تحديث الأدوات الدبلوماسية لـ”حل المسائل” بدل “حفظ الاعتبارات”
قالت صحيفة خراسان الإيرانية إن تجربة المفاوضات الأخيرة بوساطة القاهرة ذكّرت بأن بالإمكان تحديث الأدوات الدبلوماسية، بل وحتى التوصل إلى تفاهم بمساعدة دولة لم تكن هناك معها علاقات رسمية منذ سنوات.

ميدل ايست نيوز: كتبت صحيفة خراسان الإيرانية المحافظة أن تجربة المفاوضات الأخيرة بوساطة القاهرة ذكّرت بأن بالإمكان، مع الحفاظ على الخطوط الحمراء، تحديث الأدوات الدبلوماسية، بل وحتى التوصل إلى تفاهم بمساعدة دولة لم تكن هناك معها علاقات رسمية منذ سنوات، بما يخفض التكاليف الوطنية، مؤكدةً أن السياسة الخارجية تكون فعالة عندما تبحث عن «حل المسائل» لا عن «حفظ الاعتبارات».
وفي افتتاحيتها التي تناولت المفاوضات الأخيرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة، شددت الصحيفة المحافظة على أن أكبر خطأ في السياسة الخارجية الإيرانية هو «الاعتبارية في معالجة القضايا»، لأن أي مرونة تُفسَّر على أنها «إهانة»، وأي تراجع يُنظر إليه على أنه «هزيمة»، والنتيجة لا تكون سوى طريق مسدود وتكاليف متصاعدة.
وجاء في المقال: «التجربة الأخيرة لمفاوضات إيران والوكالة في القاهرة أظهرت عكس هذا المنطق الانفعالي تماماً. فقد أدى التفاهم الذي تشكل بدور الوساطة المصرية إلى فتح الطريق، ولو بشكل محتمل، أمام عودة المفتشين وتخفيف الضغوط السياسية».
وذكّرت الصحيفة المقربة من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف بأن السياسة الخارجية لو كانت اعتبارية، لما اعتُبرت مصر ــ الدولة التي قطعت علاقاتها الرسمية مع إيران منذ عام 1979 ــ خياراً للوساطة. لكن منطق المصالح فرض على طهران الاستفادة من طاقة القاهرة. وأضاف المقال: «إن انعقاد مثل هذا الاجتماع في القاهرة ليس هزيمة للكبرياء الوطني، بل دليل على نضج حسابي».
وتابع المقال أن السياسة الخارجية ليست ساحة حكم أخلاقي بين «خيرنا» و«شر الآخر»، بل ميدان لتبادل المصالح، وأداتها المانحة للشرعية هي النتيجة العملية، أي خفض المخاطر الأمنية، وتخفيف العقوبات، وتعزيز القدرة التفاوضية. وإلا فإن كل وسيط محتمل يُنظر إليه كـ«عنصر غير مرغوب فيه»، وكل حل ممكن يُعتبر «تنازلاً غير مشرّف».
رسالة القاهرة للسياسة الخارجية الإيرانية
وأشارت خراسان إلى أن القاهرة تحولت في هذا الملف إلى أداة لحل المشكلات، لا من أجل محو الماضي، بل من أجل إدارة المستقبل. وحتى لو رافق تنفيذ التفاهم صعود وهبوط، فإن القيمة الرمزية المتمثلة في نزع الاعتبارية عن الخلاف ستبقى لصالح إيران، وتبعث برسالة واضحة إلى الطرف الآخر: «إيران مستعدة للتفاوض في أي عاصمة تحقق نتائج ملموسة لمصالحها الوطنية».
وختمت الصحيفة المحافظة بالقول: ليس المطلوب أن يتوب أحد عن ماضيه السياسي؛ بل أن يتعلم الفاعل العاقل أن الكبرياء، إذا لم يُضبط، فسيضحى أثمن سلعة في السياسة.