تقرير للحكومة البريطانية: إيران تشكل تهديداً مستمراً ومتعدد الأبعاد

شدّد تقرير رسمي للحكومة البريطانية على أهمية التهديدات المستمرة والمتعددة الأبعاد للجمهورية الإسلامية، وهو ما اعتبرته بريطانيا إحدى الأولويات الأساسية لأمنها القومي التي تستلزم وضع خطة طويلة الأمد لمواجهتها.

ميدل ايست نيوز: في ردّ رسمي على تقرير لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان حول إيران، وصفت الحكومة البريطانية الهدف الرئيسي للجمهورية الإسلامية بأنه البقاء والحفاظ على النظام. وقد شدّد التقرير على أهمية التهديدات المستمرة والمتعددة الأبعاد للجمهورية الإسلامية، وهو ما اعتبرته بريطانيا إحدى الأولويات الأساسية لأمنها القومي التي تستلزم وضع خطة طويلة الأمد لمواجهتها.

وأكّدت الحكومة البريطانية أن العداء الأيديولوجي لإسرائيل، منذ شعارات بداية الثورة وحتى اليوم، قد أصبح جزءًا من الهوية البنيوية للنظام، معتبرةً أن هذا الموقف ليس مجرد أداة سياسية بل هو جذري ودائم يشكّل تهديدًا مستمرًا لاستقرار الشرق الأوسط.

أوضح التقرير، الذي جُمعت أدلته بين أغسطس 2021 وأغسطس 2023، صورة عن المخاطر الناشئة من الجمهورية الإسلامية، وقال إن الحكومة البريطانية قامت، بالتركيز على مواجهة هذه التهديدات، باتخاذ إجراءات واسعة في مجالات السياسة والأمن والتعاون الدولي.

وبحسب التقرير، يقف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في صميم هذه التهديدات، إذ يمتلك السلطة النهائية في اتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية والداخلية. كما أشار التقرير إلى أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية، بما فيها وزارة الاستخبارات (اطلاعات) والحرس الثوري، تتمتع رغم الإطار العام لعملها بقدر من الاستقلالية يؤدي أحيانًا إلى غياب التنسيق وصعوبة التنبؤ. وهذا الهيكل التنافسي يزيد من خطر التصعيد غير المنضبط في علاقات إيران مع بريطانيا والمنطقة.

ترى بريطانيا أن تهديدات الجمهورية الإسلامية تنقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية: الحفاظ على بقاء النظام، توسيع النفوذ الإقليمي، ومواجهة نفوذ الغرب. وتسعى طهران عبر تطوير قدراتها غير المتماثلة وشبكة من الجماعات شبه العسكرية والإرهابية في الشرق الأوسط إلى الاستمرار في البقاء وتوسيع نفوذها. كما يؤكد التقرير أن العداء الأيديولوجي لإسرائيل متجذّر في “الحمض النووي” للنظام منذ الثورة الإسلامية.

وجاء في التقرير أن تهديدات طهران ضد بريطانيا تشمل أنشطة مباشرة ودعمًا لجماعات غير حكومية، يمكن أن تتخذ شكل هجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة، أو عمليات سيبرانية، أو تهديدات ضد التجارة وخطوط الشحن البحري. كما يواجه البريطانيون ومزدوجو الجنسية في إيران خطر الاعتقال التعسفي.

وفي سياق السياسة الخارجية، يوضح التقرير أن إيران عزّزت علاقاتها مع روسيا بدافع مصالح سياسية وعسكرية، بما في ذلك تعاون استخباراتي مشترك، كما تواصل علاقاتها مع الصين القائمة على المصالح الاقتصادية والسياسية. هذه التفاعلات الدولية، إلى جانب العداء لإسرائيل والتنافس الإقليمي، ترسم صورة معقدة لتهديد إيران.

ووفقًا للأجهزة الأمنية في لندن، حاولت إيران مرارًا في السنوات الأخيرة تنفيذ عمليات اغتيال على الأراضي البريطانية. وفي الداخل، اتخذت الحكومة إجراءات واسعة لمواجهة هذه التهديدات، منها: إدراج كامل الحكومة الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات، ضمن المستوى المتقدم لخطة تسجيل النفوذ الأجنبي (FIRS)، فرض أكثر من 500 عقوبة على أفراد وكيانات مرتبطة بإيران، واستحداث أدوات قانونية جديدة للتعامل مع التهديدات الحكومية. كما تحركت أجهزة الأمن البريطانية، ومن بينها MI5 وGCHQ، لمواجهة 20 مخططًا تهديديًا ضد مواطنين بريطانيين منذ عام 2022.

كما شدّدت الحكومة على أن التعاون مع الشركاء الدوليين، خصوصًا الولايات المتحدة، أمر حيوي لمواجهة تهديدات إيران، معتبرةً أن هذا التعاون هو من أهم أدوات بريطانيا لتقليل المخاطر الأمنية. ويشمل ذلك تبادل المعلومات، التنسيق العملياتي، وضمان احترام الخطوط الحمراء القانونية والأخلاقية.

وفي السياسة الداخلية، يتركز الجهد على حماية الديمقراطية ومنع التدخلات الأجنبية في الانتخابات والعمليات السياسية في بريطانيا.

وأقرّت الحكومة البريطانية بأن التركيز السابق على إدارة الأزمات قصيرة الأمد حال دون وضع استراتيجية طويلة الأمد إزاء الجمهورية الإسلامية. وقد اعترفت لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان والحكومة معًا بأن سياسة بريطانيا تجاه إيران كانت أقرب إلى «إدارة أزمة مؤقتة» أكثر من كونها استراتيجية شاملة. كما اعتُبر نقص الخبراء المختصين في الشأن الإيراني واللغة الفارسية من نقاط الضعف الرئيسة في الجهاز الدبلوماسي والأمني البريطاني. أما اليوم، فإن الاستراتيجية الوطنية للأمن والمراجعة الدفاعية الاستراتيجية 2025، بالتركيز على الشرق الأوسط وتهديدات إيران، تحدّد إطار عمل الحكومة وتؤكد التزامها بمواجهة أنشطة طهران على المدى الطويل.

وفي الختام، يصوّر التقرير البريطاني إيران كدولة ذات سياسات معقدة وأحيانًا غير قابلة للتنبؤ، تتسم بعداء لإسرائيل، ودعم للجماعات الإقليمية، ومعارضة لنفوذ الغرب كجزء من طبيعة النظام و«حمضه النووي». وتسعى بريطانيا عبر العقوبات، والإجراءات الأمنية، والتعاون الدولي، وتطوير الأدوات القانونية إلى إدارة هذا التهديد وحماية مصالحها الوطنية ومواطنيها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى