هل يساهم هجوم إسرائيل على قطر في توطيد علاقات إيران مع الدول العربية؟
لا يرى بعض المحللين الغربيين أن الهجوم الإسرائيلي على قطر واستهداف عناصر من حركة حماس في الدوحة سيكون دافعاً للتقارب بين إيران والعرب، معتبرين أن هذه القضية تلقي بظلالها بشكل أكبر على مسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ميدل ايست نيوز: توجه الرئيس الإيراني اليوم الاثنين إلى قطر للمشاركة وإلقاء كلمة في القمة الطارئة لرؤساء الدول الإسلامية، التي تضم منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، والمنعقدة في الدوحة بهدف دعم حكومة قطر في مواجهة الاعتداء الإسرائيلي الأخير، وكذلك لإدانة الجرائم الإسرائيلية. من المقرر أن تعقد هذه القمة الطارئة يومي الأحد والاثنين، وستكون الوفود الإيرانية من بين أبرز الوفود المشاركة على مستوى عالٍ.
وقالت صحيفة دنياي اقتصاد، إن زيارة الرئيس الإيراني إلى قطر، وهي الأولى له إلى الدوحة منذ الرد الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية داخل الأراضي القطرية، تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة منعطفاً حاسماً لصياغة نهج موحد في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. ويرى بعض المراقبين أن هذا الحدث يمثل فرصة لتقارب إيران مع مجلس التعاون الخليجي، فيما يعتبره آخرون مساراً طويلاً يحتاج إلى إجراءات عملية ومنسقة تتجاوز حدود الخطابات غير المثمرة.
في هذا السياق، وجّه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني رسالة حذّر فيها من أن تتحول قمة منظمة التعاون الإسلامي إلى مجرد خطابات بلا نتائج عملية، على غرار جلسات مجلس الأمن. وقال: “مثل هذه الاجتماعات تعني عملياً منح الضوء الأخضر لعدوان جديد من جانب الكيان الصهيوني”.
وكتب علي لاريجاني في حسابه على منصة “إكس”: “على الأقل شكلوا (هيئة عمليات مشتركة) ضد جنون هذا الكيان، فهذا القرار وحده كفيل بإثارة قلق شديد لدى مشغلي هذا الكيان ودفعهم لتغيير أوامرهم له بدعوى إحلال السلام العالمي وربما من أجل جائزة نوبل!” وأضاف: “لم تفعلوا شيئاً للفلسطينيين الجائعين والمظلومين، فاتخذوا على الأقل قراراً بسيطاً يحمي وجودكم من الفناء”.
رؤية غربية مغايرة
في المقابل، لا يرى بعض المحللين الغربيين أن الهجوم الإسرائيلي على قطر واستهداف عناصر من حركة حماس في الدوحة سيكون دافعاً للتقارب بين إيران والعرب، معتبرين أن هذه القضية تلقي بظلالها بشكل أكبر على مسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي هذا السياق، كتب كريستين أولريكسن، أستاذ دراسات الخليج في جامعة رايس الأمريكية، في مقال بحث فيه أبعاد الهجوم الإسرائيلي على قطر: “التقارير التي تفيد بأن قوات أمريكية راقبت تحليق المقاتلات الإسرائيلية نحو الخليج وطلبت توضيحات من تل أبيب، قد تثير تساؤلات إضافية حول سبب فشل المنشآت المصممة لرصد التهديدات الجوية والتصدي لها في منع هذا الهجوم”. وأضاف أن “هذا الهجوم الجوي الإسرائيلي على حي سكني مزدحم في الدوحة يوم الثلاثاء، مقارنة بأي حدث آخر في العالم منذ 7 أكتوبر 2023، يحمل القدرة على تغيير الفرضيات السابقة بشأن أمن الخليج تغييراً جذرياً”.
