من الصحافة الإيرانية: عواقب التقارب الاقتصادي بين أذربيجان وتركيا وإسرائيل

لطالما كان جنوب القوقاز وبفضل موقعه الجيوسياسي الخاص وموارده الغنية من الطاقة أحد مراكز التنافس بين القوى الإقليمية والدولية.

ميدل ايست نيوز: لطالما كان جنوب القوقاز وبفضل موقعه الجيوسياسي الخاص وموارده الغنية من الطاقة أحد مراكز التنافس بين القوى الإقليمية والدولية. خلال العقدين الأخيرين، أدت التحولات في قطاع الطاقة، والبنية التحتية للنقل، والاعتبارات الأمنية، إلى تشكّل تكتل اقتصادي – سياسي يضم أذربيجان وتركيا وإسرائيل. هذا التكتل الذي يركّز على نقل الطاقة والتجارة والتعاونات الأمنية، يرسّخ نفسه تدريجياً ويؤثر بشكل مباشر على المصالح الوطنية الإيرانية. وهنا يأتي السؤال، ما هي تداعيات التقارب الاقتصادي بين أذربيجان وتركيا وإسرائيل بالنسبة لإيران؟ وما الاستراتيجيات التي يمكن لطهران تبنيها؟

وقال كيوان محله أي، وهو خريج في العلوم السياسية والقانون الدولي من جامعة السوربون في فرنسا، وعضو في مجموعة الفكر تريند، في مقال نشره على موقع “دبلوماسي إيراني“، إن دراسات الجغرافيا السياسية للطاقة تشير إلى أن مسارات نقل الطاقة ليست ذات بعد اقتصادي فحسب، بل تحمل أبعاداً جيوستراتيجية أيضاً (Yergin, 2011). كما توضّح نظرية «الاعتماد المتبادل المعقد» (Keohane & Nye, 1977) أن التعاونات الاقتصادية يمكن أن تؤدي إلى تعزيز الروابط الأمنية والسياسية. وفي سياق جنوب القوقاز، ركزت بعض الدراسات على دور تركيا كـ «مركز طاقة» (Özkan, 2020) وعلى التعاون الاستراتيجي بين أذربيجان وإسرائيل (Blank, 2018). لكن الأدبيات القائمة لم تُعطِ بعدُ اهتماماً كافياً لتداعيات هذا المسار على إيران أو للبدائل الاستراتيجية المتاحة أمامها، وهو الفراغ الذي يسعى هذا المقال إلى معالجته.

تحليل التقارب الثلاثي

  1. أبعاد الطاقة والنقل

تمكنت أذربيجان عبر مشاريع مثل BTC وBTE وTANAP من إيصال طاقتها إلى المتوسط وأوروبا.فيما تؤدي تركيا دور «ممر ترانزيت رئيسي» وفي الوقت نفسه «مركز طاقة». أما إسرائيل، فتعتمد على أذربيجان كأحد مورديها الرئيسيين للنفط، وفي المقابل تزوّد باكو بالتكنولوجيا والمعدات العسكرية.

  1. الأبعاد الأمنية – العسكرية

غيّر التعاون الاستخباراتي والتسليحي بين باكو وتل أبيب ميزان الأمن الإقليمي. فيما عززت المشاركة الفاعلة لتركيا في حرب قره باغ عام 2020 موقع أنقرة في جنوب القوقاز.

  1. التداعيات على إيران

تقييد جيوسياسي على حدودها الشمالية الغربية وإضعاف موقع إيران كمعبر ترانزيت يربط بحر قزوين بالمتوسط ومخاطر أمنية ناتجة عن وجود إسرائيل قرب الحدود الإيرانية.

الاستراتيجيات المقترحة لإيران

  1. تطوير ممر الشمال–الجنوب (INSTC): يمكن لإيران عبر استكمال مشاريع مثل خط السكك الحديدية رشت–آستارا، أن تخلق مساراً بديلاً ومنافساً لمحور أذربيجان–تركيا.
  2. التعاون مع أرمينيا وآسيا الوسطى: يمكن للاستثمار في مجالي الطاقة والنقل مع أرمينيا ودول آسيا الوسطى أن يحقق توازناً أمام التكتل الثلاثي.
  3. دبلوماسية طاقة نشطة: باستخدام قدرات مبادلة النفط والغاز، وتصدير الكهرباء، وإبرام اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، تستطيع إيران أن تتحول إلى «عقدة طاقة» في المنطقة.
  4. تنويع الشركاء الاقتصاديين عالمياً: يمكن لإيران عبر التعاون مع اقتصادات ناشئة مثل الصين والهند والبرازيل، والمشاركة في مبادرات كـ«بريكس بلاس»، تعزيز مكانتها في النظام الاقتصادي العالمي.
  5. الدبلوماسية الناعمة والثقافية: الاستفادة من الروابط التاريخية والثقافية في القوقاز لخلق أطر جديدة للتعاون الاقتصادي، وهي ميزة يفتقر إليها منافسو إيران.

النتيجة

أعاد التقارب الاقتصادي بين أذربيجان وتركيا وإسرائيل، بوصفه تحالفاً ناشئاً في جنوب القوقاز، تشكيل موازين القوى والاقتصاد السياسي الإقليمي. هذا المسار يفرض تحديات بارزة على إيران، لكنه في الوقت ذاته يتيح فرصة لإعادة تعريف دور طهران في المنطقة. إن اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد وذكية، قائمة على الاقتصاد، سيسمح لإيران ليس فقط بإدارة التهديدات، بل أيضاً بإعادة بناء مكانتها التاريخية في جنوب القوقاز.

اقرأ المزيد

من الصحافة الإيرانية: صدوع جيوسياسية في جنوب القوقاز

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى