صحيفة إيرانية تحذر: إهمال الاحتياجات الأساسية للمواطنين أخطر من التهديد الخارجي

رأت صحيفة جوان الإيرانية أن أهمية تصريحات أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني، تكمن في صدورها من شخصية أمنية، ما يعكس تداخل البعد المعيشي مع مفهوم الأمن القومي.

ميدل ايست نيوز: نشرت صحيفة “جوان” الإيرانية تحليلاً حول تصريحات علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بعدما أكد بصراحة أن “الإيرانيين يواجهون صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية، وهذا أكثر ما يبعث على الألم”.

ولفت لاريجاني إلى أن مشكلات مثل نقص الكهرباء والغاز، وإغلاق المصانع والأزمات المعيشية، رغم تعقيدها، تبقى “قابلة للحل” إذا توفرت الإرادة الجماعية.

ورأت الصحيفة المحافظة أن أهمية هذه التصريحات تكمن في صدورها من شخصية أمنية، ما يعكس تداخل البعد المعيشي مع مفهوم الأمن القومي، ويؤكد أن استقرار البلاد لا يمكن أن يتحقق دون ضمان حد أدنى من الرفاه الاجتماعي.

وبحسب جوان، فإن الاقتصاد الإيراني يعاني منذ سنوات من “عجوزات هيكلية” تمتد من قطاع الطاقة إلى الموازنة والنظام المصرفي. وأشارت إلى أن إيران، رغم امتلاكها احتياطيات ضخمة من الغاز، تعاني من انقطاعات في إمداد الصناعات وحتى الاستهلاك المنزلي، وهو ما وصفته بمؤشر واضح على سوء الإدارة. كما أن إغلاق المصانع لا يعني فقط توقف الإنتاج، بل يؤدي إلى بطالة، وتراجع القوة الشرائية، وركود في السوق المحلي.

واعتبرت الصحيفة أن ما وصفه لاريجاني بـ”الاحتياجات الأساسية” يعادل في المفهوم الاقتصادي “المعيشة الأساسية”، أي توفير الغذاء والملبس والمسكن والرعاية الصحية والتعليم الابتدائي. وأكدت أن التضخم أضعف هذا الأساس، حيث تحولت سلع عادية إلى كمالية، فيما لم تعد زيادة الأجور قادرة على مجاراة ارتفاع الأسعار. وأضافت أن الدعم النقدي أو ضخ السيولة قد يشكّل حلاً قصير المدى، لكنه لا يعالج جذور الأزمة، التي تكمن في تعزيز الإنتاج وخفض النفقات الحكومية غير الضرورية.

وفي ما يتعلق بالقطاع الصناعي، حذّر مستشار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي من توقف المصانع، في إشارة إلى تصريحات المرشد الأعلى التي شددت على أن “الإنتاج هو عماد الاقتصاد”. ولفتت الصحيفة إلى أن الصناعات تواجه عقبتين أساسيتين: صعوبة تأمين المواد الأولية، وارتفاع الفوائد المصرفية، وهو ما يدفع المستثمرين نحو قطاعات غير إنتاجية مثل الذهب والعقارات والعملات الأجنبية.

كما أشارت جوان إلى استمرار اعتماد الاقتصاد الإيراني على تصدير المواد الخام بدلاً من تطوير الصناعات التحويلية وخلق قيمة مضافة، وهو ما يحد من العوائد المستدامة وفرص العمل. يضاف إلى ذلك النظام الضريبي المعقد الذي يثقل كاهل المنتج والمستهلك على حد سواء، ما يؤدي إلى تباطؤ الدورة الاقتصادية.

وركزت الصحيفة على أن الثقة تشكّل “الحلقة المفقودة” في السياسات الاقتصادية، مؤكدة أن نجاح أي سياسة مرهون بمدى ثقة المواطنين بها، وأن تآكل هذه الثقة يجعل أي إجراء بلا جدوى. ومن هذا المنطلق، يمكن لتصريحات لاريجاني أن تسهم في ترميم جانب من الثقة المفقودة إذا رافقتها شفافية وعدالة في القرارات الاقتصادية.

وختمت الصحيفة بأن اعتبار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي قضية المعيشة على قدم المساواة مع قضية الأمن القومي، رسالة ينبغي للحكومة أخذها على محمل الجد، إذ إن المعيشة والأمن وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن ضمان الاستقرار الاجتماعي إلا إذا كان بمقدور المواطنين تأمين احتياجاتهم الأساسية بعيداً عن القلق.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى