“تجنبوا الاستعراض السياسي”… الصحافة الإيرانية ترسم خارطة طريق للوفد الإيراني قبيل مؤتمر نيويورك

إن نجاح أو فشل الوفد الإيراني في مؤتمر نيويورك سينعكس بشكل مباشر ليس فقط على السياسة الخارجية، بل أيضاً على التماسك الداخلي، والثقة العامة، والمستقبل الاقتصادي والأمني لإيران.

ميدل ايست نيوز: تمثل زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان الأسبوع المقبل إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة محطة حاسمة عشية تفعيل آلية “سناب باك” التي ستكون تداعياتها على السياسة الخارجية والأمن والاقتصاد الإيراني بالغة الحساسية. خبراء وإعلاميون إيرانيون، من صحيفة “هم‌ میهن” إلى “فرهیختكان”، يؤكدون على ضرورة الواقعية والتركيز على الانسجام والقوة الوطنية وتجنب التبسيط الدبلوماسي.

شددت صحيفة “هم‌ میهن” الإصلاحية في افتتاحيتها اليوم الأحد، أن التوقع الأخير من الرئيس الإيراني والوفد المرافق هو أن يأخذوا في الاعتبار فقط مصالح البلاد والشعب الإيراني خلال زيارة نيويورك، وأن يتجنبوا السعي وراء المصالح الشخصية أو استعراض المواقف السياسية. كاتب الافتتاحية أكد على أهمية الواقعية ومعرفة وضع البلاد، وكتب: “القضايا الخارجية والعقوبات والتوترات الدولية هي أصل وأم جميع المشاكل. من دون حل هذه القضايا، لا يوجد أي أفق واضح لمعالجة الأزمات الداخلية”.

لا تبيعوا الأوهام

بدورها، انتقدت صحيفة “فرهیختكان” بشدة بعض الشخصيات الإصلاحية التي تصف المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة بأنها الوصفة السحرية لحل جميع المشاكل، وكتبت: “بعض السياسيين المحسوبين على التيار الإصلاحي ما زالوا مصرّين على حلول لم تحقق أي إنجاز لإيران حتى في عام 2019، والآن ومع التوترات الراهنة، فإن فرص نجاحها أضعف بكثير”.

وفي السياق ذاته، قدّمت الصحيفة المحافظة كلاً من أحمد زيد آبادي ومرتضى مكي كنموذجين لحالة من التفاؤل المفرط، معتبرة أنهما يعلقان آمالاً على مجرد لقاءات قصيرة مع مسؤولين غربيين لحل مشاكل البلاد. الصحيفة حذرت من خلق توقعات غير واقعية لدى المجتمع، وكتبت: “هذه الرؤى الموهومة لا تجعل الطرف المقابل أكثر جرأة فحسب، بل تدفع الناس أيضاً إلى الإحباط والغضب”.

ما هو المسار الواقعي؟

تؤكد فرهیختكان أن مؤتمر نيويورك فرصة تاريخية لإظهار إيران كدولة مقتدرة، وليست ساحة لبيع الأوهام أو عرض دبلوماسية ناعمة. خبراء الصحيفة أوصوا بأن يركز بزشکیان والوفد المرافق على محورين أساسيين:

  1. إعادة إبراز غلبة إيران في مواجهة الاعتداءات والتهديدات: من شأن الإشارة إلى الهجمات الأخيرة على المنشآت النووية، والانتهاكات الإسرائيلية والأوروبية لحقوق الإنسان، مع إظهار الرد الإيراني الحازم، أن يزيل صورة إيران الضعيفة.
  2. خطاب تاريخي في الجمعية العامة: يمكن لكلمة الرئيس الإيراني في هذا المؤتمر أن تسجل في التاريخ، وأن تحمل إلى المجتمع الدولي والداخل رسالة قوة وعدالة ودفاع عن حقوق إيران.

مستنقع دبلوماسي أم فرصة محدودة؟

اتفقت كل من “فرهیختكان” و”هم‌ میهن” على أن زيارة بزشکیان لا ينبغي أن تُفهم على أنها حل سريع ومعجزة للمشكلات أو وسيلة لإبرام اتفاقيات سطحية. ترى فرهیختكان أن المفاوضات من دون استراتيجية ورؤية دقيقة للطرف المقابل قد تجر البلاد إلى مستنقع دبلوماسي، في حين تنصح “هم‌ میهن” بالقول: “قوموا بعملكم بما تؤمنون به بصدق، ولا تنظروا إطلاقاً إلى المصالح الشخصية، ونسّقوا قبل السفر الصلاحيات اللازمة مع المرشد الأعلى”.

مهمة حساسة في ظروف حساسة

يقول الخبراء إن هذه الزيارة تأتي في ظروف حساسة حيث يبدو تفعيل آلية “سناب باك” شبه مؤكد، والفرصة المحدودة التي لا تتجاوز أياماً قليلة للتأثير في الساحة الدولية تكتسب أهمية حيوية. قرارات وسلوك الوفد الإيراني في نيويورك قد تحمل رسالة اقتدار لإيران، أو تفتح الباب أمام زيادة أو تقليص الضغوط الدولية عليها.

تعد زيارة مسعود بزشکیان إلى نيويورك، وسط التوترات الدولية واقتراب تفعيل آلية الزناد، واحدة من أكثر المهام الدبلوماسية حساسية لإيران في السنوات الأخيرة. من وجهة نظر الخبراء، فإن نجاح أو فشل هذه الزيارة سينعكس بشكل مباشر ليس فقط على السياسة الخارجية، بل أيضاً على التماسك الداخلي، والثقة العامة، والمستقبل الاقتصادي والأمني لإيران.

اقرأ المزيد

بزشكيان في نيويورك: فرصة حساسة لإيران في ظل التوترات

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى