من الصحافة الإيرانية: هل إلغاء الإعفاء الأميركي للعقوبات يضع نهاية للاستثمار الهندي في تشابهار؟
واجه عقد تشابهار بين إيران والهند انتقادات متعددة، من بينها احتمال أن تؤثر المنافسة بين الهند والصين على علاقات طهران وبكين، أو أن تُضر بالتجارة بين إيران وباكستان.

ميدل ايست نيوز: ألغت الولايات المتحدة الإعفاء من العقوبات الخاص بميناء تشابهار الإيراني للهند، والذي كان قد صدر في عام 2018، وذلك في إطار سياسة «الضغط الأقصى». هذا الإعفاء الذي جاء بموجب «قانون حرية ومواجهة انتشار الأسلحة النووية في إيران»، كان يسمح للهند ودول أخرى بالتواجد والاستثمار في هذا الميناء دون التعرض للعقوبات الأميركية، بهدف دعم التنمية الاقتصادية في أفغانستان.
وقالت صحيفة دنياي اقتصاد في تقرير لها، إن قرار إلغاء الإعفاء سيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 29 سبتمبر، في خطوة وصفتها وسائل إعلام هندية بأنها «ضربة جديدة» من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاقتصاد الهند بعد حرب الرسوم الجمركية التي شهدتها الأشهر الماضية.
ويحمل ميناء تشابهار أهمية استراتيجية للهند، إذ يفتح أمامها فرصاً اقتصادية واستثمارية في آسيا الوسطى وأوروبا، كما يتيح لها تجاوز القيود التي تفرضها الصين وباكستان. يقع الميناء في جنوب شرق إيران بالقرب من ميناء غوادر الذي تسيطر عليه الصين، وهو ما عزز رغبة الهند في الحضور بقوة في تشابهار.
وكانت إيران والهند قد توصلتا عام 2003 إلى اتفاق بشأن تطوير ميناء تشابهار، إلا أن الاتفاقية لم تُوقع رسمياً إلا في عام 2016، لتصبح أول عقد رئيسي بين البلدين لتطوير الميناء. ورأت نيودلهي حينها أن الاتفاق تجسيد ملموس للرغبة المشتركة في جعل تشابهار محوراً رئيسياً للربط الإقليمي.
دخلت الاتفاقية مرحلة التنفيذ اعتباراً من عام 2019 بعد قبول الجانبين استغلال الميناء وفق عقود سنوية. وتضمنت استثمارات هندية على أساس نموذج البناء والملكية والتشغيل ثم النقل (B.O.O.T)، بحيث تلتزم الهند بشراء وتركيب معدات مناولة وشحن بقيمة 85 مليون دولار في الميناء. كما تعهدت نيودلهي بتخصيص 150 مليون دولار إضافية لتطوير البنية التحتية وربط الميناء بالمناطق الداخلية في إيران.
لكن رغم دخول الاستثمارات حيز التنفيذ، فإن وتيرتها ظلت بطيئة للغاية بفعل العقوبات وعوامل أخرى، ما أثار انتقادات متكررة من الجانب الإيراني. وقال مسعود بلمه، الأمين العام لجمعية الملاحة البحرية، في وقت سابق إن الميناء يحتاج إلى معدات استراتيجية لتسريع تفريغ السفن، لكن الاتفاق لم يلحظ ذلك بالشكل الكافي ليستفيد منه الطرفان.
انتقادات
واجه عقد تشابهار بين إيران والهند انتقادات متعددة، من بينها احتمال أن تؤثر المنافسة بين الهند والصين على علاقات طهران وبكين، أو أن تُضر بالتجارة بين إيران وباكستان. كما تساءل البعض عن سبب تجاهل المستثمرين المحليين القادرين على تنفيذ المشاريع التشغيلية في الميناء، بينما فضّلت وزارة الطرق والتنمية الحضرية توقيع عقد مع الهند. في المقابل، يرى مؤيدو التعاون أن الشراكة مع الهند تحقق توازناً إقليمياً ودولياً في مواجهة المنافسين.
من جهتها، أكدت مؤسسة دراسات جنوب آسيا (ISAS) أن الاستثمارات طويلة الأمد قادرة على تحويل تشابهار إلى محور رئيسي لربط الهند بدول آسيا الوسطى وأفغانستان. لكنها شددت على ضرورة دمج تطوير الميناء مع مشروع ممر النقل الدولي «الشمال – الجنوب» (INSTC)، الذي يتيح نقل البضائع من مومباي إلى بندر عباس ثم إلى بندر أنزلي على بحر قزوين براً، ومنها بحراً إلى أستراخان ثم عبر السكك الحديدية إلى روسيا وأوروبا.
الأهمية الترانزيتية لتشابهار
سيحقق تطوير التعاون وتنفيذ المشاريع المرتبطة باتفاقية إيران والهند فوائد تجارية كبرى؛ فالهند ستتمكن من الوصول إلى أسواق آسيا الوسطى وأوروبا وأفغانستان، فيما ستعزز إيران موقعها كمركز ترانزيت إقليمي وبوابة للتعاون مع الاقتصاد العالمي، إلى جانب تعزيز الأمن الجيوسياسي للمنطقة.
غير أن تطوير الميناء يواجه عقبات جدية مثل المعارضة الأميركية والوضع غير المستقر في أفغانستان. ومع إعلان واشنطن إلغاء الإعفاء للهند، تزداد التعقيدات.
ورغم أن المسؤولين الهنود اعتادوا التصريح بعدم الاعتراف بالعقوبات الأحادية من دول أخرى، مع التأكيد في الوقت نفسه على التزامهم بعقوبات الأمم المتحدة، فإن تجاهل نيودلهي لقرار الإلغاء قد يصطدم آلية الزناد، ما يشكل عائقاً أكبر أمام استمرار التعاون بين إيران والهند في ميناء تشابهار.
اقرأ المزيد
هل يصبح ميناء تشابهار الإيراني سلاح الهند الإستراتيجي في وجه الصين؟