خبير اقتصادي: تفعيل آلية الزناد يعني حرباً اقتصادية شاملة ضد الشعب الإيراني
قال خبير في الشؤون الاقتصادية إنه ليس من العدل أن ينظر إلى الشعب الإيراني كخطر على الأمن العالمي. يجب انتهاج سياسة حكيمة تحول دون تفعيل آلية الزناد، والاستفادة من التفاوض كأداة.

ميدل ايست نيوز: أرسل وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا) رسالة إلى مجلس الأمن الدولي أعلنوا فيها رسمياً تفعيل آلية الزناد، وهي خطوة قد تؤدي في حال استكمال مراحلها إلى إعادة فرض القرارات المجمّدة ضد إيران ووضعها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
هذه التطورات تأتي في وقت يهدد فيه إحياء العقوبات الدولية بدفع الأوضاع السياسية والاقتصادية في إيران إلى مرحلة شديدة التعقيد وزيادة التوتر بين طهران والغرب.
واستندا الأوروبيون في خطوتهم إلى ما وصفوه بـ«انتهاك إيران لالتزاماتها النووية»، فيما ردّت وزارة الخارجية الإيرانية ببيان شديد اللهجة اعتبرت فيه الإجراء «باطلاً وعديم الأثر»، مؤكدة أن أوروبا تفتقر إلى الصلاحية القانونية والأخلاقية لتفعيل الآلية.
وفي هذا السياق، قال مهدي بازوكي، الخبير الاقتصادي وأستاذ جامعة علامه طباطبائي، في حديث لموقع «دیده بان ایران» إن تفعيل آلية الزناد، إذا ما جرى تنفيذه، «يعني حرباً اقتصادية شاملة ضد الشعب الإيراني»، مضيفاً: «لا أحد يوزع الخبز والحلوى في خضم الحرب. اليوم الولايات المتحدة خصم لنا، لكن إذا فُعّلت الآلية فسنُعتبر مهددين للأمن العالمي، وجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ستخلق لنا مشكلات. إذا تمكّنا عبر دبلوماسية نشطة من منع هذا المسار، فسيكون ذلك خدمة كبيرة للاقتصاد والبلاد».
وأوضح أن «الحرب الاقتصادية الشاملة» تعني عملياً عودة قرارات مجلس الأمن السابقة، وهي نفسها التي وُصفت في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد بأنها مجرد «قصاصات ورق» ولم يعرها المتشددون اهتماماً. وأكد أن إعادة تنفيذ تلك القرارات من شأنه أن يوجه ضربة قاسية إلى المؤشرات الاقتصادية في البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي إن أحد أسباب الارتفاع الكبير في أسعار الذهب والعملات وتراجع قيمة العملة الوطنية في الأيام الأخيرة هو تصاعد التوقعات التضخمية، مضيفاً أن «كلما زادت هذه التوقعات، تراجعت الثقة بالمستقبل وسيطر اليأس على سلوك الناس، ما يدفعهم إلى تحويل مدخراتهم إلى ذهب وعملات أجنبية».
ولفت بازوكي إلى أن تداعيات هذه الأزمة تضغط بشكل مباشر على الشرائح الفقيرة، قائلاً: «عندما يرتفع التضخم، ليس بمقدور جميع المواطنين تحويل أصولهم إلى ذهب أو عملات. الشرائح الضعيفة هي الأكثر تضرراً، لأنها تفقد قدرتها الشرائية بسرعة، فيما يربح أصحاب رؤوس الأموال الذين يحوّلون مدخراتهم إلى ذهب وعملات».
قد تتراجع صادرات النفط إلى أقل من 500 ألف برميل
وحذر الخبير الاقتصادي من الاعتقاد بأن تفعيل آلية الزناد لا يختلف عن العقوبات القائمة، قائلاً: «الأمر أخطر بكثير. إذا صُنفت إيران كدولة مهددة للأمن العالمي، فلن يُسمح لسفننا أو طائراتنا بالتحرك بحرية. بيع النفط سيصبح في غاية الصعوبة وقد تهبط صادراتنا إلى أقل من 500 ألف برميل يومياً. حالياً تخشى شركات كثيرة التعاون معنا، ومع عودة العقوبات ستزداد الأمور سوءاً، وهو ما يصب بالدرجة الأولى في مصلحة إسرائيل».
ليس من العدل أن يصبح الشعب الإيراني أن تهديداً للأمن العالمي
وأكد بازوكي أن الحل يكمن في الدبلوماسية النشطة، قائلاً: «ليس من العدل أن ينظر إلى الشعب الإيراني كخطر على الأمن العالمي. يجب انتهاج سياسة حكيمة تحول دون تفعيل آلية الزناد، والاستفادة من التفاوض كأداة. على عكس المتشددين الذين يرون في التفاوض استسلاماً، أؤمن أن الحوار يمكن أن يمنع الحرب. صحيح أننا نعيش في عالم بلا عدالة، لكن بالإمكان حماية الحقوق بالعقلانية».
وأشار الخبير الإيراني إلى تجربة الاتفاق النووي، موضحاً: «لو نُفذ الاتفاق بالكامل لما وصلنا إلى هنا. الاتفاق أخرج إيران من العقوبات، لكن تفعيل آلية الزناد يعني عودتها. في عهد أحمدي نجاد، عندما فُرضت العقوبات لأول مرة، لم تكن هناك استجابة جدية ومدروسة، واليوم الشعب يدفع ثمن ذلك».
الشرائح الفقيرة الأكثر تضرراً من العقوبات
وختم بازوكي بالتشديد على ضرورة الإصلاحات قائلاً: «الدبلوماسية النشطة هي أفضل أدواتنا. علينا أن نضمن وقوف الشعب خلف الدولة. تفعيل آلية الزناد وتراجع القدرة الشرائية سيزيدان الضغط على الشرائح الضعيفة، ما قد يؤدي إلى احتجاجات، وهو بالضبط ما يسعى إليه الخصوم. أفضل وسيلة لصد التدخلات الخارجية هي الإصلاح الداخلي. إذا شعر المواطنون أنهم شركاء في القرار وراضون عن أداء الدولة، فسيكونون الحليف الأقوى لها».
اقرأ المزيد
خمسة سيناريوهات محتملة لسعر الصرف في إيران خلال الأسابيع المقبلة