من الصحافة الإيرانية: القلق من آلية الزناد أشبه بـ”الخوف من بعبع”
ذكرت صحيفة مقربة من الحرس الثوري الإيراني أن بعض وسائل الإعلام والمسؤولين في الداخل الإيراني أعربوا عن قلق عميق من تبعات تفعيل آلية الزناد.

ميدل ايست نيوز: ذكرت صحيفة مقربة من الحرس الثوري الإيراني أن بعض وسائل الإعلام والمسؤولين في الداخل الإيراني أعربوا عن قلق عميق من تبعات تفعيل آلية الزناد، مشيرة إلى أن هذا القلق يعود بجذوره إلى أجواء العقدين الماضيين، حين جرى التعامل مع قرارات مجلس الأمن بجدية مفرطة نتيجة تقديرات سياسية أو قراءات خاطئة لطبيعة العلاقات الدولية، في حين أن العقوبات الأميركية الأحادية أثبتت عملياً أنها أكثر تأثيراً بكثير من عقوبات مجلس الأمن. وأضافت الصحيفة أن القلق الحالي من تفعيل آلية الزناد أشبه بـ”الخوف من بعبع” أكثر من كونه مبنياً على واقع ملموس.
وأوضحت صحيفة “جوان” أن قرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار 1929 الذي يعد الأوسع نطاقاً، تركز أساساً على جزء من الأنشطة النووية والعسكرية الإيرانية، حيث تسمح هذه القرارات للدول بتفتيش السفن المشتبه بحملها مواد مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، مع إمكانية مصادرتها. غير أن هذه القرارات لم تمس بشكل مباشر البنية الرئيسية للاقتصاد الإيراني، مثل مبيعات النفط. والدليل على ذلك أنه رغم صدور هذه القرارات في السابق، لم يسجل تأثير ملموس على حجم التجارة الخارجية لإيران، باستثناء زيادة بعض التكاليف الجانبية كالتأمين والشحن البحري.
قدرة الاقتصاد الإيراني على التغلب على العقوبات
وأكدت الصحيفة أن الانخفاض الكبير في مبيعات النفط الإيرانية في بداية ونهاية العقد الثاني من الألفية الثانية كان نتيجة موجتين من العقوبات الأميركية الأحادية، ومع ذلك تمكن التجار والمسؤولون الإيرانيون بمرور الوقت من إيجاد طرق متعددة للالتفاف على هذه العقوبات، إلى حد أن المسؤولين الأميركيين اعترفوا علناً بفشل استراتيجية “الضغط الأقصى”. كما أظهرت بيانات الأشهر الستة الماضية أن هذه العقوبات لم تعد ذات أثر ملموس على مبيعات النفط، وهو ما يدل على نجاح شبكة تصدير النفط الإيرانية في تحصين نفسها ضد الضغوط الأميركية، ويشكل دليلاً آخر على محدودية تأثير آلية الزناد على الاقتصاد الإيراني.
وأشارت الصحيفة المحافظة إلى أن استعراض آثار قرارات مجلس الأمن والعقوبات الأميركية يوضح أن تفعيل آلية الزناد لا يمكن أن يترك أثراً حقيقياً أو مباشراً على التجارة والاقتصاد الإيرانيين. لكنها حذرت من أن تضخيم حجم هذا التهديد من قبل بعض وسائل الإعلام قد يسهم في خلق أجواء نفسية سلبية وربما يربك عملية صنع القرار السياسي.
وأضافت أن الخطر الأبرز في آلية الزناد يتمثل في تداعياتها النفسية والتوقعات المرتبطة بها أكثر من تأثيرها الاقتصادي المباشر، إذ قد تؤدي، إذا لم تتم إدارتها، إلى دفع السيولة نحو الأسواق غير المنتجة مثل العملات والذهب وحتى العقارات، ما يفضي إلى تراجع قيمة العملة الوطنية، وزيادة التضخم، وتراجع الاستثمارات الإنتاجية.
وختمت الصحيفة بالقول إن المواجهة الصحيحة لا تقتصر على ضبط الأسواق بل تشمل إدارة الخطاب والتحكم في التوقعات، وذلك من خلال حضور نشط ومنسق للمسؤولين في وسائل الإعلام لشرح أبعاد القضية، واعتماد سياسة نقدية مدروسة، وضخ الموارد بشكل هادف في اللحظات الحساسة، وتفعيل الأدوات المالية والضريبية للحد من جاذبية الأسواق غير المنتجة، مقابل توجيه السيولة نحو السندات وسوق المال، وتعزيز الرسائل المطمئنة بشأن استقرار التجارة الخارجية والسلع الأساسية، مع تجنب إرسال إشارات متناقضة للأسواق، باعتبار ذلك منظومة من الاستراتيجيات القادرة على تحييد الأثر النفسي لآلية الزناد ومنع انعكاسها السلبي على الاقتصاد.