قنبلة موقوتة… 19 مليون إيراني يعيشون في أحياء متدهورة ومنازل غير آمنة
فرض النمو السريع للسكان في أطراف المدن وزيادة الكثافة في الأحياء المتدهورة تحديات جديدة على الإدارة الحضرية في إيران.

ميدل ايست نيوز: فرض النمو السريع للسكان في أطراف المدن وزيادة الكثافة في الأحياء المتدهورة تحديات جديدة على الإدارة الحضرية في إيران. ووفقاً للتقديرات الرسمية، بلغ عدد السكان المقيمين في هذه الأحياء أكثر من 19 مليون نسمة. وبحسب علي فرنام، مدير مجموعة العمران والتخطيط الحضري في مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، فإن نحو 10 ملايين من هؤلاء يعيشون في منازل غير مستقرة وغير آمنة.
تأتي هذه الأرقام في وقت تشير فيه الدراسات الممتدة لعشر سنوات إلى أن مساحة الأحياء المتدهورة في إيران ارتفعت بنحو 15 في المئة. هذا التوسع يزيد من أعداد السكان المعرّضين مباشرة لمخاطر الزلازل والسيول والهبوط الأرضي والحرائق، ويحيل كل أزمة محتملة إلى تهديد خطير لأرواح البشر.
وصرح فرشيد بورحاجت، أمين جمعية مطوري المساكن في إيران، في يونيو 2024 تعليقاً على هذا الملف قائلاً: “في عام 2014 كان قد تم تسجيل نحو 140 ألف هكتار من الأحياء المتدهورة في البلاد، لكن هذا الرقم وصل الآن إلى 170 ألف هكتار”. وانتقد بورحاجت تأخر وتيرة إعادة الإعمار مقارنة بالأهداف المقررة في البرنامج الرابع للتنمية، مؤكداً أن قانون إحياء الأحياء المتدهورة بحاجة إلى مراجعة لأنه لم يكن فعالاً بالقدر الكافي.
ومع ذلك، تكشف الإحصاءات الأحدث عن أزمة أوسع نطاقاً. فقد أعلن عبدالرضا كلبایكاني، نائب وزير الطرق والتنمية الحضرية، في أبريل 2024 أن مساحة الأحياء المتدهورة ارتفعت إلى نحو 200 ألف هكتار بسبب تعديل معايير التقييم، وهي تشمل حالياً أحياء تعاني نقصاً شديداً في الخدمات العامة ومشاكل اجتماعية. هذا التغيير يعكس أن المشكلة لم تعد مجرد قضية عمرانية، بل ترتبط بشكل مباشر بجودة الحياة والأمن الاجتماعي للمواطنين.
أحد الجوانب المقلقة لهذا المسار هو تمركز الأحياء المتدهورة في المدن الكبرى. فطهران وأصفهان وشيراز وكرمان من أبرز المدن التي تواجه أوضاعاً خطرة من حيث نمو السكان، وكثافة البناء، وظاهرة الانخساف الأرضي. ويحذر خبراء من أن تجاهل برامج إعادة الإحياء الحضري قد يحوّل أجزاء من هذه المدن إلى بؤر محتملة للأزمات.
وتعد أصفهان نموذجاً بارزاً لهذه الحالة، إذ تشير البيانات المنشورة إلى أن مساحة الأحياء المتدهورة في مدن المحافظة تتجاوز 11 ألف هكتار، منها نحو ألفي هكتار داخل حدود مدينة أصفهان، أي ما يعادل 13 في المئة من مساحتها الكلية. وفي الوقت ذاته، أثارت مؤشرات الانخساف الأرضي في المناطق القديمة للمدينة المخاوف بشأن ضرورة إخلاء بعض السكان وحتى هجرتهم.
ناقوس خطر: احتمال نزوح ملايين في أصفهان وطهران
تسارع تدهور النسيج الحضري بلغ مرحلة يعتبرها الخبراء تهديداً وطنياً. ففي 14 سبتمبر 2024، حذّر رئيس قسم الزلازل والمخاطر في مركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية قائلاً: “سيأتي يوم يصبح فيه لزاماً إجلاء ما بين مليونين ونصف وثلاثة ملايين شخص من سكان أصفهان والمناطق المحيطة بها، وإذا وقع ذلك فستواجه إيران أزمة وطنية”.
وهذا التحذير لا يقتصر على أصفهان وحدها. فالعاصمة طهران، بفعل الكثافة السكانية المرتفعة في مناطق غير آمنة ونشاط الفوالق الزلزالية داخل المدينة وتزايد أعداد المهاجرين الذين دفعتهم الفاقة والعجز عن دفع الإيجار إلى الأحياء المتدهورة، باتت في وضع يمكن وصفه بـ”عتبة الأزمة”.
وفي عام 2024، كشفت تقارير رسمية أنه رغم تنفيذ بعض مشروعات الترميم في الأحياء القديمة، فإن أكثر من 13 ألفاً و600 هكتار من مساحة طهران ما زالت تُصنَّف ضمن الأحياء غير الصالحة عمرانياً، فيما تستوعب هذه المساحة أعداداً كبيرة من السكان. كما أفادت بعض المراكز الإحصائية بأن نحو 37 في المئة من سكان العاصمة يعيشون في أحياء متهالكة وغير آمنة.
ومن بين العوامل المثيرة للقلق، العدد الكبير من المباني غير الآمنة في هذه المناطق، والتي تشمل أحياناً مراكز طبية وتجارية مكتظة بالرواد.
وتظهر الدراسات أن كثيراً من هذه المباني تفتقر إلى القدرة على الصمود أمام كوارث محتملة مثل الحرائق أو الانخساف الأرضي أو حتى الزلازل ضعيفة القوة أو أعمال الحفر المجاورة. هذا الواقع دفع خبراء إلى وصفها بأنها “قنابل موقوتة في قلب طهران”.
وفي فبراير 2025، ذكر مركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية في تقرير أن نحو 4960 مبنى في العاصمة طهران خضع للتقييم من حيث مستوى السلامة. وشمل ذلك المستشفيات والمراكز الطبية، ومباني الشرطة والجيش، والمدارس، والجامعات، والمراكز التجارية الكبرى، وأماكن التجمعات التي تتسع لأكثر من 300 شخص، والمباني الحكومية، إضافة إلى منشآت حيوية. ومن بين هذه المباني، جرى تصنيف نحو ثلاثة آلاف مبنى ضمن الفئة غير الآمنة.