رغم التقدم المحلي.. إيران تتخلف عن المتوسط العالمي في الاقتصاد الرقمي

يُقدَّر حصة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي لإيران بحوالي ٤.٩٪، وهو رقم يبتعد كثيرًا عن المتوسط العالمي البالغ حوالي ١٥٪.

ميدل ايست نيوز: حاليًا، يُقدَّر حصة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي لإيران بحوالي ٤.٩٪، وهو رقم يبتعد كثيرًا عن المتوسط العالمي البالغ حوالي ١٥٪، مما يُظهر ضرورة إجراء تحوّل في البُنى التحتية والسياسات وتمكين الموارد البشرية.

وحسب تقرير لموقع اقتصاد24 الإيراني قد أوضح إحسان تشيت‌ساز، نائب التخطيط لتطوير تقنية المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي في وزارة الاتصالات، في حديثه الأخير: «الفجوة بين حصة الاقتصاد الرقمي في إيران والمتوسط العالمي هي الجرس التحذيري الذي دفعنا لتحديد هدف في الخطة السابعة للتنمية، وهو رفع حصة الاقتصاد الرقمي إلى ١٠٪ بحلول عام ١٤٠٧ هـ ش، أي أكثر من ضعف النسبة الحالية».

حصة الاقتصاد الرقمي في إيران ليست بعيدة فقط عن المتوسط العالمي، بل ترتيب إيران مقارنة بالدول الأخرى منخفض جدًا. وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام ٢٠٢٤، تأتي إيران في المرتبة ٧٩ عالميًا في مؤشر الجاهزية الرقمية برصيد ٥١.٤٥. يقيم هذا المؤشر، الذي يشمل ١٣٣ دولة، استعداد الدول للاستفادة من فرص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويضم أربعة أبعاد و١٢ مؤشرًا و٥٤ مقياسًا. ويعمل مؤشر الجاهزية الرقمية كبوصلة للحكومات، مبينًا أن التعاون بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يكون المحفز الرئيسي للتحول الرقمي.

برنامج حكومة بزشكيان لتطوير الاقتصاد الرقمي

لم تعد الدول تعتبر الاقتصاد الرقمي «قطاعًا» مستقلًا، بل أصبح العمود الفقري للتنمية الاقتصادية، ويتم توجيه كل البرامج لتحقيق هذا الهدف.

وفي هذا السياق، أعلنت حكومة مسعود بزشكيان أنه تم تحديد حصة محددة للاقتصاد الرقمي في الخطة السابعة للتنمية، لأول مرة، وهي الوصول إلى ١٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام ١٤٠٧. وبحسب تشيت‌ساز: «هذا التحوّل لا يقتصر على البُنى التحتية فقط، بل نركز أيضًا على حوكمة البيانات والحكومة الذكية، أي توضيح الأدوار والمسؤوليات، وتكامل الأنظمة، وإلغاء التوازي في العمل، وضمان الوصول العادل إلى البيانات عالية الجودة مع مراعاة الخصوصية والأمن».

ما الذي يعتمد عليه تطوير الاقتصاد الرقمي؟

يعتمد تطوير الاقتصاد الرقمي في إيران أساسًا على تعزيز البُنى التحتية التكنولوجية، وحوكمة البيانات، ورأس المال البشري المتخصص. بدون الوصول الواسع إلى الإنترنت عالي السرعة، وشبكات الألياف البصرية، والقدرات الحاسوبية الكافية، لا يمكن إنشاء بيئة رقمية حيوية وتنافسية. لتحقيق هذا الهدف، تزعم وزارة الاتصالات أنها بدأت في تطوير البُنى التحتية للاتصالات والبيانات، بما في ذلك الألياف البصرية، والإنترنت عريض النطاق الثابت والمتحرك، والحوسبة السحابية الحكومية، والاتصالات الفضائية، ومشغلي الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن تجارب الانقطاعات المتكررة للإنترنت لأسباب أمنية، سواء أثناء الحرب أو الاحتجاجات، صعّبت عمل الشركات الرقمية بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، تُعد حوكمة البيانات عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد الرقمي، فهي تضمن الشفافية والأمن والوصول العادل إلى المعلومات، وتمكّن من خلق قيمة من البيانات. وتجارب الدول المتقدمة تُظهر أن الجمع بين بنية تحتية قوية وسياسات ذكية في إدارة البيانات والأمن السيبراني ودعم الابتكار يخلق بيئة للنمو المستدام والتنمية الاقتصادية الرقمية.

العامل الآخر هو رأس المال البشري الماهر وتدريب المهارات الرقمية. تدريب كوادر متخصصة في مجالات أساسية مثل تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتطوير البرمجيات يعمل كمحرك للابتكار ويزيد قدرة الشركات المحلية على المنافسة في الأسواق الإقليمية والدولية. ويزعم تشيت‌ساز أنه يتم العمل على تدريب ٥٠٠ ألف خبير رقمي، وتنمية الثقافة الرقمية العامة، ودعم التعليم المهني، وتعزيز البحث ومراكز التطوير، رغم الهجرة المستمرة للخبرات والمهندسين في مجال الذكاء الاصطناعي والبرمجة.

في الوقت نفسه، خلق بيئة لجذب الاستثمار، وتشجيع الابتكار، ودعم الشركات الناشئة والتقنية يُتيح بناء نظام بيئي رقمي نشط. ومع ذلك، فإن التضخم وعدم الاستقرار في السياسة الدولية يشكلان تحديًا كبيرًا. ويعتقد الخبراء أن الجمع بين هذه العناصر الثلاثة—البُنى التحتية، وحوكمة البيانات، ورأس المال البشري—يشكل أساس أي استراتيجية ناجحة لتطوير الاقتصاد الرقمي، وبدونه، فإن حتى الخطط الطموحة لن تحقق نتائج ملموسة.

تشير تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن إيران، رغم تقدمها المحلي، لا تزال متخلفة عن الدول التي استفادت بنجاح من الفرص الرقمية. ويؤكد هذا الترتيب أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص وخلق نظام بيئي رقمي مستدام، ويعد دليلاً للسياسيين لتسريع تطوير الاقتصاد الرقمي.

برنامج الحكومة لتطوير السوق التنافسية ودعم المنصات المحلية

وأشار تشيت‌ساز إلى أهمية تطوير السوق التنافسية ودعم المنصات المحلية قائلاً: «هدفنا هو تعزيز القدرة التنافسية، ومنع الاحتكار، وإنشاء أسواق رقمية، ودعم الشركات المصدرة ليصبح لإيران دور جاد في الاقتصاد الرقمي الإقليمي». بالإضافة إلى ذلك، فإن تسهيل تصدير المنتجات الرقمية، وتقديم التسهيلات المالية والضمانات للتصدير للخدمات السحابية والبرمجيات كخدمة (SaaS) من أولويات وزارة الاتصالات.

وبالتالي، فإن مكانة إيران في الاقتصاد الرقمي هي مزيج من الجهود الداخلية، وخطط تطوير البُنى التحتية، ومهارات رأس المال البشري، إلى جانب ترتيبها العالمي في مؤشر الجاهزية الرقمية. وزيادة حصة الاقتصاد الرقمي من ٤.٩٪ إلى ١٠٪ ليست مجرد هدف إحصائي، بل حركة وطنية للتحول الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية لإيران على المستويين الإقليمي والدولي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى