أزمة المياه في إيران تمتد إلى الخريف والشتاء لأول مرة

تؤكد أحدث البيانات الرسمية أن أزمة المياه في إيران ستستمر للمرة الأولى في فصلي الخريف والشتاء من العام الجاري، وسط مؤشرات متزايدة على تفاقم الوضع.

ميدل ايست نيوز: تؤكد أحدث البيانات الرسمية أن أزمة المياه في إيران ستستمر للمرة الأولى في فصلي الخريف والشتاء من العام الجاري، وسط مؤشرات متزايدة على تفاقم الوضع.

وتفيد التقارير الأخيرة بأن مخزونات خمسة من السدود الرئيسية في إيران وصلت إلى الصفر، فيما لم يتم تأمين أكثر من 90 في المئة من التمويل المطلوب لتنفيذ مشاريع مواجهة شحّ المياه في حكومة مسعود بزشكيان. ووفقاً لوكالة تسنيم، من أصل 27 تريليون تومان كان يفترض تخصيصها لـ192 مشروعاً طارئاً لإمدادات المياه في المدن المتأثرة، لم يُصرف سوى أقل من ثلاثة تريليونات تومان، ما أدى إلى توقف معظم المشاريع عند مرحلة التنفيذ.

وفي السياق ذاته، أظهر تقرير وكالة إيلنا من محافظة ألبرز حجم الأزمة بوضوح، حيث أعلن فرهاد شهبازي، معاون التخطيط والتطوير في شركة المياه الإقليمية بالمحافظة، أن 80 في المئة من مخزون سد كرج فارغ حالياً، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي حين كانت السدود في المحافظة ممتلئة بنسبة 69 في المئة. كما أوضح أن سد طالقان شهد انخفاضاً بنسبة 23 في المئة عن العام الماضي، ليصل مستوى امتلائه إلى 44 في المئة فقط.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، ارتفع عدد المدن الإيرانية التي تعاني من أزمة المياه إلى 52 مدينة. وكانت وزارة الطاقة قد أقرت 192 مشروعاً لإدارة الأزمة، غير أن غياب التمويل اللازم أدى إلى توقف العديد منها أو تأخرها بشكل خطير. ويحذر خبراء من أن استمرار الوضع على حاله قد يرفع ساعات انقطاع المياه في المنازل من أربع إلى ثماني ساعات يومياً وربما أكثر.

وتشير تقارير مناخية إلى أن معدلات الهطول المطري خلال العام المائي الجاري تراجعت بنسبة 39 في المئة عن المتوسط طويل الأمد، وبنسبة 41 في المئة مقارنة بالعام الماضي. أما في محافظات سيستان وبلوشستان، وهرمزغان، وبوشهر وخوزستان، فقد انخفضت الأمطار بأكثر من 50 في المئة عن السنوات السابقة. وفي طهران، تراجع الهطول المطري بنسبة 42 في المئة، ما جعل هذا العام واحداً من أكثر الأعوام جفافاً على إيران خلال الـ57 عاماً الماضية.

وقد انعكست هذه الظروف على مستويات السدود، حيث انخفضت نسبة تدفق المياه إليها بمعدل 42 في المئة مقارنة بالعام الماضي، فيما لا يتجاوز معدل امتلاء خزاناتها حالياً 38 في المئة. ووفقاً للتقارير، يواجه 19 سداً كبيراً في إيران جفافاً حاداً، في حين باتت سدود مثل لار في طهران، وشمغير في كلستان، ورودبال في فارس، وشميل في هرمزغان شبه فارغة.

آثار بيئية وآفاق مقلقة

يضاعف النقص في الموارد المائية الضغوط على قطاعي الزراعة والصناعة في إيران، حيث انخفض إنتاج محاصيل أساسية مثل القمح بشكل ملحوظ، فيما اضطرت العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى تقليص أنشطتها أو التوقف تماماً بسبب الانقطاعات المتكررة للمياه والكهرباء. وعلى الصعيد البيئي، يهدد تراجع المخزونات بقاء البحيرات الطبيعية والأراضي الرطبة. ومن أبرز الأمثلة بحيرة «الندان» في سوادكوه بمحافظة مازندران، التي يحذر ناشطون بيئيون من احتمال جفافها الكامل خلال العقد المقبل.

ويرى خبراء أن التغيرات المناخية وتراجع الأمطار عوامل مؤثرة في الأزمة، لكن السبب الجوهري يكمن في سوء إدارة مزمن للموارد المائية من جانب الحكومة الإيرانية. ويشير هؤلاء إلى الإفراط في استنزاف المياه الجوفية، وتوسيع الزراعات كثيفة الاستهلاك للمياه في مناطق جافة، والاعتماد المفرط على بناء السدود، وإهمال إعادة تدوير مياه الصرف، باعتبارها عوامل أوصلت الوضع إلى حافة الخطر.

ويؤكد المنتقدون أن إيران خلال العقود الأربعة الماضية أنفقت عائداتها النفطية على برامج عسكرية ونووية ودعم جماعات مسلحة في المنطقة، بدلاً من الاستثمار في بنية تحتية للمياه والطاقة. وهو ما أدى، بحسبهم، إلى أن تواجه البلاد اليوم نقصاً حاداً في المياه والطاقة رغم امتلاكها احتياطيات ضخمة من النفط والغاز.

وتشير التقديرات إلى أن المخزون المائي لإيران سيبقى في العام المقبل أقل بنسبة 25 في المئة مقارنة بالعام الحالي، فيما ستتراجع كميات المياه الخارجة من السدود بنسبة 23 في المئة. وتعني هذه الأرقام مزيداً من القيود على إمدادات مياه الشرب والزراعة وحتى إنتاج الكهرباء. ويحذر خبراء من أنه في غياب تغييرات جوهرية في السياسات المائية، وتنظيم الاستهلاك، وإصلاح نمط الزراعة، فإن الأزمة الحالية ستتحول إلى تهديد دائم للاقتصاد والأمن الاجتماعي في إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى