من الصحافة الإيرانية: بكين وموسكو تلعبان على ورقة إيران لتأمين مصالحهما
أكد باحث في العلاقات الدولية أنه لا يمكن تغيير العالم بأسره ومعادلاته، بل إن الضغوط هي التي غيّرت إيران نفسها، ولذلك من الضروري أن تبادر طهران إلى إدارة جزء من التغييرات ما دامت الفرصة سانحة.

ميدل ايست نيوز: تناول محلل في الشؤون الدولية القدرات الدبلوماسية لكل من روسيا والصين في ما يتعلق بالقضية النووية الإيرانية وآلية الزناد، مؤكداً أنه في حال أدت هذه الآلية إلى إعادة وضع إيران تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فلا يمكن التعويل كثيراً لا على موسكو ولا على بكين. وأوضح أن كلاً من الصين وروسيا ستفكران في النهاية فقط بمصالحهما الخاصة، وتتعاملان مع ورقة إيران بما يخدم أهدافهما.
وحثّ صادق ملكي في حديث مع وكالة إيلنا، السياسيين الإيرانيين ألا يخدعوا أنفسهم أو ينخدعوا بوعود غير مضمونة، وألا يتحولوا إلى ورقة بيد اللاعبين الدوليين، قائلاً إن عودة قرارات مجلس الأمن الدولي لن تترك تداعيات سلبية على الحاضر الإيراني فقط، بل يمكن أن تؤثر أيضاً بشكل سلبي على مستقبل الأجيال القادمة.
وبشأن أسباب الأوروبيين في تفعيل آلية الزناد ودور الولايات المتحدة، أوضح أن الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا) تحركت في المفاوضات النووية وتفعيل الآلية بتنسيق كامل مع واشنطن، وكان معيارها الأساسي في التفاوض مع طهران هو رضا الولايات المتحدة. وأردف أن الأوروبيين خلصوا إلى أن إيران تسعى إلى كسب الوقت ولا تنوي الوصول إلى نتائج ملموسة، لذلك وبالتنسيق مع واشنطن لجأوا إلى تفعيل آلية الزناد للضغط على إيران ودفعها إلى تقديم تنازلات.
الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي يوسع دائرة الأزمات
وحول الخيارات الإيرانية لمواجهة هذه الآلية، قال المحلل في الشؤون الدولية إن هناك من يطرح خيار الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لكن مثل هذه الخطوات لن تحل مشكلات إيران بل ستوسع نطاق الأزمة وتجعلها أكثر خطورة.
اجتماع مجلس المحافظين يوم الاثنين تكرار للمطالب السابقة
وبشأن الاجتماع المرتقب لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين، أوضح ملكي أن المحور الرئيسي سيكون إيران وملفها النووي، ومن المتوقع أن يعيد المجلس طرح المطالب السابقة مثل استمرار عمليات التفتيش، وتوضيح وضع اليورانيوم المخصب، والأهم من ذلك الدعوة إلى بدء مفاوضات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
وذكر المحلل الإيراني أن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار ليس تهديداً عملياً بقدر ما هو تكتيك تفاوضي، مشدداً على أن إيران ليست لديها القدرة على توسيع دائرة الأزمة أكثر مما هي عليه.
الحوكمة يجب أن تضع إدارة حل الأزمات على رأس أولوياتها
وعن الاعتقاد بأن تفعيل آلية الزناد قد يشكل مقدمة لحرب جديدة، قال إن هذا الاحتمال قائم، مشيراً إلى أن الآلية يمكن أن تمهد الطريق لمنح الشرعية لأي عمل عسكري ضد إيران. وأضاف أن تفعيلها يسهم في إقناع الرأي العام العالمي والإقليمي بجدوى الحرب ويعزز احتمال وقوعها. ورأى أنه في ظل التوترات والتهديدات الإقليمية، على النظام الحاكم في إيران أن يضع “إدارة حل الأزمة” في مقدمة سياساته بدلاً من الاكتفاء بـ”إدارة الأزمة”.
وأكد ملكي أن تجاوز الحرب والمأزق الراهن يتطلب تغييراً في الاستراتيجيات والابتعاد عن الطموحات المثالية، مشدداً على أن النظام الدولي لا يقوم على العدالة بل على موازين القوى، وأن العدالة والحق والحقيقة غالباً ما تُستخدم كأدوات بيد القوى الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة. واعتبر أن ما يجري في غزة يجسد بوضوح هذه الحقيقة القاسية.
يجب الإقرار بأن تغيير العالم كله غير ممكن
وختم الباحث في العلاقات الدولية بالقول إن على إيران أن تتعلم من تجارب الماضي والحاضر، وأن تضع نصب عينيها مفاوضات تؤدي إلى حل الأزمات. وأضاف أنه لا يمكن تحميل إيران والإيرانيين ما يفوق طاقتهم، وأن السياسات يجب أن تُصاغ وتُدار ضمن حدود القدرة الوطنية.
وأكد أنه لا يمكن تغيير العالم بأسره ومعادلاته، بل إن الضغوط هي التي غيّرت إيران نفسها، ولذلك من الضروري أن تبادر طهران إلى إدارة جزء من التغييرات ما دامت الفرصة سانحة.