من الصحافة الإيرانية: أميركا متلهفة لتفعيل آلية الزناد
من واجب إيران أن تبذل كل ما في وسعها خلال الأيام الـ28 المقبلة لمنع اكتمال مسار آلية الزناد. أما التهديدات بخطوات مثل الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وما شابهها، فلن يكون لها أي أثر في تغيير هذا المسار الجاري.

ميدل ايست نيوز: مع رسالة وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث إلى رئيس مجلس الأمن بشأن تفعيل آلية الزناد، انطلق مسار قد يقود تلقائياً إلى إعادة تفعيل ستة قرارات أممية ضد إيران. هذا المسار، الذي يمتد لثلاثين يوماً، يمكن أن يتوقف في منتصف الطريق إذا ما جرى التوافق على تمديد مهلة انتهاء صلاحية القرار 2231 وآلية الزناد الواردة في الفقرة 11 منه، ما يتيح فرصة جديدة للدبلوماسية بين إيران والدول الغربية لحل الخلافات القائمة، وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى استبعاد خيار اللجوء إلى إعادة فرض العقوبات.
وقال الدبلوماسي الإيراني السابق كوروش أحمدي، في مقال له نشرته صحيفة شرق، إنه لا شك أن عودة القرارات السابقة ستضيف مشكلات اقتصادية ومالية جديدة إلى الأضرار القائمة بالفعل بفعل العقوبات الأميركية الأحادية، غير أن خطورتها الكبرى تكمن في الإطار القانوني الدولي الذي توفره لتثبيت العقوبات الأميركية وتعزيزها، بل وتهيئة الظروف لاحتمال اتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران. كما أن عودة إيران مجدداً إلى وضعية قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع، مع إعادة فرض حظر التخصيب واعتباره تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ستسلب طهران ورقة ضغط مهمة وتضيف ورقة جديدة إلى رصيد خصومها. فضلاً عن ذلك، فإن إلغاء هذه القرارات مجدداً سيتطلب موافقة كل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وهو أمر معقد للغاية. وبناءً على ما سبق، فإن الأولوية القصوى لإيران خلال الأيام الـ28 المقبلة يجب أن تتركز على بذل جهد جاد للحيلولة دون عودة هذه القرارات، ولا يبدو أن مشروع القرار الروسي، المطروح بلا تنسيق مع بقية الأعضاء الدائمين، يمكن التعويل عليه، خاصة أن الدول الأوروبية الثلاث أعلنت رفضها له لعدم مراعاته شروطها ولأنه يقيد خيار تفعيل آلية الزناد لمدة ستة أشهر.
في الواقع، الطريق العملي الوحيد المتاح حالياً هو العمل مع الدول الأوروبية الثلاث حول شروطها الثلاثة، وهي الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعالجة مسألة اليورانيوم المخصب داخل إيران. الشرط الأول لا يمثل مشكلة بالنسبة لطهران منذ فترة، أما الشرطان الثاني والثالث، فإيران منخرطة في تعاونهما منذ سنوات، لكن تفعيل هذا التعاون في ظل الظروف الحالية قد يحتاج وقتاً. وفي حين تبدي الدول الأوروبية استعدادها للتعاون ضمن المهلة المحددة بثلاثين يوماً، فقد أوضحت واشنطن أنها غير مهتمة بأي جهد من شأنه وقف مسار إعادة فرض القرارات الستة.
ففي البيان والمقال المنشورين في موقع “بوليتيكو” عقب رسالة الأوروبيين إلى مجلس الأمن، جاء أن الدول الثلاث ستستغل “الأيام الثلاثين المقبلة للعمل مع إيران من أجل تمديد المهلة أو التوصل إلى أي مسار دبلوماسي آخر”. هذا الموقف تكرر أيضاً في بيانات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. لكن بيان وزارة الخارجية الأميركية خلا من أي مضمون مشابه، بل اكتفى بتوجيه الشكر للأوروبيين والإعلان عن استعداد الولايات المتحدة “للتعاون مع أعضاء مجلس الأمن لإنجاز عملية إعادة فرض العقوبات بنجاح”، مضيفاً أن “واشنطن ستبقى منفتحة على العمل لحل المسألة النووية الإيرانية”، وأن “تفعيل آلية الزناد سيعزز استعداد الولايات المتحدة للانخراط دبلوماسياً”.
هذا الموقف الأميركي يعكس إصرار واشنطن على تنفيذ آلية الزناد وإعادة فرض القرارات الأممية، خصوصاً أنها كانت قد خسرت ورقة ضغط مهمة مع إلغاء تلك القرارات، وهي الآن حريصة على استعادتها والعودة إلى موقع يتيح لها استخدام الفيتو لمنع أي محاولة مستقبلية لإلغائها. ما يعني أن تفعيل آلية الزناد سيمنح الولايات المتحدة أداة قوية للتحكم في أي اتفاق مع إيران بشكل منفرد، بعيداً عن بقية الأطراف الدولية. ولا يخفى أن إسرائيل تنتظر هذا التطور بفارغ الصبر.
لذلك، فإن من واجب إيران أن تبذل كل ما في وسعها خلال الأيام الـ28 المقبلة لمنع اكتمال مسار آلية الزناد. أما التهديدات بخطوات مثل الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وما شابهها، فلن يكون لها أي أثر في تغيير هذا المسار الجاري.



