من الصحافة الإيرانية: ما الذي تستطيع إيران مقايضته للحصول على تنازلات على طاولة المفاوضات النووية؟
من المقرر أن تُستأنف يوم الثلاثاء في فيينا المفاوضات بين إيران ودول الترويكا الأوروبية بعد توقف دام نحو شهر، وسط غموض بشأن الموقف الإيراني من هذه الجولة الجديدة.

ميدل ايست نيوز: من المقرر أن تُستأنف يوم الثلاثاء في فيينا المفاوضات بين إيران ودول الترويكا الأوروبية بعد توقف دام نحو شهر، وسط غموض بشأن الموقف الإيراني من هذه الجولة الجديدة. ووفقاً للتقارير، فإن الدول الأوروبية التي تملك ورقة تفعيل آلية الزناد، طرحت مقترحاً بتمديد تعليق القرارات الست السابقة الصادرة عن مجلس الأمن لفترة محدودة، بهدف إتاحة المزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي، فيما لم تُبدِ طهران موقفاً واضحاً تجاه هذا المقترح.
وكتبت صحيفة هم ميهن، أنه بحسب تقرير رسمي لوزارة الخارجية الإيرانية حول الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية عباس عراقجي مع نظرائه الأوروبيين والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فإن إيران لم تقدّم رداً حاسماً بشأن مقترح تمديد العمل بالقرار 2231. وجاء في التقرير أن وزير الخارجية الإيراني شدد رداً على تكرار الطرح الأوروبي على أن “هذا القرار أساساً من صلاحيات مجلس الأمن الدولي، والجمهورية الإسلامية، رغم امتلاكها مواقف ورؤى مبدئية، ليست طرفاً في هذا المسار”.
في المقابل، اتخذ علي لاريجاني، الأمين الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي، موقفاً أكثر صراحة، إذ قال إن إيران لا تقبل بتمديد القرار 2231، معتبراً أن ذلك يشكل “ترتيباً جديداً غير مقبول”، مضيفاً: “كان الاتفاق أن ينتهي الأمر خلال عشر سنوات، ولا يمكن الاستمرار بإضافة تمديدات جديدة. صحيح أن بعض الأصوات في الداخل اعتبرت قبول التمديد لستة أشهر خطوة جيدة، لكننا في المجمل لا نقبل ذلك”.
وتأتي هذه التطورات فيما تستعد إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية في وقت لم يتبقَ سوى أقل من أسبوع على انتهاء المهلة التي حدّدها الأوروبيون قبل تفعيل آلية “سناب باك”. وقد شددت العواصم الأوروبية على أنه إذا لم يتحقق تقدم ملموس في المفاوضات النووية بحلول نهاية أغسطس، فسيتم اللجوء إلى تفعيل هذه الآلية. ومع ذلك، يظل هناك مقترح بتمديد المهلة عبر قرار جديد يصدر عن مجلس الأمن يتيح وقتاً إضافياً للمفاوضات.
لكن ما المقصود بالتقدم الملموس الذي يشترطه الأوروبيون؟ وما الذي يطلبونه من إيران؟ وهل طهران مستعدة لتلبية هذه المطالب؟ تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة، بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين، تضغط من أجل وقف كامل لأنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران، بينما تؤكد طهران أن التخصيب قضية سيادية تمسّ الكرامة الوطنية ولا يمكن التخلي عنها. ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه السلطات الإيرانية أن الهجمات الأميركية على منشآتها النووية ألحقت أضراراً جسيمة بها، وأنه لا توجد حالياً أي أنشطة تخصيب نشطة.
وطرح بعد الدول فكرة أن تعلن طهران تعليق التخصيب لفترة زمنية محددة، لكن لم يتضح ما إذا كان ذلك سيلقى قبولاً لدى الغرب الذي يصر على وقف نهائي للتخصيب. وفي الداخل الإيراني، يلقى أي تنازل في ملف التخصيب معارضة شديدة. وقد أكد وزير الخارجية الإيراني مراراً أن بلاده لن تقبل أبداً وقف التخصيب، معتبراً ذلك “خطاً أحمر يمس كبرياء البلاد”.
وبالتوازي، أثارت دعوات بعض الشخصيات الإصلاحية في إيران إلى الدخول في مفاوضات شاملة وتعليق التخصيب ردود فعل غاضبة، إذ هاجم خطيب جمعة طهران أحمد خاتمي هذه الاقتراحات، مؤكداً أن “لا أحد يملك حق كسر الخطوط الحمراء”.
هذا التباين في المواقف يزيد من الغموض بشأن مسار المفاوضات النووية بين إيران والغرب، وسط تساؤلات حول ما يمكن أن يُطرح على طاولة الحوار، وما إذا كانت طهران مستعدة لتقديم تنازلات مقابل الحصول على ما تطالب به بشكل دائم، وهو رفع العقوبات بالكامل.
ويعتقد العديد من المحللين أنه رغم الحرب والهجوم الأميركي ـ الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية، ما زالت هناك فرصة لعقد صفقة مرضية للطرفين، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية واستعداداً لتقديم تنازلات متبادلة وملموسة.