إيران.. 42 مليار دولار استثمارات مطلوبة لتعويض 80 مليار دولار هدر الطاقة
قال كبار مديري صناعة الغاز في إيران إن تنفيذ مشروعات استثمارية بقيمة 42 مليار دولار في مجالات التكرير والنقل والتخزين يمكن أن يشكل الحل الرئيسي لتعويض هدر طاقة سنوي يعادل 80 مليار دولار.

ميدل ايست نيوز: استناداً إلى تصريحات كبار مديري صناعة الغاز في إيران، فإن تنفيذ مشروعات استثمارية بقيمة 42 مليار دولار في مجالات التكرير والنقل والتخزين يمكن أن يشكل الحل الرئيسي لتعويض هدر طاقة سنوي يعادل 80 مليار دولار، وتقليص العجز في إمدادات الغاز حتى نهاية الخطة التنموية السابعة.
وقالت وكالة إرنا الحكومية في تقرير، إنه عُقدت مساء الاثنين في جامعة العلامة الطباطبائي في طهران الجلسة التحضيرية الثانية للمؤتمر الدولي للاستثمار والتمويل في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات، بمشاركة أساتذة ومديري الشركة الوطنية للغاز. وأكد المشاركون، في ضوء الهدر السنوي الذي يعادل 80 مليار دولار من الطاقة، ضرورة الإسراع في تنفيذ برامج لترشيد الاستهلاك.
وأشار المسؤولون في الاجتماع إلى أن قطاعات مثل مزارع الدواجن ومصانع الطوب تُعد من أبرز الصناعات كثيفة الاستهلاك، حيث يمكن عبر تحديث العمليات والمعدات تقليص نسب الهدر بشكل كبير.
وتُعتبر صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات من بين الأضخم والأكثر ربحية على مستوى العالم وفي إيران، ومن الطبيعي أن يسهم الاستثمار في هذه المجالات وإقناع المستثمرين بالانخراط فيها في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل وزيادة الصادرات واستكمال سلاسل الإنتاج في قطاع الطاقة.
وفي هذا السياق، من المقرر أن يُعقد مؤتمر خلال الأشهر المقبلة لتسليط الضوء على أهمية الاستثمار والتمويل في هذه المجالات، على أن تسبقه أربع جلسات تحضيرية.
وأكد المديرون المشاركون أن معالجة عجز الغاز حتى نهاية الخطة التنموية السابعة تتطلب استثمارات بقيمة 42 مليار دولار في مجالات التكرير والنقل والتخزين ومشروعات التحول الرقمي، بهدف وقف الهدر السنوي البالغ 80 مليار دولار.
وجمعت الرسالة الأساسية للاجتماع بين التحذير من الأزمة القائمة والدعوة إلى الاستثمار، بوصفها فرصة ينبغي استغلالها قبل تفاقم التحديات.
42 مليار دولار لتطوير صناعة الغاز
أوضح عبدالله يونس آرا، مدير الاستثمار في الشركة الوطنية للغاز، أن 73 في المئة من مزيج الطاقة الأحفورية في إيران يعتمد على الغاز، وهو المصدر الرئيسي للطاقة في البلاد. وأشار إلى أن متوسط تسليم الغاز للمستهلكين خلال العام الماضي بلغ 765 مليون متر مكعب يومياً، بينما تسلمت الشركة الوطنية من النفط ما بين 850 و900 مليون متر مكعب من الغاز الخام يومياً. وبحلول نهاية الخطة السابعة، سيرتفع الاستهلاك اليومي إلى 1.15 مليار متر مكعب، فيما سيصل تسليم الشركة الوطنية إلى 1.34 مليار متر مكعب، أي بزيادة 30 في المئة مقارنة بالعام السابق.
وقدّر حجم الاستثمارات المطلوبة بـ19 مليار دولار للتكرير، و11 ملياراً للنقل، وبإجمالي 42 مليار دولار تشمل التوزيع والتصدير والتخزين، مؤكداً أن الاستثمار في هذا المجال مربح للغاية. وأضاف أن الغاز الطبيعي المسال (LNG) يعد من أغلى مشتقات الغاز في العالم، وأن إيران حتى الآن تستورده من قطر، ما يجعل تطوير الإنتاج المحلي خياراً منطقياً واقتصادياً.
ثاني أكبر مالك لاحتياطيات الغاز في العالم
بدورها، أشارت منصورة رام، مديرة الأعمال والاستثمار في الشركة الوطنية للغاز، إلى أن إيران تمتلك احتياطيات تقدر بـ 32 تريليون متر مكعب، ما يجعلها ثاني أكبر مالك للاحتياطيات، وثالث أكبر منتج، ورابع أكبر مستهلك للغاز عالمياً. وأضافت أن المصادر الأساسية تأتي من المصافي والمنشآت النفطية، وتوجَّه غالبية الإمدادات إلى الاستهلاك المنزلي والصناعات الكبرى مثل الفولاذ والإسمنت والبتروكيماويات.
وذكرت رام أن الاستهلاك اليومي سيبلغ 1.1 مليار متر مكعب بنهاية الخطة السابعة، وهو ما يتطلب استثمارات بقيمة 42 مليار دولار خلال خمس سنوات. وأشارت إلى التحديات التي تواجه القطاع الخاص، مثل القلق من استرداد رأس المال وأرباحه، والبيروقراطية، وضعف مساهمته في الإنتاج.
وأضافت أن أكثر من 100 مشروع استثماري كبير بقيمة تفوق 100 مليون دولار جاهز للتقديم، موضحة أن هذه المشاريع يمكن أن تحقق عوائد تتراوح بين 30 و35 في المئة، مثل استخلاص الإيثان، والتخزين تحت الأرض، ووحدات الغاز الطبيعي المسال المصغرة، والتحول الرقمي للشبكات.
كما أعلنت أن خططاً تشمل استبدال 4.1 مليون مدفأة عالية الاستهلاك بنماذج أكثر كفاءة وتركيب عدادات ذكية، وهي مشاريع تتطلب استثمارات تقدر بنحو 4 مليارات دولار.
80 مليار دولار هدر سنوي للطاقة
وكشف علي أصغر رجبي، مدير الطاقة والكربون في الشركة الوطنية للغاز، أن ما يعادل 80 مليار دولار من مختلف حوامل الطاقة يُهدر سنوياً في إيران. وأوضح أن إنتاج الطاقة اليومي يعادل 9 ملايين برميل من النفط الخام، تشمل الغاز والنفط والديزل والبنزين والكهرباء، يذهب منها 5 ملايين برميل للاستهلاك الداخلي، ويُصدَّر نحو مليوني برميل، فيما يُهدر ما يقارب مليوني برميل.
وأضاف أن هذه الكميات المهدورة، عند احتسابها على مدار 365 يوماً وبأسعار النفط العالمية، تعادل 80 مليار دولار سنوياً.
وأشار رجبي إلى أن المادة 46 من الخطة التنموية السابعة تُلزم الحكومة بإعادة 1.285 مليون برميل من الطاقة المهدورة إلى الدورة الاقتصادية حتى نهاية البرنامج.
وقال إن هدر مليوني برميل من النفط الخام يومياً يعادل 200 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل إنتاج ثمانية مراحل من حقل بارس الجنوبي، الذي يجب أن يُعاد إلى الإنتاج بنهاية الخطة.
وأكد ضرورة تغيير النظرة في قطاع النفط والغاز من التركيز فقط على زيادة الإنتاج إلى إدارة الاستهلاك من المصدر حتى الاستخدام النهائي.
وضرب مثالاً بقطاع الدواجن، موضحاً أن 21 ألف منشأة تضم 58 ألف قاعة تستهلك 2.4 مليار متر مكعب سنوياً، وأن ثلثها يتركز في محافظات مازندران وغيلان وكلستان عند نهاية خطوط النقل. وأوضح أن فتح أبواب القاعات للتهوية يتسبب في هدر الغاز وزيادة استهلاك الوقود، وأن تركيب حساسات الأوكسجين ومخارج تهوية ذكية يمكن أن يوفر استهلاكاً كبيراً في الجانبين.
كما تطرق إلى صناعة الطوب، مشيراً إلى أن إنتاج 65 مليون طن سنوياً يتم بنسبة 70 في المئة بالطرق التقليدية عبر أفران تستهلك الغاز أربعة أيام متواصلة، ما يؤدي إلى تلف الأجر السفلي وطهي نصف الأجر العلوي.
وبيّن رجبي أن سعر الغاز يختلف بشدة بين القطاعات، حيث يبلغ في بورصة الطاقة 17,500 تومان للمتر المكعب، بينما يُسلَّم للمنازل بـ200 تومان، وللصناعات بين 8 و9 آلاف تومان، وللبتروكيماويات بـ500 تومان.
وقال إنه كما كان يتم الحديث سابقاً عن “تصدير المياه الافتراضية” عبر منتجات زراعية كثيفة الاستهلاك للمياه مثل البطيخ، فإننا اليوم نشهد “تصدير الغاز الافتراضي” من خلال المنتجات الزراعية في البيوت البلاستيكية.
وختم بالإشارة إلى أنه منذ العام الماضي وحتى الآن تم إصدار شهادات لتوفير الطاقة بقيمة 10 تريليونات تومان نتيجة الفارق السعري بين القطاعات، مؤكداً أن سوء الإدارة وعدم الالتزام بأنماط الاستهلاك المثلى، وليس العقوبات، هو السبب الرئيسي لهذه التحديات.