أبعاده الاقتصادية، بل يمثل أداة جديدة لتعزيز نفوذ الغرب في هذه الساحة الحساسة.
وشدد وزير النقل التركي أيضاً على أنه مع استكمال أجزاء الخط في نخجوان وأرمينيا والأراضي الأذربيجانية، سيصبح الطريق التجاري الدولي الممتد من الصين إلى بريطانيا أكثر فاعلية.
وبموجب اتفاق السلام الأخير بين يريفان وباكو، يُفتح المجال أمام مسارات جديدة لربط البلدين، ما قد يفضي إلى فتح الحدود المغلقة وتحويل العلاقات العدائية التاريخية إلى تعاون اقتصادي. غير أن هذا المسار يحمل لإيران وجهين سلبيين: الأول خسارة دورها الترانزيتي وتراجع عائداتها في قطاع النقل، والثاني تعاظم الحضور غير المباشر لحلف شمال الأطلسي وإسرائيل في المنطقة عبر هذه المشاريع البنيوية.