انفراجة خجولة في الملف النووي الإيراني
شكّل الاتفاق الذي أُبرم بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، في القاهرة الثلاثاء الماضي، تطوراً بارزاً في الملف النووي الإيراني، غير أنّ العدوان الإسرائيلي على قطر ألقى بظلاله عليه.

ميدل ايست نيوز: شكّل الاتفاق الذي أُبرم بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، في القاهرة الثلاثاء الماضي، تطوراً بارزاً في الملف النووي الإيراني، غير أنّ العدوان الإسرائيلي على قطر ألقى بظلاله عليه وحال دون أن ينال التغطية الكافية. ويمكن اعتباره أول ثمرة لوساطة القاهرة بين طهران وأطرافها المقابلة.
تكمن دلالة التفاهم في إنجازه قبل نحو أسبوعين من انتهاء مهلة تفعيل آلية “سناب باك” عملياً، والتي تستهدف إعادة فرض العقوبات والقرارات الدولية على إيران، ما يجعله أداة محتملة للحيلولة دون هذا السيناريو وتخفيف التوتر، فاتحاً نافذة للدبلوماسية لضبط الأزمة. ويبدو أن من أهداف طهران الأساسية من الاتفاق منع وقوع هذا الحدث. كما جاء الاتفاق بالتزامن مع انعقاد الاجتماع الفصلي لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي سابقة مألوفة، إذ دأبت إيران، في أوقات تصاعد الخلاف مع الوكالة، على إبرام اتفاقات قبيل هذه الاجتماعات لتفادي صدور بيانات أو قرارات ضدها. ورغم نجاح هذا الأسلوب أحياناً، إلا أنه لم تُكتب لتلك الاتفاقات نهايات ناجحة لحل الخلافات.
ليس واضحاً حالياً مصير اتفاق القاهرة؛ لكنه بعدما ساهم أولاً في منع تصعيد باجتماع مجلس الحكام الأخير، سيُختبر في المرحلة المقبلة لمعرفة إن كان سيتمكن بعد أسبوعين من منع تفعيل آلية “سناب باك” أم لا. وكانت الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، قد بدأت قبل أسبوعين إجراءات تفعيل هذه الآلية، عبر رسالة إلى مجلس الأمن، مع بقاء شهر كامل قبل عودة العقوبات حسب ما ينص عليه القرار 2231 المكمل للاتفاق النووي المبرم عام 2015. القرار الآن بيد الترويكا الأوروبية، التي أبدت ترحيباً مبطناً حذراً بالاتفاق بين طهران و”الذرية الدولية”، بعد أن اشترطت مسبقاً تعاون إيران الكامل مع الوكالة. كما برز ظاهرياً تباين بين تصريحات المدير العام للوكالة رافاييل غروسي، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حول فحوى الاتفاق. فغروسي أعلن أنه يشمل تفتيش جميع المنشآت الإيرانية وتقديم تقارير عن المواقع التي استهدفتها إسرائيل والمواد التي كانت فيها، بينما أكد عراقجي أنه لن يُسمح “حالياً” بالوصول إلا إلى محطة بوشهر لاستبدال الوقود. وتكشف عبارة “حالياً” في تصريحات عراقجي عن جدول زمني للتفتيش، صاغته إيران بحيث يبدأ تطبيقه بعد قرابة شهر، ما يمنحها ورقة ضغط لمنع تفعيل آلية “سناب باك” وإلغاء الاتفاق إن تم تفعيلها، كما يمنح الاتفاق قابلية لتلبية الشرط الأوروبي.
ويبقى السؤال: هل ستكتفي الدول الأوروبية بتحقق جزئي لشرط التعاون الإيراني مع الوكالة الذرية، وتمدد القرار 2231 ستة أشهر تجنباً لعودة العقوبات، أم ستنتظر تحقق شرطها الآخر بضرورة استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة؟ وهل ستتمكن وساطة مصر في الأسبوعين المقبلين من جمع طهران وواشنطن مجدداً إلى طاولة المفاوضات؟