انتقادات عراقية لاتفاق عمالي مع لبنان… ما السبب؟
رأى عراقيون أن الاتفاق العمالي مع لبنان يمس بمكانة الشباب العراقي وكفاءته، في وقت يواجه فيه البلد أزمة بطالة خانقة.

ميدل ايست نيوز: أشعل تصريح وزير العمل اللبناني محمد حيدر بشأن اتفاق مزمع مع الحكومة العراقية، يتضمن تدريب شباب عراقيين للعمل في قطاعي المطاعم والفنادق بلبنان مقابل تأهيل لبنانيين للعمل في قطاع النفط العراقي، موجة غضب وانتقادات واسعة داخل العراق. فقد رأى فيه كثيرون مساساً بمكانة الشباب العراقي وكفاءته، في وقت يواجه فيه البلد أزمة بطالة خانقة، إذ تشير بيانات وزارة الشباب والرياضة إلى أن معدل البطالة بين فئة الشباب (18–35 سنة) بلغ أكثر من 36% بحلول نهاية 2024، وارتفعت النسبة إلى أكثر من 50% في محافظات مثل المثنى وذي قار.
ويطالب الشباب بفرص حقيقية في إدارة ثروات بلدهم، لا بمقايضتها بوظائف في قطاع الضيافة، مؤكدين أن كفاءاتهم وقدراتهم تؤهلهم لقيادة التنمية وصياغة مستقبل اقتصادي مستقل وعادل. هذه التصريحات فتحت الباب مجدداً أمام تساؤلات جوهرية تتعلق بغياب رؤية حكومية واضحة لسياسات التشغيل، والاستخفاف بملف استراتيجي يرتبط بأمن العراق الاقتصادي ومستقبل أجياله، حسب مراقبين.
وكان وزير العمل اللبناني محمد حيدر قد أفاد، في تصريحاته الأخيرة بعد زيارته الرسمية إلى العراق، بأنه أتفق مع نظيره العراقي أحمد الأسدي على تبادل الخبرات والتدريب فقط، بعيداً عن أي حديث حول التوظيف أو استقدام عمالة.
وبرر بأن لبنان سيضع خبرته في الخدمات والسياحة والفندقة في متناول العراق، مقابل استفادة الشباب اللبناني من تجربة بغداد في النفط والغاز، كما شدد على أن ما أشيع عن تشغيل العراقيين في لبنان “ادعاء باطل” لم يصدر عنه مطلقاً.
مقايضة غير متوازنة بين لبنان والعراق
قال الخبير الاقتصادي كريم الحلو إن الطرح القائم على تدريب شباب عراقيين في مجالات الفندقة والسياحة مقابل تدريب لبنانيين على تجربة العراق في قطاع النفط والغاز يمثل مقايضة غير متوازنة، وتقلل من قيمة الكفاءات العراقية، خاصة في بلد يزخر بالطاقات المعطلة التي تنتظر فرصاً حقيقية. وأوضح الحلو، لـ”العربي الجديد”، أن العراق يمتلك آلاف الخريجين في التخصصات النفطية والهندسية الذين ما زالوا يواجهون البطالة والتهميش، وكان الأجدر بالحكومة أن تضع برامج تشغيل واضحة لاستيعابهم داخل القطاع النفطي، لا أن تفتح الباب أمام كوادر أجنبية لتتقاسم فرص العمل معهم.
وأضاف أن اختزال دور الشباب العراقيين في مجالات الضيافة يكرس صورة سلبية عنهم ويعكس خللاً خطيراً في إدارة ملف التشغيل، وأن “مثل هذه الطروحات تبعث رسالة مقلقة للمستثمرين وللرأي العام الدولي، إذ توحي بأن العراق غير قادر على توظيف موارده البشرية بالشكل الصحيح، الأمر الذي يضعف صورته دولةً تمتلك واحدة من أكبر الثروات النفطية في العالم.
وأكد الحلو أن العراق اليوم بحاجة إلى سياسات اقتصادية رشيدة تجعل من النفط قطاعاً سيادياً يدار حصراً بالكفاءات العراقية، مع فتح المجال لشراكات تبادلية حقيقية؛ فلبنان يمكن أن يقدّم خبراته في السياحة والفندقة لتطوير هذا القطاع داخل العراق، فيما يمكن للعراق أن يشارك خبراته النفطية عبر برامج أكاديمية ودراسات مشتركة، وليس عبر مقايضات تهدر الطاقات وتزيد من معدلات البطالة.
تفضيل الكفاءات العراقية
من جانبها، قالت عضو لجنة العمل في مجلس النواب العراقي منال حميد إن ملف البطالة من أبرز التحديات التي يواجهها العراق اليوم، ولا يمكن القبول بأي حلول سطحية أو غير متكافئة مثل تدريب شبابنا في وظائف ثانوية مقابل فتح أبواب قطاع النفط أمام عمالة أجنبية. وأضافت، لـ”العربي الجديد”، أن البرلمان يعمل على صياغة تشريعات تضمن تفضيل تشغيل الكفاءات العراقية في القطاعات السيادية، ومراقبة أداء الحكومة في ملف التوظيف، إلى جانب متابعة تنفيذ قانون الضمان الاجتماعي الذي يشكل خطوة أساسية لحماية العمال وتوسيع فرص العمل.