وأشار إلى أن الأثر المحتمل لهذا الهجوم الذي استهدف اجتماعاً لقيادات سياسية من حماس سيكون على الأقل بمستوى الهجوم الصاروخي والطائرات المسيّرة على منشآت النفط السعودية في سبتمبر 2019. ذلك الهجوم الذي استهدف منشأتي بقيق وخريص خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأدى إلى موجة من الشكوك والقلق في الرياض وعواصم خليجية أخرى، بعدما ميّز ترامب في تصريحات علنية بين مصالح أمريكا والسعودية بعد يومين فقط من الهجوم. وقد دفعت تلك التطورات قادة السعودية والإمارات للتواصل مع المسؤولين الإيرانيين وبدء مسار لخفض التوترات الإقليمية، وهو ما تُوّج بالنسبة للسعودية باتفاق مارس 2023 بوساطة صينية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران بعد قطعها في يناير 2016. أما اليوم، وفي ظل الولاية الثانية لترامب، تجد الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي نفسها أمام منعطف مشابه.
وبعد مرور ما يزيد قليلاً على شهرين من استهداف قاعدة أمريكية في قطر بصواريخ باليستية إيرانية في 23 يونيو 2023، تعرضت قطر هذه المرة لهجوم إسرائيلي. لكن بينما استهدف الهجوم الإيراني قاعدة العديد الجوية الأمريكية الواقعة خارج المناطق السكنية، وجّهت إسرائيل ضرباتها إلى قلب الدوحة في وضح النهار.
وكان الهجوم الإيراني رداً على غارات أمريكية استهدفت في اليوم السابق ثلاث منشآت نووية داخل إيران، ولذلك عُدّ في نظر دول الخليج – وإن لم يكن بالضرورة في نظر واشنطن – عملاً عدائياً من عدو. أما إسرائيل فهي الحليف الأقرب لأمريكا في المنطقة، وقد أُدرجت منذ عام 2021 ضمن نطاق مسؤوليات القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم).
ورغم أن من غير المرجح أن تتخلى دول مجلس التعاون عن شبكات علاقاتها الأمنية والدفاعية العميقة مع الولايات المتحدة، إلا أن تداعيات الهجوم قد تفضي إلى نقاشات متوترة داخل “سنتكوم” وبين واشنطن وشركائها الخليجيين. وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طمأن أمير قطر بأن مثل هذا الهجوم لن يتكرر، يبقى خطر أن يجد نفسه في موقف حرج وعاجز عن الرد إذا ما أقدمت إسرائيل على عمل مماثل مجدداً.
في ظل هذه المستجدات، من المرجح أن يقوم قادة ومسؤولو الدفاع والأمن في دول مجلس التعاون بإعادة تقييم المشهد الأمني ورؤيتهم للتهديدات الإقليمية، وربما يعلنون أن أي هجوم على دولة عضو في المجلس سيُعتبر هجوماً على الجميع، ما يفتح الباب أمام رد جماعي.
وفي حال تحقق هذا السيناريو، قد يزداد الضغط على الإمارات والبحرين لتقليص مستوى علاقاتهما مع إسرائيل، بعد أن كانتا قد وقعتا اتفاقيات “إبراهيم” في سبتمبر 2020 في البيت الأبيض خلال رئاسة ترامب الأولى. وقد وصف مسؤولون وشخصيات عامة في دول المجلس خلال الأشهر الأخيرة سياسات إسرائيل في الشرق الأوسط بأنها مصدر إزعاج وتهديد خطير لاستقرار المنطقة.
وعلى الرغم من أن من غير المرجح أن تستفيد إيران كثيراً من فتور العلاقات بين دول مجلس التعاون وإسرائيل، إلا أن حقيقة أن أي خطوات جديدة نحو التطبيع أصبحت، على الأقل حالياً، مستبعدة تماماً، تؤكد مدى التغير الذي طرأ على المشهد الإقليمي خلال 23 شهراً منذ 7 أكتوبر 2023.
اقرأ المزيد
من إيران إلى إسرائيل: الاعتداء على قطر يعيد رسم أولويات العرب