من الصحافة الإيرانية: النافذة الأخيرة للدبلوماسية

لا يجب أن نغفل أن الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي لا يميل إلى تفعيل آلية "سناب باك"، وهو ما يفتح المجال لاحتمالية تأجيل تنفيذها، ولو بنسبة ضئيلة.

ميدل ايست نيوز: من المتوقع أن يتم تفعيل آلية الزناد خلال الأسبوع المقبل. ومع ذلك، لا يمكن حتى الآن الحديث بشكل قطعي عن تنفيذها أو تعليقها أو تأجيلها، لكن بالنظر إلى الأدلة والمؤشرات، والتصريحات والمواقف التي اتخذتها إيران والصين وروسيا، وكذلك فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فضلاً عن النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، يبدو أن “سناب باك” من المرجح أن تُفعّل خلال الأيام المقبلة. لذلك، فإن الأطراف المعنية تواجه في الفترة المتبقية ظروفاً بالغة الحساسية، ويجب على المسؤولين إدراك هذا الواقع.

وقال عبد الرضا فرجي راد، أستاذ العلاقات الدولية، في مقال نشرته صحيفة دنياي اقتصاد، إنه في هذه الأثناء، تبنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدة توجهات، كان أبرزها الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعروف باتفاق “القاهرة”. ويحظى هذا الاتفاق بأهمية كبيرة، خصوصاً أن الأوروبيين كانوا قد وضعوا شروطاً لتأجيل تفعيل آلية “سناب باك”، كان معظمها مرتبطاً بالتعاون والتفاعل الإيراني مع الوكالة. وقد طلب الأوروبيون من إيران التعاون الكامل مع الوكالة، وتوضيح مصير مخزون اليورانيوم المخصب لديها، إضافة إلى فتح باب المفاوضات مع الولايات المتحدة.

ومن الملاحظ، بحسب تصريحات ومواقف الأوروبيين خلال الأيام القليلة الماضية، أنهم لا يزالون ينتظرون خطوات عملية أكبر من جانب إيران. فهم يسعون إلى أن تبقى يد الوكالة مفتوحة، وأن تتمكن من خلال صلاحياتها من الإشراف على الأنشطة النووية السلمية في إيران، وتقديم تقرير شامل حول جميع الإجراءات الإيرانية إلى الغرب، ومن ثم اتخاذ قرارهم بشأن تأجيل أو تنفيذ آلية “سناب باك” استناداً إلى هذه المعلومات والتقارير.

وفي هذا السياق، كان رفض مشروع القرار الكوري الجنوبي في الأمم المتحدة مسألة مهمة تستحق اهتماماً جاداً. كما تأتي تصريحات وزير الخارجية الإيراني رداً على الأطراف الغربية التي زعمت أن مقترحات وزارة الخارجية الإيرانية، رغم معقوليتها، لا تعكس رأي النظام بأكمله، واستخدمت هذا المبرر للاعتراض على مقترحات إيران وغيرها من المقترحات المشابهة.

ويجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الحجج لا تُقبل أساساً، لأن وزارة الخارجية لم تتخذ يوماً أي قرار مستقل في مثل هذه الظروف الحساسة من دون تنسيق مع الجهات المعنية والسلطات العليا، ولن تفعل ذلك. الوزارة، كما أظهرت في الماضي، تتخذ قراراتها دائماً بناءً على التفاعل والتنسيق، وفي إطار مصالح البلاد، وبالتالي فإن ادعاءات الأطراف الغربية ليست إلا مجرد مبررات.

من جانبه، أعلن رئيس الجمهورية الفرنسية مؤخراً أن تفعيل آلية “سناب باك” سيحدث خلال أقل من أسبوعين، ومع ذلك، فإن زيارة الرئيس الإيراني إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وإجراء اللقاءات والمشاورات على هامش هذا الاجتماع قد تساهم في التأثير أو إحداث تغيير في مسار تنفيذ الآلية.

ولا يجب أن نغفل أن الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي لا يميل إلى تفعيل آلية “سناب باك”، وهو ما يفتح المجال لاحتمالية تأجيل تنفيذها، ولو بنسبة ضئيلة. إذ أن تفعيل الآلية سيجعل أوروبا عملياً خارج المعادلة، وستستمر إدارة الملف النووي الإيراني من خلال الولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران. لذلك، لا ترغب أوروبا في فقدان قدرتها على التفاوض واللعب في الملف، ومن هنا، على الرغم من تشددها، ما زالت تأمل أن تؤدي خطوات إيران في النهاية إلى تأجيل تفعيل الآلية.

ربما يكون أبرز عائق أمام الوصول إلى اتفاق بين الأطراف هو انعدام الثقة المتبادلة، ويرتبط الجزء الأكبر من هذه المشكلة بخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وشنها هجمات على المنشآت النووية الإيرانية. وإذا أُديرت المفاوضات في جو من الثقة والاطمئنان، لكانت الظروف قد اتجهت في مسار مختلف.

لا بد من الإشارة أيضا إلى أن بعض التيارات السياسية الداخلية في إيران تعارض حالياً اتفاق “القاهرة” أو غيره من خطوات وزارة الخارجية، إلا أن هؤلاء المعارضين لا يمكن اعتبارهم فاعلين أو محددين للسياسة، لأنهم يمثلون غالباً أقلية، وفي بعض الأحيان تكون معارضتهم، رغم إثارة بعض الجدل، أداة للمساومة في المفاوضات مع الأطراف الغربية.

مع ذلك، هناك بين هؤلاء المعارضين من لا يرغب إطلاقاً في رفع العقوبات أو الدخول في المفاوضات، وكما هو الحال حالياً، حاول بعضهم دون مراعاة للعواقب المطالبة بإقالة وزير الخارجية. ومع ذلك، التاريخ أثبت أن النظام يتخذ قراراته في القضايا الكبرى والوطنية، خصوصاً في المجال الدولي، وأن آراء هذه الأقلية لا تؤثر على قرارات الدولة.

وقد وصل اتفاق “القاهرة” إلى نهايته في ظل ظروف مشابهة، حيث كان هناك معارضون جادون، لكن الجمهورية الإسلامية في النهاية قررت التوصل إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن ثم فإن المعارضين في المستقبل لن يتمكنوا من إحراز أي تأثير.

اقرأ المزيد

إلى أي مدى يمكن أن يؤثر قرار مجلس الأمن على صادرات النفط الإيرانية وسعر الصرف؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى