من الصحافة الإيرانية: اصطفافات دولية جديدة ضد الملف النووي الإيراني

يقف الجهاز الدبلوماسي الإيراني اليوم أمام اختبار كبير، فإما أن ينجح عبر إدارة ذكية للعلاقات في منع تشكل إجماع دولي ضد إيران، أو أن يؤدي استمرار التوترات إلى مشهد دولي أكثر صعوبة وضغوط متصاعدة.

ميدل ايست نيوز: من المقرر أن يُعقد اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا بين 8 و12 سبتمبر، ويتضح أن البرنامج النووي الإيراني سيتصدر مرة أخرى لائحة الاهتمام الدولي في الجلسة.

وقالت صحيفة توسعه إيراني في تقرير لها، إنه رغم أن طهران أكدت مراراً في السنوات الماضية أن برنامجها النووي يقتصر على الأغراض السلمية، إلا أن الكم الهائل من التقارير والبيانات الدولية بشأن إيران يظهر أن المجتمع الدولي يعود من جديد إلى التركيز على ملف طهران. لكن هذه المرة، هناك فارق مهم؛ فعدد الدول التي تتخذ مواقف مباشرة من هذا الملف أو تعتبره تهديداً لأمنها في تزايد مستمر.

من بيان طوكيو-كانبيرا إلى التوتر الدبلوماسي بين طهران وأستراليا

أولى المؤشرات على تشكل كتلة جديدة ضد إيران ظهرت في الموقف المشترك لليابان وأستراليا. ففي بيان مشترك، دعا وزيرا خارجية البلدين طهران إلى الالتزام بتعهداتها في إطار اتفاق الضمانات، وتوفير وصول كامل لمفتشي الوكالة إلى المنشآت النووية، ومعالجة المخاوف الدولية بشأن مخزونات اليورانيوم المخصب. كما شدد البيان على ضرورة عودة إيران إلى طاولة المفاوضات.

عودة قطر إلى الساحة

بالتوازي مع هذه التطورات، حملت منطقة الشرق الأوسط مستجدات أخرى، إذ التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الدوحة مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس. اللقاء حمل رسالتين؛ الأولى استمرار سعي إيران للحفاظ على قناة الحوار مع أوروبا في ظل تصاعد التوترات، والثانية محاولة إعادة تفعيل دور قطر كوسيط في الملف النووي.

يُذكر أن عمان والنرويج أدتا أدواراً وسيطة في السنوات الأخيرة، كما حاولت الصين أحياناً لعب هذا الدور بين طهران وواشنطن. لكن مع التغيرات الإقليمية وتزايد الضغوط على إيران، يبدو أن طهران تراهن مجدداً على مساعدة الدوحة، الدولة التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع كل من الولايات المتحدة وإيران.

وفي هذا السياق، قال رحمن قهرمان‌ بور، المحلل في الشؤون الخارجية، متسائلاً: «هل ذهاب عراقجي إلى قطر ولقاؤه المسؤول الأوروبي يعني أن وساطات عمان والنرويج والصين قد انتهت، وأن إيران عادت للاعتماد على قطر لمنع تفعيل آلية الزناد؟».

انفجار الاصطفافات؛ دخول اليابان وأستراليا

تختلف الظروف الحالية جذرياً عن السابق. فدخول اليابان وأستراليا إلى صف الدول التي تعلن بشكل مباشر معارضتها للبرنامج النووي الإيراني يعكس بداية تشكل كتلة جديدة. ورغم أنهما ليستا عضوين في مجلس الأمن، فإن مكانتهما كقوتين اقتصاديتين وسياسيتين إقليميتين تمنحهما قدرة على استقطاب دول أخرى وتشكيل جبهة جديدة ضد إيران.

كانت اليابان حتى سنوات قليلة مضت تحاول القيام بدور الوسيط بين طهران والغرب، بل وأدت في بعض الأحيان دور ناقل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة. أما أستراليا فحافظت على علاقات مستقرة نسبياً مع طهران. لكن اليوم، يقف البلدان في موقع جديد من شأنه أن يعزز الإجماع ضد إيران.

هذا التغير يجعل مهمة طهران أصعب، بعدما كانت دبلوماسيتها قادرة على منع انضمام هذين البلدين إلى معسكر المعارضين، لكنها الآن تواجه اتساع دائرة الدول المنتقدة لبرنامجها النووي.

انفجار الاصطفافات ضد إيران

منذ بدايته، رافق ملف إيران النووي صعود وهبوط في وتيرة التوترات الدبلوماسية. وفي الوقت الراهن، إدارة الأزمة مع اليابان وأستراليا تحمل أهمية خاصة، رغم المواقف الحادة. إذ ينبغي على طهران أن تسعى إلى منع تجميد كامل للعلاقات معهما، لأن تجاهل ذلك قد يقود إلى تشكيل كتلة مناهضة يصعب احتواؤها لاحقاً.

وعلى الرغم من أن إيران تمكنت مراراً من استغلال الانقسامات الدولية لتفادي إجماع كامل ضدها، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى تغير المشهد. فدخول اليابان وأستراليا إلى قائمة المنتقدين وقطع العلاقات الدبلوماسية مع كانبيرا ووضوح مواقف طوكيو بشكل أكبر والضغوط المتزايدة من مجلس الحكام، كلها عوامل تدل على أن عدد الدول التي ترى في البرنامج النووي الإيراني تهديداً آخذاً في الازدياد وإذا لم تتمكن طهران من احتواء هذا المسار، فقد يتحول إلى إجماع غير مسبوق ضدها.

وهنا يقف الجهاز الدبلوماسي الإيراني اليوم أمام اختبار كبير، فإما أن ينجح عبر إدارة ذكية للعلاقات في منع تشكل هذا الإجماع، أو أن يؤدي استمرار التوترات إلى مشهد دولي أكثر صعوبة وضغوط متصاعدة. انفجار الاصطفافات في ملف إيران النووي قد بدأ بالفعل، وعدد اللاعبين المنتقدين يزداد يوماً بعد يوم، فيما تتعقد الساحة الدبلوماسية الدولية أكثر فأكثر. بالنسبة إلى طهران، منع تماسك هذا الإجماع والبحث عن منفذ للحوار بات أمراً مصيرياً أكثر من أي وقت مضى.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى