ارتفاع نسب هجرة القوى العاملة الإيرانية إلى العراق خلال السنوات الأخيرة
قالت رئيسة اتحاد جمعيات النقابات العمالية في إيران إن جذور هجرة العمالة الإيرانية «اقتصادية بالكامل»، لكنها تفاقمت بسبب غياب التدريب المهني وضعف رقابة البرلمان، إضافة إلى الخلل البنيوي في آلية تحديد الأجور.

ميدل ايست نيوز: رسمت رئيسة اتحاد جمعيات النقابات العمالية في إيران صورة جديدة لموجة الهجرة الأخيرة لقوى العمل الإيرانية، موجة لم تقتصر على الممرضين والمهندسين والنخب وأساتذة الجامعات فحسب، بل امتدت اليوم إلى العاملين في الوظائف الخدمية والعمال البسطاء.
وأضافت سمیّة غلبور، في حديث مع موقع اقتصاد نيوز، أن جذور هذه الهجرة «اقتصادية بالكامل»، لكنها تفاقمت بسبب غياب التدريب المهني، وضعف رقابة البرلمان، إضافة إلى الخلل البنيوي في آلية تحديد الأجور.
وأضافت أنه خلال السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة هجرة القوى العاملة الإيرانية عدة مرات. وأوضحت أن الهدف من العمل هو تأمين المعيشة والحد الأدنى من الرفاه، غير أن مستوى دخل العمال الإيرانيين – من العامل والموظف وحتى المزارع والراعي والممرض والطبيب والمهندس والطيار والبحار – لا يتناسب مع احتياجاتهم المعيشية.
وتابعت رئيسة اتحاد جمعيات النقابات العمالية في إيران: «أعرف أشخاصاً يحملون شهادة دكتوراه (PhD) لكنهم يعملون كحرّاس. في الواقع، الكثير يفضلون مغادرة البلاد للحصول على الحد الأدنى المقبول من مستوى الحياة في مكان آخر، رغم تحديات الغربة وصعوبات الإقامة في الدولة المستقبلة. في العقد الماضي، كانت الهجرة تقتصر على مجالات معينة أو صناعية أكثر، أما اليوم فهي تشمل المهن الخدمية وحتى العمالة البسيطة».
وأكدت غلبور أن السبب الرئيسي للهجرة اقتصادي تماماً، مشيرة إلى أن العمال يدركون أنهم قادرون على الحصول في دول الجوار على رواتب أعلى بثلاثة إلى أربعة أضعاف. وقالت: «على سبيل المثال، عمال البناء الذين يتوجهون إلى دول مثل العراق يحصلون على دخل ثلاثة إلى أربعة أضعاف ما يتقاضونه في إيران. فالعامل المحترف في البناء في العراق يمكنه أن يجني ما بين 200 إلى 300 مليون تومان شهرياً، في حين أنه داخل إيران، حتى مع أعلى مستويات المهارة، لا يمكنه بلوغ هذه الأرقام». وأرجعت ذلك إلى سياسات خاطئة صادرة عن المجلس الأعلى للعمل، الذي يصادق – عمداً أو سهواً – على أرقام غير واقعية للأجور.
وحول تبعات انتشار العمالة الإيرانية في دول مثل العراق، قالت المسؤولة الإيرانية: «قد يحدث هناك ما حدث في إيران مع دخول العمالة الأفغانية. عندما يدخل عامل رخيص إلى سوق العمل في بلد ما، فإن أجور العمال المحليين تنخفض ويزداد الاستياء». وضربت مثالاً بالعراق حيث انخفض أجر عمل معين من 500 ألف تومان (بحساب العملة الإيرانية) إلى 250 ألفاً، لأن العامل الإيراني يقبل بالعمل بمقابل أقل.
وأضافت: «كما أن هجرة الأفغان إلى إيران أدت إلى تراجع الأجور، فإن العمال الإيرانيين في دول الاستقبال يكسرون أسعار العمل ويزيدون من استياء السكان المحليين. في العراق، هناك الكثير من الحالات التي اضطر فيها العامل العراقي إلى القبول بأجر أدنى لأن العامل الإيراني يوافق على العمل بمقابل أقل».
وشددت على أن إيران بحاجة إلى «أطلس للتوظيف» يقوم على تشخيص دقيق للمشكلات، ويحدد التناسب بين مواهب الشباب واحتياجات السوق. وأشارت إلى أن قانون العمل لم يُحدَّث منذ 35 عاماً، وأن المجلس الأعلى للعمل يجب أن يعقد جلسات منتظمة، وأن النظام التعليمي ينبغي أن يتحول إلى التعليم المهني، مع تعزيز دور منظمة التدريب الفني والمهني. واختتمت بالقول إن «استمرار تدخل الحكومة كأكبر رب عمل وكعائق أمام نمو الأجور، إلى جانب هيمنتها الاقتصادية، سيؤدي إلى استمرار موجة الهجرة».