إيران.. لماذا تتجه صناعة “الغاز الطبيعي المضغوط” إلى الأفول؟

وصلت صناعة الغاز الطبيعي المضغوط في إيران إلى نقطة حساسة تهدد استمرار عمل العديد من المحطات وتترك الطاقات الكامنة لهذا القطاع معطلة.

ميدل ايست نيوز: وصلت صناعة الغاز الطبيعي المضغوط في إيران إلى نقطة حساسة تهدد استمرار عمل العديد من المحطات وتترك الطاقات الكامنة لهذا القطاع معطلة. فقد أدت الزيادة الكبيرة في تكاليف الصيانة والتشغيل، وارتفاع رسوم الطاقة، وعدم تنفيذ القرارات المتعلقة بزيادة العمولة، إلى إغلاق بعض المحطات وتقليص ساعات عمل العديد من المحطات الأخرى.

وقال موقع اقتصاد 24 في تقرير له، إن هذا يأتي في وقت تمتلك فيه البنية التحتية لقطاع الغاز الطبيعي المضغوط في إيران قدرة على توزيع 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، بينما انخفض الاستهلاك الفعلي إلى نحو 15 إلى 16 مليون متر مكعب مع استمرار التراجع. هذا الإهمال، إضافة إلى هدر الموارد المحلية، يزيد من اعتماد إيران على استيراد البنزين وإنفاق المزيد من العملة الصعبة.

وفورات مهدرة تقدر بمليارات الدولارات

في مواجهة هذا الوضع، وجّه أكثر من 2100 من أصحاب محطات الغاز من مختلف أنحاء إيران رسالة إلى الرئيس الإيراني، أعربوا فيها عن قلقهم، محذرين من أن استمرار تجاهل مشاكل هذا القطاع سيدفع البلاد نحو استيراد كميات كبيرة من البنزين، وزيادة الضغط على الاحتياطيات من النقد الأجنبي، وتفاقم تلوث الهواء.

وجاء في الرسالة أن القدرة الفعلية لمحطات إيران تعادل 40 مليون متر مكعب يومياً، أي ما يعادل 40 مليون لتر من البنزين. وبالاعتماد على الأسعار العالمية للبنزين، فإن هذه الكمية يمكن أن توفّر نحو 32 مليون دولار يومياً، أي ما يقارب 1.7 مليار دولار سنوياً من العملات الأجنبية. ومع ذلك، فإن الاستفادة الحالية لا تتجاوز نصف هذه القدرة، ما يعني فقدان نحو 1.4 مليار دولار من فرص التوفير سنوياً.

وأشار أصحاب المحطات إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الصناعة الإيرانية هي الرسوم المرتفعة على الكهرباء، والانقطاعات المتكررة للطاقة وما تسببه من أضرار بالمعدات، إلى جانب عدم تنفيذ قوانين العمولات بسبب الشرط غير الواقعي للنمو بنسبة 5% في المبيعات.

وتعاني إيران في السنوات الأخيرة من نقص في البنزين، ويجري سد جزء مهم من الحاجة المحلية عبر الاستيراد. وفي مثل هذا الوضع، فإن تجاهل قدرات الغاز الطبيعي المضغوط المنتَج والموزع محلياً يكشف ضعفاً في سياسات الطاقة.

وأُنشئت البنية التحتية اللازمة لتوزيع نحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً خلال السنوات الماضية، لكن بدلاً من استغلالها لتقليص الاعتماد على الواردات، تم تهميش صناعة الغاز الطبيعي المضغوط. والنتيجة كانت زيادة الطلب على البنزين، وتفاقم الضغط على الاحتياطيات الأجنبية، وتعميق أزمة الطاقة.

كما تراجعت السياسات الداعمة للسيارات ثنائية الوقود، التي كان من شأنها زيادة استهلاك هذا النوع من الغاز. فقد خفضت شركات صناعة السيارات إنتاج هذه الفئة من المركبات، رغم أن المجلس الأعلى للطاقة أقر منذ عام 2020 إلزام الشركات بتخصيص 30% من إنتاجها لسيارات ثنائية الوقود أو تعمل بالغاز. إلا أن الأرقام أظهرت عدم التزام الشركات بهذه التوجيهات. ويعد محرك EF7 في إيران المحرك الأساسي للغاز، ويستخدم في سيارات مثل سمند ودنا وري‌ را، وقد بلغ الإنتاج التراكمي لهذه الفئة منذ عام 2004 نحو 2.1 مليون سيارة.

ولا يعني استمرار تجاهل صناعة الغاز الطبيعي المضغوط فقط إغلاق بعض المحطات، بل يقود إلى زيادة استهلاك البنزين، ونمو الواردات، وهدر مليارات الدولارات من الاحتياطيات الأجنبية، في حين تملك البلاد ما يكفي من القدرات لتجنب هذا المسار.

وعلى الرغم من الفوارق الكبيرة بين البنزين والغاز وعدم إمكانية استخدام الغاز كبديل مباشر في كل الحالات، إلا أن الإحصاءات تكشف أن حتى القدرات المتاحة حالياً لتوسيع استخدام الغاز الطبيعي المضغوط لم يُستفد منها. ما يعني عملياً أن البلاد تفتقر إلى سلة وقود متوازنة، وأن كامل العبء يقع على البنزين، وهو مادة تعاني إيران أصلاً من نقص في إنتاجها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + خمسة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى