كيف علقت الصحف الأصولية في إيران على إعادة تفعيل آلية الزناد؟
أثار تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات على إيران، المعروفة بآلية الزناد، من جانب الدول الأوروبية خلال الأيام الأخيرة، موجة واسعة من ردود الفعل داخل وخارج إيران.

ميدل ايست نيوز: أثار تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات على إيران، المعروفة بآلية الزناد، من جانب الدول الأوروبية خلال الأيام الأخيرة، موجة واسعة من ردود الفعل داخل وخارج إيران.
وقال حسين شريعتمداري، مدير صحيفة “كيهان”، في مقال له إن خطوة الدول الأوروبية الثلاث بتفعيل آلية الزناد “ابتزازية ومهينة وتمثل امتداداً للحرب التي استمرت 12 يوماً”، مؤكداً أن “الرد المشرف الوحيد لإيران هو الانسحاب الفوري من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف شريعتمداري، في إشارة إلى الإعلان الرسمي من فرنسا وألمانيا وبريطانيا: “هل ما قامت به الترويكا الأوروبية، في وقت لم يعد للاتفاق النووي وجود بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، ليس إجراءً غير قانوني وابتزازياً ومهيناً؟! إذا كان الأمر كذلك – وهو كذلك – فلماذا نواصل التفاوض مع أوروبا ولماذا لا ننسحب من معاهدة الحظر النووي؟!”.
وأكد أن التحذير من أن “الملف النووي مجرد ذريعة” طُرح قبل 23 عاماً، وأن السبيل الوحيد هو الخروج من المعاهدة. واعتبر أن الخطوة الأوروبية الأخيرة تمثل “مشروعاً لتعويض فشل الولايات المتحدة وإسرائيل” في الحرب الأخيرة، قائلاً: “لا شك أن ما أقدمت عليه الدول الأوروبية الثلاث امتداد للحرب التي استمرت 12 يوماً، ويهدف إلى تعويض هزيمة أميركا والكيان الصهيوني. لم يعد الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية مجرد ضرورة مؤجلة، بل هو هجوم مضاد من جانب إيران، وأي تأخير في تنفيذه سيُعد تنازلاً للخصم”.
وأعلن مدير صحيفة كيهان المقربة من مكتب المرشد الأعلى الإيراني دعمه لمشروع القانون الثلاثي العاجل في البرلمان، وكتب: “إقرار هذا المشروع يمثل رداً حازماً ومشرفاً على العدو، كما أنه دعم لوزارة الخارجية في تنفيذ خطوة ضرورية طال تأجيلها”.
وفي تقرير آخر، تبنت صحيفة “كيهان” الموقف ذاته، قائلة: “فعلت أوروبا بكل وقاحة آلية الزناد لتدق المسمار الأخير في نعش الاتفاق النووي، غافلة عن أن رد إيران لا يتجاوز جملة واحدة: الانسحاب من معاهدة الحظر النووي. هذا القرار سيكون صفعة قاسية لن تغيّر فقط حسابات الولايات المتحدة وأوروبا، بل ستعيد رسم معادلات القوة في المنطقة”.
من جانبه، وصف غلام رضا صادقيان، رئيس تحرير صحيفة “جوان”، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، آلية الزناد بأنها ليست إطلاقاً أداة قانونية بل “آلية لإحداث انقسام”. ورأى أن الولايات المتحدة وأوروبا لم يأتيا يوماً إلى طاولة المفاوضات بهدف رفع العقوبات، بل لفرض ضغوط اقتصادية وإثارة الانقسامات الداخلية في إيران. وكتب: “الغرب يدير المفاوضات بمهارة ليشغلنا بخلافاتنا الداخلية، فيما يضمن هو عدم رفع أي عقوبات”.
وأشار صادقيان إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع بقاء أوروبا فيه كان مخططاً مسبقاً، لضمان استمرار العقوبات والاستفادة من آليات الاتفاق، مثل آلية الزناد، ضد إيران. وأكد: “إذا كانت أميركا قادرة دائماً على جر أوروبا خلفها، فلماذا لم تصر حينها على خروجها من الاتفاق؟ السبب أن بقاء أوروبا كان ضرورياً لامتلاك أدوات الضغط من داخل الاتفاق نفسه”.
وأضاف أن الانقسامات الداخلية بشأن الاتفاق النووي تتماشى مع ما يريده الغرب، موضحاً: “التيار الغالب في النقاشات الداخلية حول آلية الزناد ينقسم إلى جبهتين، وكلتاهما تعتبر طريقة تعامل إيران مع الاتفاق النووي سبباً للوضع الراهن، بينما الحقيقة أن الغرب دخل اللعبة بهذا الهدف تحديداً”.
وختم رئيس تحرير صحيفة جوان بالتحذير من أن آلية الزناد وصلت اليوم إلى هدفها الأساسي، وهو أن تتحول إلى “آلية تفرقة”، مضيفاً أن عدداً كبيراً من الكتّاب والمعلقين في الداخل، عن قصد أو من دون قصد، أصبحوا يخدمون أهداف الغرب.
وأعلنت دول “الترويكا الأوروبية”، الخميس، أنها قامت بإعادة تفعيل آلية فرض العقوبات على إيران “لعدم امتثالها للاتفاق النووي وتجاوزها الحدود المقررة بشأن تخصيب اليورانيوم منذ سنوات”.
و”آلية الزناد” أو Snapback Mechanism هي إجراء يسمح بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران دون الحاجة إلى تصويت في مجلس الأمن، إذا اعتُبرت طهران في حالة “عدم امتثال جوهري” للاتفاق النووي، واستخدمته واشنطن بشكل منفرد عام 2020 دون إجماع دولي، ما أثار خلافاً قانونياً واسعاً حول صلاحية الإجراء، خاصة بعد انسحابها من الاتفاق.