إيران.. سوق سوداء نشطة للأرحام المستأجرة والأجنة الموهوبة
يواجه المصابون بالعقم في إيران أزمة مركبة لا تقتصر على الجانب الطبي، بل تشمل تكاليف مرهقة وضغوطاً نفسية وعجزاً تأمينياً ونقصاً في البنية التحتية وتوسع السوق السوداء.

ميدل ايست نيوز: تحول العقم في إيران إلى أزمة خفية لكنها باهظة الكلفة؛ تبدأ من رسوم علاجية بمئات الملايين، مروراً بتغطية تأمينية لا تتجاوز الورق، وصولاً إلى سوق سوداء للأرحام المستأجرة والأجنة الموهوبة، جعلت حلم الإنجاب تجارة مُرّة.
ورغم أن السياسات العامة في إيران تشدد على “زيادة السكان” و”دعم الإنجاب”، تكشف المشاهدات الميدانية أن الأزواج المصابين بالعقم يواجهون تكاليف باهظة، وبيروقراطية معقدة، ونقصاً في الدعم التأميني.
وجاء في تقرير لصحيفة “فرهيختكان”، أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن نحو 3.5 مليون زوج في إيران يعانون العقم، فيما يُلزم قانون “دعم الأسرة وتجديد شباب السكان” الحكومة بتوفير الدعم المالي والدوائي. غير أن الفجوة بين “النص القانوني” و”الواقع الميداني” واسعة لدرجة أن كثيراً من الأسر يتخلون عن فكرة الإنجاب.
ووفقاً للتقرير، فإن تكلفة دورة علاج كاملة للعقم حتى في المراكز الحكومية قد تتجاوز راتب شهر كامل لعامل، بينما تصل في المراكز الخاصة إلى مئات الملايين من التومانات. وقال زوجان للصحيفة: “اضطررنا لدفع أكثر من 60 مليون تومان مقابل كل دورة فحص. التأمين لم يغطي شيئاً. حتى التحاليل التي أجريناها في مركز آخر لم تُعترف بها هنا، واضطررنا لإعادتها بالكامل”.
أما في العلاجات البديلة، فتصل تكلفة استئجار رحم إلى ما بين 500 مليون ومليار تومان، في حين تتراوح تكلفة الحصول على بويضة أو جنين موهوب بين 15 و45 مليون تومان. هذه الظروف أنشأت سوقاً سوداء نشطة يديرها سماسرة، حوّلوا حلم الإنجاب إلى سلعة تجارية.
كما أشارت الصحيفة إلى تردي أوضاع بعض المراكز الطبية؛ أقسام في أقبية، وبيئات باردة تفتقر للخصوصية، ونقص الأطباء المهرة في المراكز الحكومية، ما يدفع العائلات نحو المراكز الخاصة حيث التكاليف أعلى بكثير.
ورغم القرارات الحكومية والتعليمات الرسمية التي تنص على تغطية تأمينية تصل إلى 90% من التكاليف في المراكز الحكومية و70% في المراكز الخاصة، يؤكد المرضى أن “شركات التأمين إما لا تغطي الخدمات فعلياً أو تجعل عملية استرداد التكاليف طويلة ومرهقة”.
وبحسب فرهيختكان، فإن الأزواج المصابين بالعقم في إيران يواجهون أزمة مركبة لا تقتصر على الجانب الطبي، بل تشمل تكاليف مرهقة وضغوطاً نفسية وعجزاً تأمينياً ونقصاً في البنية التحتية وتوسع السوق السوداء. أزمة، إن لم تؤخذ بجدية، قد تتحول إلى أحد أبرز معوقات السياسات السكانية في البلاد.



