واشنطن تقلّص دعم الجيش العراقي وتعزّز المساعدات للبيشمركة… لماذا؟

قلّصت واشنطن حجم مساعداتها السنوية لوزارة الدفاع العراقية، بينما رفعت حجم دعمها لقوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق.

ميدل ايست نيوز: قلّصت واشنطن حجم مساعداتها السنوية لوزارة الدفاع العراقية، بينما رفعت حجم دعمها لقوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق، في خطوة ليست الأولى من نوعها، لكنها تثير حفيظة القوى السياسية والفصائل المسلحة الحليفة لإيران في العراق، ولا سيما أن وزارة الحرب الأميركية سلّمت العام الماضي دفعتين من الأسلحة المتطورة إلى قوات البيشمركة، شملت المدافع الثقيلة الذكية ذات المديات البعيدة، بالإضافة إلى منح عسكرية أخرى. ويعزو مراقبون ذلك لعدم التزام بغداد بما بات يُعرف بـ”فك الارتباط مع طهران”.

ووافق مجلس النواب الأميركي على موازنة الدفاع للعام 2026، ورُصد فيها مبلغ 61 مليون دولار لدعم وتجهيز قوات البيشمركة، بزيادة قدرها 4.7 ملايين دولار مقارنة بموازنة عام 2025، بينما خصصت واشنطن نحو 48 مليون دولار لدعم وزارة الدفاع العراقية، بعدما كان نحو 189 مليون دولار عام 2025. كما خُصِّص في موازنة 2026 مبلغ 65.595 مليون دولار لدعم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، أي بزيادة قدرها 56 مليون دولار مقارنة بالسنة الماضية. ويتوزع المبلغ على 32 مليون دولار للتدريب، و33 مليون دولار للتسليح والتجهيزات العسكرية.

وقال مصدر قريب من الحكومة في بغداد إن “ميزانية وزارة الحرب الأميركية تخصص منحاً مالية وأسلحة ومعدات عسكرية للقوات العراقية سواء الجيش أو جهاز مكافحة الإرهاب أو البيشمركة، في كل عام، وهذه السنة جرى رفع مبالغ الدعم للبيشمركة وفي الوقت نفسه لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وهذا الإجراء يحمل دلالات معتمدة لدى واشنطن، من ضمنها مراعاة الحاجة للدعم في ظل الأزمة الاقتصادية في الإقليم وتأخر الرواتب وتوقف تصدير النفط في مناطق الإقليم، بالإضافة إلى مناطق انتشار قوات البيشمركة الوعرة والمحاذية لأماكن وجود بقايا من تنظيم داعش”.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ”العربي الجديد”، أن “واشنطن تضع شروطاً للدعم، من ضمنها الالتزام بمعايير حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الانضباط العسكري، ناهيك عن كون ممثلي القوات الكردية هم جزء من قيادة العمليات المشتركة العراقية التي تضم قوات التحالف الدولي أيضاً”، معتبراً أن “واشنطن تثق بالحكومة في إقليم كردستان أكثر من حكومة بغداد، وأنها تجد أن التطور في الإقليم أكبر، وهناك إمكانية للمضي بخطط استراتيجية غربية مع الإقليم قد لا توافق عليها بغداد، لذلك تزيد المنح المالية والعسكرية”.

من جهته، بيَّن السياسي الكردي ميلان سعيد أن “زيادة دعم قوات البيشمركة تشير إلى القبول بهذه القوة أميركياً، وأنها محل ثقة بالنسبة لواشنطن، على عكس قوات الحشد الشعبي التي تتلقى أوامرها من جهات عديدة بما فيها إيران”، مستكملاً حديثه بأن “قوات البيشمركة تطورت كثيراً خلال السنوات الماضية من ناحية عدم الخروج عن الأوامر والانضباط في التعامل، ناهيك عن الالتزام بالشراكة الأمنية مع واشنطن”.

وتابع “لا صحة لما يجري الحديث عنه بشأن تمكين البيشمركة لتهديد الحكومة في بغداد، أو مهاجمة القوات العراقية، لأن قوات البيشمركة دستورية وخاضعة لأوامر عراقية ولا يمكن لها أن تخرج عن القانون. لكن في الحقيقة، فإن واشنطن غير مطمئنة لشراكتها العسكرية مع بغداد في ظل وجود تحدي الفصائل المسلحة الموالية لإيران، بالتالي فإن واشنطن تبحث عن شريك يكون قادراً على الالتزام بالاتفاقات”.

بدوره، أشار الباحث في الشأن العراقي عبد الله الركابي إلى أن “سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تختلف عن الإجراء المتبع في الإدارات الأميركية السابقة، لأن ترامب يسعى إلى دعم مشروط وبمقابل ملموس”، مضيفا أن “الإدارة الأميركية تجد في حكومة إقليم كردستان شريكاً أكثر ثباتاً من بغداد، وأن الإقليم لا يقبل بالتدخل الإيراني، على عكس الحكومة الاتحادية، بالتالي فهي تتعامل مع البيشمركة باعتبارها قوة لا تخضع لأوامر إيران، على عكس الفصائل المسلحة المنضوية ضمن الحشد الشعبي التي تتلقى أوامرها من قادة سياسيين وآخرين من طهران”.

وأوضح الركابي أن “الولايات المتحدة كانت قد حثت حكومة إقليم كردستان على توحيد قوات البيشمركة (التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، والتابعة لحزب الاتحاد الوطني في السليمانية)، ويبدو أن هناك تقدماً في هذا المجال، لكن بشكلٍ بطيء، خصوصاً أن عدد قوات البيشمركة يزيد عن أكثر من 180 ألف عنصر”.

وخلال السنوات الماضية، صدرت عدة مواقف متشددة من فصائل “الحشد الشعبي” وقوى سياسية حليفة لإيران ضد الدعم الأميركي والغربي لقوات البيشمركة، معتبرة أن الدعم يجب أن يمر عبر بغداد، وألا تكون الأسلحة المقدمة أقوى من تلك التي يمتلكها الجيش العراقي. وفي وقت سابق، هاجم أعضاء في البرلمان العراقي عن التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي)، الولايات المتحدة بسبب ما سمّوه تسليح قوات البيشمركة في إقليم كردستان، معتبرين أنه “تدخل في الشأن الداخلي للبلاد”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر + سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى