“العمود الفقري لإيران”.. صناعة الصلب الإيرانية تواجه اختبار البقاء مع احتمال عودة العقوبات

على الرغم من القيود الدولية، استطاعت صناعة الصلب الإيرانية الحفاظ على حصة معتبرة في الأسواق الإقليمية وحتى في جزء من الأسواق العالمية، لكن عودة العقوبات الأممية ستهدد استمرار الوجود الإيراني في الأسواق التقليدية مثل تركيا والعراق وأفغانستان.

ميدل ايست نيوز: من المحتمل أن تعيد العقوبات المحتملة لمجلس الأمن ضد إيران في إطار “آلية الزناد” مجدداً مسار صادرات المنتجات الصناعية الإيرانية، وخاصة في قطاعات الصلب والألمنيوم والصناعات التحويلية، إلى مواجهة تحديات جدية.

وقال موقع إكوايران الاقتصادي، إنه خلال السنوات الأخيرة، تمكنت صناعات إيرانية مثل صناعة الصلب، رغم أزمة الطاقة، من زيادة حصتها في الصادرات غير النفطية. فهذه الصناعات، على الرغم من القيود الدولية، استطاعت الحفاظ على حصة معتبرة في الأسواق الإقليمية وحتى في جزء من الأسواق العالمية. لكن في حال إعادة تفعيل العقوبات، لن يقتصر الأمر على صعوبة النفاذ إلى أسواق جديدة، بل سيهدد أيضاً استمرار الوجود الإيراني في الأسواق التقليدية مثل تركيا والعراق وأفغانستان.

الصلب.. عمود صادرات الصناعات الإيرانية

يُعد الصلب أهم سلعة صناعية تصديرية لإيران، وهو دائماً من أكثر القطاعات تأثراً بالضغوط والعقوبات. تصدر إيران سنوياً أكثر من 10 ملايين طن من الفولاذ ومنتجاته إلى الأسواق الخارجية، وتشكل عائداته النقدية عنصراً حاسماً في ميزان التجارة غير النفطية للبلاد. غير أن عودة العقوبات تعني قيوداً إضافية في المعاملات المصرفية، والنقل البحري، والتأمين على الشحنات، وهو ما قد يعطل بشدة سلسلة صادرات الصلب الإيراني.

إلى جانب ذلك، فإن الزبائن التقليديين لإيران مثل تركيا والعراق، واللذين يعدان بدورهما لاعبين بارزين في السلسلة العالمية للصلب، يمكنهما تحت ضغط الظروف الدولية العثور بسهولة على بدائل أخرى، أو حتى شراء المنتجات الإيرانية بخصومات كبيرة، وهو ما سيقلص هوامش الربح لدى المنتجين الإيرانيين بشكل ملحوظ.

وهنا تبرز أهمية تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية مع إعادة العمل بآلية الزناد، حيث ينبغي للقطاع الصناعي الإيراني أن يحافظ على موقعه في الأسواق الإقليمية.

ثلاثة أسواق رئيسية تحت الضغط

ستواجه الأسواق الثلاثة الرئيسة للمنتجات الصناعية الإيرانية، أي تركيا والعراق وأفغانستان، وضعاً حساساً إذا أعيد فرض العقوبات.

نجحت تركيا، التي تعد منتجاً للصلب، في الاستحواذ على جزء من حصة إيران في السوق العراقية. ومع عودة التحديات التجارية الصعبة، قد تستغل أنقرة الفرصة مجدداً لتعزيز موقعها على حساب إيران.

أما السوق العراقية، فعلى الرغم من استمرار جاذبيتها لإيران بسبب الطلب المرتفع على مواد البناء والصلب، فإن القيود المصرفية والضغوط السياسية الأميركية يمكن أن تعرقل الصادرات، لا سيما وأن صادرات إيران إلى العراق تراجعت فعلاً خلال العامين الماضيين.

في المقابل، يبقى السوق الأفغاني سوقاً تقليدياً آخر يمكن لإيران أن تستعيد فيه حصصها المفقودة إذا ما وُضعت خطة مدروسة. صحيح أن المنتجات الصينية تهيمن حالياً على هذا السوق، لكن عبر أدوات الدبلوماسية الاقتصادية يمكن لطهران أن تعيد موطئ قدمها هناك.

انعكاسات اقتصادية أوسع

لن يعكس انخفاض صادرات المنتجات الصناعية سلباً فقط على عائدات النقد الأجنبي للحكومة الإيرانية، بل سيضع أيضاً الصناعات التحويلية والوظائف المرتبطة بها تحت ضغط إضافي. فبينما كانت أزمات الطاقة والمشكلات البنيوية تشكل أصلاً عبئاً ثقيلاً على هذه الصناعات، ستفاقم العقوبات من تعقيد الوضع. لذلك تبرز الحاجة إلى أن يضع صانعو السياسات الصناعية والتجارية استراتيجيات تعويضية، تشمل التوجه نحو أسواق بديلة في آسيا وأفريقيا، وتفعيل آليات المقايضة، وتعزيز الصادرات غير الرسمية للحد من آثار العقوبات.

إن تفعيل آلية الزناد لن يستهدف فقط اقتصادي المال والطاقة في إيران، بل سيضرب أيضاً سلسلة القيمة التصديرية في قطاع الصلب وغيره من الصناعات المعدنية. وتبين التجارب السابقة أن العقوبات تزيد بالدرجة الأولى من كلفة الصادرات ومخاطر المعاملات، وهو ما يقلل في نهاية المطاف من القدرة التنافسية للمنتجات الإيرانية. وفي ظل هذه الظروف، فإن الاستمرار في الأسواق الإقليمية والحفاظ على حد أدنى من الصادرات يتطلب إبداعاً تجارياً، ودبلوماسية اقتصادية نشطة، واهتماماً جاداً برفع الكفاءة الداخلية.

اقرأ المزيد

إيران… تعطيل 30 بالمائة من القدرة الإنتاجية في صناعات الصلب بسبب أزمة الكهرباء

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى