الفصائل تحذر السوداني: التواطؤ مع الناتو يعني عودة المواجهة

على وقع تصاعد التوترات الأمنية والسياسية، فجّر بيان بعثة “الناتو” الأخير أزمة جديدة في بغداد، بعدما أعلنت عن اتفاق طويل الأمد لتوسيع مهامها داخل العراق.

ميدل ايست نيوز: على وقع تصاعد التوترات الأمنية والسياسية، فجّر بيان بعثة “الناتو” الأخير أزمة جديدة في بغداد، بعدما أعلنت عن اتفاق طويل الأمد لتوسيع مهامها داخل العراق. خطوة اعتبرتها الفصائل المسلحة “انقلابا” على تفاهمات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن إنهاء الوجود العسكري الأجنبي، وسط تهديدات بعودة المواجهة مع القوات الدولية، وتحذيرات أمريكية من احتمال ضربات إسرائيلية في العمق العراقي.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، اليوم السبت، أن “هناك امتعاضا لدى أغلب الفصائل المسلحة في العراق بشأن بيان الناتو الأخير”.

وأضافت، أن “الفصائل تعد خروج القوات الأجنبية من العراق أساس التفاهم مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد”، مبينة أن الفصائل ترى “أن السوداني بالاتفاق الجديد مع الناتو، تنكر لتفاهماته وتعهداته السابقة للفصائل”.

ومن المقرر أن تعقد تنسيقية المقاومة اجتماعا مساء اليوم السبت، لمناقشة قرار واشنطن بإدراج أربعة فصائل عراقية مسلحة على لائحة المنظمات الإرهابية، بهدف بحث التداعيات ووضع آليات الرد عليها، بحسب مصادر لـ”العالم الجديد”.

وقالت بعثة الناتو في حديث نقلته الوكالة الرسمية، وتابعته “العالم الجديد”، إن “المشورة المقدمة إلى القوات المسلحة العراقية تهدف إلى رفع فاعلية الجيش العراقي وتعزيز قدراته”، مشيرة إلى أن “وزارة الدفاع العراقية اتفقت مع بعثة الناتو في العراق على مجموعة أهداف بعيدة المدى لبناء قوات أكثر قوة وموثوقية، وبما يسهم في تعزيز أمن واستقرار البلاد”.

وأضافت، أن “وزارتي الدفاع والداخلية تتفقان مع بعثة الناتو على أن جهود الأخيرة تركز على دعم قدرات القوات المسلحة والشرطة الاتحادية، وفقا لمجالات التعاون المتفق عليها، كما أن هناك حزمة بناء القدرات الدفاعية والأمنية (DCB) التي تم الاتفاق عليها في تموز 2015 بناءً على طلب الحكومة العراقية، وبموجب قرارات قمة وارسو 2016 جرى نقل أنشطة التدريب وبناء القدرات إلى داخل العراق مع اعتماد نهج تدريب المدربين”، مبينة أن “بعثة الناتو في العراق (NMI) تعد الأداة الرئيسية لتنفيذ هذه المبادرة، وتشمل مجالات ذات أولوية مثل إصلاح القطاع الأمني، مكافحة العبوات الناسفة، معالجة الذخائر غير المنفجرة والألغام، التخطيط المدني – العسكري للعمليات، الدفاع السيبراني، الطب العسكري والمساعدات الطبية، التدريب العسكري، فضلاً عن الاستعداد للطوارئ المدنية”.

وأوضحت بعثة الناتو، أنها “توفر مشورة ودعما يوميا لمديريات وزارة الدفاع، كما تقدم الاستشارات للمؤسسات التعليمية العسكرية لتعزيز كفاءتها، اذ أن مبادرة بناء القدرات الدفاعية والأمنية تمثل برنامجا شاملا لحلف الناتو يقدم المشورة الاستراتيجية والمساعدة العملية للشركاء في المجالات التي يمتلك فيها خبرة متخصصة”.

وفيما يتعلق بخطط توسيع عمل البعثة، أكدت أن “التعاون بين القوات العراقية والناتو يهدف إلى تطوير المؤسسات والعمليات”، مشيرة إلى أن “مجلس شمال الأطلسي وافق في آب 2023 على توسيع مهام البعثة لتشمل تقديم المشورة لقيادة الشرطة الاتحادية، كما وأن البعثة تقدم دعماً في مجالات تتجاوز الجانب العسكري، مثل سيادة القانون، الحوكمة ومكافحة الفساد، حماية المدنيين، المرأة والسلام والأمن، والتعليم المهني المؤسسي، فضلاً عن دعم مشاركة المرأة في القوات العراقية وتعزيز احترام حقوق الإنسان”.

ولفتت إلى أن “مهام البعثة تشمل تقديم المشورة للقادة الكبار، ومشاركة أفضل الممارسات والخبرات، ودعم عمليات التخطيط والميزانية، والمساهمة في تحديث الهياكل التنظيمية، وذلك على مستوى وزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات العسكرية العليا، وأن إصلاح المؤسسات يستغرق وقتاً أطول من تدريب الأفراد، لكنه يحقق نتائج طويلة الأمد”، موضحة أن “الاستمرار في تقديم المشورة الأمنية والعسكرية أمر أساسي، وأن البعثة تعمل بناءً على طلب العراق وتتكيف مع احتياجاته المتغيرة، كما وأنها تقوم حالياً بمراجعة التنظيم الداخلي لتقديم دعم أفضل ومواكبة الأولويات التي حددها العراقيون، ومنها الأمن السيبراني، إدارة الأزمات والكوارث، وتعليم وتدريب ضباط الصف”.

وبينت البعثة، أن “الدور المركزي للبعثة يتمثل في تقديم المشورة على المستوى الوزاري لتمكين السلطات العراقية من اتخاذ قرارات مستنيرة وتنفيذ إصلاحات تسهم في تحسين الأمن والحوكمة، حيث أن الهدف النهائي هو أن يصل العراق إلى كامل إمكانياته الأمنية والاستقرار، بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد والمجتمع”، مشددة على “استمرار دعم طموح العراق ليكون شريكاً كاملاً وطويل الأمد للناتو، خاصة عبر الحوار السياسي رفيع المستوى الذي انطلق في آب 2024، اذ أن مستقبل البعثة يتطلب التزاماً مستمراً ومرونة عالية للتكيف مع التطورات الميدانية واحتياجات العراق المتغيرة، مع التنسيق المستمر مع السلطات العراقية”.

وكانت الخارجية الأمريكية قد أعلنت في بيان لها، الأربعاء الماضي، تصنيف أربعة فصائل عراقية كـ”منظمات إرهابية أجنبية”، وهي كل من حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي منظمات إرهابية أجنبية”، في خطوة تفتح الباب أمام تداعيات سياسية وأمنية محتملة داخل العراق وخارجه.

جاء ذلك، بعد تحذير أمريكي نقله القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد جوشوا هاريس إلى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من احتمال تنفيذ إسرائيل ضربة عسكرية داخل الأراضي العراقية تستهدف مكاتب مرتبطة بفصائل مسلحة وحركات إقليمية.

وكان عضو حركة النجباء، مهدي الكعبي، أكد في 17 آب أغسطس الماضي، في حوار متلفز مع الزميل سامر جواد، تابعته “العالم الجديد”، أن “سلاح المقاومة لن يسلم لا في لبنان ولا في العراق”، مبينا أن “سلاح الفصائل سيبقى حتى بانسحاب الأمريكان”.

هذا التصريح ينسحب على بقية الفصائل المعروفة في العراق، وأبرزها “كتائب سيد الشهداء” و”كتائب حزب الله” و”حركة الأوفياء”، إذ إنها تتمسك بهذا المبدأ، حيث لا حل لديها لمأزق الضغوط الأمريكية غير الإبقاء على موقفها و”المواجهة إذا لزم الأمر”، وفق مصدر مسؤول في أحد تلك الفصائل.

يأتي ذلك مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، عبر مغادرة أول قوة أمريكية من قاعدة الأسد في الأنبار باتجاه أربيل، واتجاه جزء منها للكويت، وآخر نحو قاعدة التنف في سوريا، على مراحل تستمر حتى أيلول سبتمبر 2026، لتحقيق الانسحاب الكامل.

ويسعى رئيس الوزراء هذه المرة إلى حصر سلاح الفصائل بيد الدولة، خلال العمر المتبقي لحكومته، حيث أنه يدرس حاليا قرارا قد يكون مباغتا بشأن هذا الملف، بحسب مصادر لـ”العالم الجديد”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى