من الصحافة الإيرانية: إيران أمام مرحلة دبلوماسية حساسة بعد تفعيل الأوروبيين آلية الزناد

أكد محلل بارز في القضايا الدولية أن قرارات طهران في هذه المرحلة لا تعتمد فقط على الإرادة الداخلية بل تتوقف أيضاً على مدى مرونة أو تشدد المواقف الأوروبية والأمريكية.

ميدل ايست نيوز: في رد على الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية الزناد ضد إيران، دخلت الدبلوماسية الإيرانية مرحلة حساسة من شأنها أن تحدد مسار المفاوضات النووية والوضعين الاقتصادي والأمني للبلاد في الأشهر المقبلة.

وأوضح جلال ميرزايي، النائب السابق وأستاذ العلوم السياسية والمحلل البارز في القضايا الدولية، في حديث مع صحيفة “شرق” أن لهذا التحرك انعكاسات نفسية واضحة، مؤكداً أن قرارات طهران في هذه المرحلة لا تعتمد فقط على الإرادة الداخلية بل تتوقف أيضاً على مدى مرونة أو تشدد المواقف الأوروبية والأمريكية.

وأشار إلى المقترح العاجل المتعلق بخروج إيران من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، موضحاً أن سياسة طهران في الثلاثين يوماً المقبلة يمكن أن تسلك أحد مسارين: إما الرد التصادمي والراديكالي مثل الانسحاب من المعاهدة، أو الاستمرار في سياسة الانخراط الذكي. وأضاف أن استمرار تصلب المواقف الأوروبية والأمريكية وغياب المرونة قد يرفع منسوب التوتر ويعمّق الأزمة الدولية.

وأكد أن الكرة ليست في ملعب إيران وحدها، إذ إن نجاح أي مفاوضات أو اتفاق مشروط أيضاً بتغيير نهج الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن رسالة الأوروبيين إلى مجلس الأمن، إلى جانب تفعيل “سناب باك”، أدت إلى تصاعد التوترات وأثرت نفسياً على سوقي الصرف والذهب داخل إيران. لكنه شدد على أن هذه التأثيرات مؤقتة وقابلة للإدارة من قبل الحكومة، محذراً في الوقت نفسه من أن أي تصعيد إضافي قد يفتح الباب أمام احتجاجات داخلية مدفوعة بحسابات المعارضة وتقديرات المراقبين الخارجيين.

ورأى ميرزايي أن الأوروبيين في الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة سيتابعون رد فعل الشارع الإيراني، وأنه في حال عدم حدوث اضطرابات اقتصادية أو اجتماعية كبيرة، ستنطلق مفاوضات أكثر جدية مع الأوروبيين والأمريكيين بهدف إبداء مرونة والوصول إلى اتفاق.

وأشار المحلل البارز في القضايا الدولية أيضاً إلى دور إسرائيل باعتبارها “لاعباً معرقلاً”، موضحاً أن تأثيرها قائم فقط عبر الدعم الأوروبي والأمريكي، وأنها لا تملك قدرة مستقلة على فرض معادلات جديدة بمعزل عن سياسات واشنطن والعواصم الأوروبية.

وأضاف أن هذه المرحلة الدقيقة تتيح لإيران فرصة دبلوماسية لتعزيز التماسك الوطني وتجنب الانقسامات الداخلية، مع الاستمرار في نهجها النووي السلمي. وبيّن أن تحرك الأوروبيين أقرب إلى عملية نفسية وإعلامية منه إلى إجراء عملي، مشدداً على أن طهران قادرة على إدارة الموقف بذكاء والمضي في برامجها السلمية من دون الإضرار بمصالحها الوطنية.

وشدد على أن مخرجات أي مفاوضات أو اجتماعات مقبلة لن تصل إلى اتفاق إلا إذا أبدى الأوروبيون والأمريكيون مرونة وتخلوا عن تحميل إيران وحدها مسؤولية التوصل إلى تفاهم. وأكد أن التعاون البنّاء يمكن أن يخفف حدة التوتر، لكن استمرار السياسات المتشددة سيجعل طهران مضطرة لوضع خيارات تصادمية وردود فعل متناسبة على الطاولة.

وختم ميرزايي بالتأكيد على أن الدبلوماسية الإيرانية في هذه المرحلة تستوجب تقييماً دقيقاً للتطورات الداخلية والخارجية، وأن القرارات خلال الثلاثين يوماً المقبلة قد تحدد مسار البرنامج النووي، ومستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وشكل العلاقة مع أطراف الاتفاق النووي. وأوضح أن الحفاظ على الوحدة الوطنية، والاستعداد لخطوات مضادة محدودة، وإدارة العقوبات بفاعلية، هي استراتيجيات يمكن أن تجنب إيران الانزلاق إلى أزمة واسعة، مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام المفاوضات وتخفيف الضغوط الدولية.

وأكد أن المعادلات النووية والدبلوماسية الإيرانية تظل جزءاً من شبكة تفاعلات إقليمية ودولية معقدة، وأن القرارات المتخذة في هذه المرحلة الحساسة ستكون حاسمة في رسم مسار الدبلوماسية الإيرانية في الأشهر المقبلة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر + سبعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى