العراق يطرق أبواب الحرب الأخطر.. معركة المخدرات تتجه شرقا

اجتماع وزيري الداخلية والصحة العراقيين مع نائب الرئيس الإيراني في بغداد فتح الباب أمام تنسيق أمني وصحي غير مسبوق، في ظل تحذيرات من أن خطر المخدرات لم يعد مجرد ظاهرة اجتماعية، بل معركة أخطر من الإرهاب.

ميدل ايست نيوز: بعد أن أُغلق ملف الحدود السورية بسقوط نظام الأسد، يتجه العراق إلى مواجهة من نوع آخر على حدوده الشرقية، حيث تتحول معركة المخدرات نحو إيران. اجتماع وزيري الداخلية والصحة مع نائب الرئيس الإيراني حسين ذو الفقاري في بغداد فتح الباب أمام تنسيق أمني وصحي غير مسبوق، في ظل تحذيرات من أن خطر المخدرات لم يعد مجرد ظاهرة اجتماعية، بل معركة أخطر من الإرهاب، تتقاطع فيها السياسة والمال والنفوذ.

وقال وزير الصحة رئيس الهيئة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق صالح الحسناوي، في كلمة تابعتها “العالم الجديد”، إن “اجتماع اليوم خطوة إيجابية لتعزيز العمل المشترك للقضاء والحد من ظاهرة الاتجار واستخدام المخدرات والمؤثرات العقلية”، مضيفا أن “التحديات التي يواجهها البلدان كبيرة في مجال المخدرات على مستوى التهريب، ولا بد من العمل لمواجهة الخطر الداهم”.

وأكد، أن “مذكرة التفاهم هي الحل الأمثل للتصدي لهذه الآفة الخطيرة لمجتمعاتنا الإسلامية”، مشيرا إلى أن “الاجتماعات مستمرة بين المسؤولين للحد من هذه الظاهرة”.

من جهته، أكد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري في كلمته، أن “الحكومة العراقية أولت اهتماما كبيرا لملف مكافحة المخدرات وأعطته الأولوية ضمن البرنامج الحكومي، وعدته من أهم التحديات التي لا تقل خطرا عن الإرهاب”، مشيرا إلى أن “وزارة الداخلية اتخذت جملة من الإجراءات لتقديم الدعم المالي واللوجستي الكبيرين إلى المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية لضمان تطوير قدراتها بما يتناسب مع حجم المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقها”.

وتابع، أن “الوزارة اتخذت إجراءات وقائية من خلال ضبط الحدود الدولية، ما انعكس على تحقيق نتائج متميزة غير مسبوقة، تمثلت بضبط أطنان من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتفكيك المئات من الشبكات الدولية والمحلية لتجارة المخدرات، فضلا عن تعزيز إجراءات حفظ العرض والطلب على المخدرات من خلال إنشاء العديد من المراكز لتأهيل المدمنين، بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة”.

وأكد وزير الداخلية، أن “العراق يتمتع بعلاقات دولية وثيقة مع دول الجوار والمحيط الإقليمي، مبنية على أساس الثقة والتعاون للتصدي لجرائم المخدرات من خلال عقد مؤتمرين دوليين لمكافحة المخدرات في بغداد، وبمشاركة وزارة الداخلية وأجهزة مكافحة المخدرات وممثلين عن المنظمات الدولية في العراق”، مشيرا إلى أن “المؤتمرين تمخضا عن توصيات مهمة تسهم في تعزيز التعاون الدولي لمواجهة خطر المخدرات، ومن المأمول عقد مؤتمر دولي ثالث حول مكافحة المخدرات في إيران خلال العام الحالي”.

وجدد “التزام العراق واستعداده لتوسيع نطاق العمل المشترك والتعاون الأمني وتبادل المعلومات في مجال مكافحة المخدرات، وفق الاتفاقيات الدولية ومذكرات التفاهم الثنائية ذات الصلة لمكافحة المخدرات”.

وكانت وزارة الداخلية قد تمكنت، في تموز يوليو الماضي، من ضبط نحو 40 كيلوغراما من المواد المخدرة الخطرة، جنوبي البلاد، في عملية نوعية استهدفت أحد كبار تجار المخدرات الدوليين.

وكشف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر إسكندر، في حينها ، عن ست مواجهات مسلحة مع تجار المخدرات خلال الأشهر الماضية، أسفرت عن الإطاحة بسبعة من رؤوسها الكبار.

وتعد المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، لا سيّما أن تجارتها قد اتسعت في الفترة الأخيرة بصورة خطرة، وتحوّل العراق إلى ممرّ لتلك المواد في اتّجاه عدد من الدول العربية.

ويتراوح سعر الغرام الواحد من الكريستال بين 15 إلى 25 ألف دينار (11.5 إلى 19 دولارا)، والكبتاغون التي يصل سعر الحبة الواحدة منها إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.

وكان تقرير سابق أصدرته مفوضية حقوق الإنسان العراقية، بيّن أن أكثر أنواع المواد المخدرة المنتشر تعاطيها في العراق، مادة “الكريستال” التي تعبر من الأراضي الإيرانية، و”الكبتاغون” الذي يعبر من الأراضي السورية المجاورة، بالإضافة إلى “الحشيش” (القنب الهندي) و”الهيروين”.

ومنذ الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا، نهاية العام الماضي، تم العثور على كميات كبيرة من أقراص “الكبتاغون” المخدرة في مناطق مختلفة، وهي مكدّسة في مستودعات أو قواعد عسكرية، لتؤكد صحة التقارير السابقة حول دور النظام السوري السابق في صناعتها وتصديرها إلى العالم، بالإضافة إلى الكشف عن بعض المعامل فيها.

كما قدر مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية المتابع لتجارة المخدرات في العالم العربي، أن نظام الأسد حصل على متوسط ​​2.4 مليار دولار سنويا من هذه التجارة، بين عامي 2020 و2022، علما أن حجم السوق العالمي يبلغ 5.7 مليارات دولار.

ويعد العراق أحد أكبر المتضررين من تجارة المخدرات والكبتاغون، فقد كانت حدوده مفتوحة أمام دخول كميات كبيرة من الحبوب المخدرة من سوريا، لكن على ما يبدو أنها تراجعت بعد سقوط نظام بشار الأسد، وخاصة المنافذ الوهمية، التي كانت تحت سيطرة الفصائل المسلحة، بحسب مسؤولين في الأنبار ومصادر، وهو ما نفته الفصائل.

وبالرغم مما حققته السلطات العراقية من نتائج في مكافحة آفة المخدرات، لكن هذا الملف، وفق ما يرى مراقبون، قد تجاوز أن يكون ظاهرة وتعدى إلى تجارة تدر أموالا طائلة ومحمية سياسيا ما دفع لتوسع تعاملاتها.

وكان مجلس النواب العراقي، قد شرع قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، وضم 51 مادة، حاء ذلك إثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض أنواعها.

ونصت المادة الثالثة من القانون، على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.

وبلغ عدد الملقى عليهم القبض في تجارة وحيازة المخدرات 43 ألف تاجر وحائز مخدرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بينهم 150 تاجرا أجنبيا، كما تم ضبط أكثر من 28 طنا من المخدرات والمؤثرات العقلية، إضافة إلى ملايين الحبوب المخدرة والمهلوسة، فيما بلغت نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة 17%، وأعلى نسب لأعمار المتعاطين كانت من 15-30 سنة، وأكثر المواد تعاطيا في العراق هي الكريستال حيث بلغت 37.3%، والكبتاغون 34.35%، والأنواع الأخرى بلغت 28.35%، بحسب الإحصائيات الحكومية.

وفي 12 آب أغسطس 2024، اعلن مكتب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، عن حرمة تجارة وتعاطي المخدرات، داعيا إلى العمل على تطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين.

ودعت لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، في 10 آب أغسطس 2024 إلى اتخاذ إجراءات مشددة للحد من تهريب المخدرات إلى العراق، مؤكدة أن موظفين وعناصر أمن يسهلون دخول المخدرات عبر المنافذ الرسمية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى