من الصحافة الإيرانية: إيران، أوروبا واختبار حاسم في نيويورك

رغم أن العديد من الخبراء فقدوا الأمل في تحقيق نجاح دبلوماسي في الأيام المقبلة، فإن القرار الجاد في طهران قد يمنع صراعاً دبلوماسياً طويل الأمد مع أوروبا، والذي قد يبدأ السبت المقبل ويستمر في المستقبل المنظور.

ميدل ايست نيوز: تقترب مواجهة إيران مع الدول الأوروبية الثلاث في مجلس الأمن الدولي من نهايتها، ويبدو أن الطرفين يسيران بسرعة نحو التصادم، من دون مؤشرات على وجود نية للتراجع من أي جانب. وإذا لم يطرأ حدث استثنائي خلال الأيام الخمسة المقبلة، فإن فجر الأحد 28 سبتمبر سيشهد تطوراً في علاقات إيران مع أوروبا قد يغير بشكل جذري طبيعة ارتباطها بالقوى الأوروبية والاتحاد الأوروبي.

وقالت صحيفة هم ميهن في مقال لها، إن لغة الحوار بين إيران والدول الأوروبية الثلاث تحولت في الأشهر الأخيرة إلى لغة التهديد. فالأوروبيون لوّحوا بإعادة تفعيل ستة قرارات عقوبات لمجلس الأمن، كانت قد عُلقت بموجب الاتفاق النووي، إذا لم تقدم طهران خطوات عملية لطمأنتهم بشأن برنامجها النووي. في المقابل، هددت إيران باستبعاد الأوروبيين كلياً من المفاوضات النووية ووقف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال عودة العقوبات. وخلال الأسبوعين الماضيين، طرحت طهران مبادرات تهدف إلى إقناع الأوروبيين بالعدول عن تفعيل العقوبات، لكنها لم تفلح في تحقيق ذلك.

ويرى الأوروبيون أن المقترحات الإيرانية لم تتضمن أي خطوات عملية لمعالجة مخاوفهم قبل مهلة 27 سبتمبر، الموعد المحدد لإعادة تفعيل العقوبات. أما إيران فتؤكد أنها لن تقدم تنازلات تحت الضغط، وتطالب الأوروبيين بالتراجع أولاً. تعتبر طهران أن طلب تفعيل آلية “سناب باك” غير مشروع وغير قانوني، وأن الأوروبيين فقدوا حقهم في استخدام آليات الاتفاق النووي بعدما أخلّوا بالتزاماتهم.

حتى الآن، دعمت روسيا والصين موقف إيران، لكن خبراء يعتقدون أن هذا الدعم السياسي لن يمنع غالبية الدول من الالتزام بقرارات مجلس الأمن إذا أعيد تفعيلها.

لم يتبق سوى خمسة أيام أمام إيران والأوروبيين للتوصل إلى صيغة ترضي الطرفين، سواء لوقف تنفيذ آلية الزناد أو لتأجيلها بغية إفساح المجال لمزيد من المفاوضات. غير أن المؤشرات من طهران والعواصم الأوروبية توحي بغياب الإرادة السياسية اللازمة لإبرام مثل هذا الاتفاق. ويبدو أن الأوروبيين فقدوا الثقة بالمسار الدبلوماسي مع إيران، واتجهوا إلى تبني سياسة الضغط الأقصى انسجاماً مع واشنطن، وهو ما قد يدفع طهران إلى مزيد من التشدد ويعمّق برودة العلاقات.

إحدى النتائج الجانبية لهذه السياسة الأوروبية هي تعزيز العلاقات بين طهران وموسكو، العدو الرئيس لأوروبا حالياً، الأمر الذي سيزيد من تدهور العلاقات بين إيران وبروكسل. خلال الأعوام الماضية، خسرت طهران فرصاً متكررة لحل خلافاتها النووية مع الأوروبيين، ما أفقدها ثقتهم بها كشريك تفاوضي جاد.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن تحفظات إيران حيال أوروبا تعود إلى مواقف الأخيرة التي لم تكن دائماً ودية، وأحياناً كانت عدائية. لكن طهران كان بوسعها استغلال قنوات دبلوماسية وطرح حلول وسطية لجذب الأوروبيين نحو اتفاق.

ومنذ تولي حكومة إبراهيم رئيسي، اعتمدت إيران بشكل مفرط على المفاوضات مع الولايات المتحدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فيما تراجع الدور الأوروبي إلى مستوى غير مسبوق.

رغم هذا المسار، تظل الأيام الخمسة المقبلة في نيويورك، حيث يجتمع الدبلوماسيون والقادة من الجانبين، بمثابة نافذة صغيرة للغاية لإحياء المسار الدبلوماسي مع أوروبا قبل وقوع التصادم المنتظر فجر الأحد المقبل. ورغم أن العديد من الخبراء فقدوا الأمل في تحقيق نجاح دبلوماسي في الأيام المقبلة، فإن العزم الجاد في طهران قد يمنع صراعاً دبلوماسياً طويل الأمد مع أوروبا، والذي قد يبدأ السبت المقبل ويستمر في المستقبل المنظور.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى