النمو الاقتصادي في إيران يعود إلى الصفر

يرى الخبراء أن على صانعي السياسات الإيرانية العمل على تقليص المخاطر المرتبطة بالسياسة الخارجية، والخروج من حالة "اللا حرب واللا سلم"، والمضي قدماً نحو رفع العقوبات.

ميدل ايست نيوز: قال مركز الإحصاء الإيراني إن معدل النمو الاقتصادي في إيران عاد إلى السالب بعد أربع سنوات ونصف. ووفقاً لهذا المركز، بلغ معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي سالب 0.1%.

وقالت صحيفة دنياي اقتصاد في تقرير لها، إنه في ظل التطورات الأخيرة، ومع عودة الاقتصاد الإيراني إلى حالة الركود، يزداد القلق من أن تعود إيران، بعد فترة تنفس قصيرة استمرت أربع سنوات، إلى أوضاع عقد التسعينيات، الذي أطلق عليه البنك الدولي اسم “العقد الضائع للاقتصاد الإيراني” بسبب النمو شبه الصفري الذي شهدته البلاد آنذاك.

وبلغ النمو الاقتصادي في إيران في خريف عام 2018 نسبة سلبية قدرها 11.5%، وهو أدنى مستوى خلال 12 عاماً. وبعد انتهاء الولاية الأولى لدونالد ترامب في الولايات المتحدة ووصول جو بايدن إلى السلطة في أواخر عام 2020، أخذت صادرات النفط الإيرانية بالارتفاع التدريجي. وقد انعكس هذا الاتجاه في بيانات النمو الاقتصادي، حيث ظل المعدل إيجابياً من شتاء 2020 وحتى شتاء 2024.

ومع عودة دونالد ترامب إلى السلطة في فبراير/شباط 2025، أصدرت الحكومة الأميركية مرسوماً ينص على إعادة فرض العقوبات المعروفة بـ “الضغط الأقصى” على الاقتصاد الإيراني، بعد أن كانت إدارة بايدن قد علقت تنفيذ جزء منها.

التوقعات المستقبلية للنمو

رغم أن إدارة ترامب اتخذت خطوات محدودة لإحياء المسار الدبلوماسي المتعلق برفع العقوبات عن إيران، فإن هذا المسار توقف إلى حد كبير مع اندلاع الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل. كما أن تفاقم اختلالات قطاعي الكهرباء والمياه في ربيع 2025 أدى إلى تراجع قدره 11.8% في إنتاج وتوريد المياه والكهرباء مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما انعكس جزئياً على تراجع قدره 2.7% في القطاع الزراعي. أما الحرب المفروضة التي اندلعت بين إيران وإسرائيل في الأيام الأخيرة من الربيع، فقد ساهمت بدورها في الحد من الأنشطة الاقتصادية خلال هذا الفصل، ويتوقع أن تظهر آثارها في الربع الثاني من العام الإيراني الجاري أيضاً.

نشرت مؤسسات بحثية مختلفة توقعات متباينة بشأن النمو الاقتصادي لإيران خلال عام 2025. فمثلاً، قدّر مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني النمو الاقتصادي عند 2.8%، وصندوق النقد الدولي عند 0.3%، بينما توقع البنك الدولي نسبة سالبة عند 1.6%. جميع هذه التقديرات أقل من متوسط النمو خلال السنوات الأربع الماضية الذي بلغ 4.2%. ويؤكد الخبراء أن المخاطر السياسية الناتجة عن التوترات الخارجية، إلى جانب تفاقم اختلالات قطاع الطاقة المتراكمة، تمثل أبرز أسباب تدهور الآفاق الاقتصادية في عام 2025. كما أن التعريفات الجمركية العالمية التي فرضها ترامب واحتمال دخول الاقتصاد الصيني في ركود من العوامل الأخرى التي تؤثر على التوقعات الاقتصادية لإيران.

لماذا لا يتحقق النمو بنسبة 8%؟

برنامج التنمية السابع، الذي يغطي الأعوام 2024 حتى 2028، حدد هدفاً يتمثل في تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8%. غير أن الإحصاءات تظهر أن هذا المؤشر تراجع إلى المنطقة السالبة في الربع الأول من عام 2025.

وبحسب البرنامج، تحتاج إيران لتحقيق هذا الهدف إلى 100 مليار دولار استثمارات محلية و100 مليار دولار استثمارات أجنبية. وقد قدّر الاقتصادي الإيراني أمير كرماني أن قطاع تحسين كفاءة الطاقة وحده بحاجة إلى 100 مليار دولار من الاستثمارات.

وعليه، يرى الخبراء أن على صانعي السياسات الإيرانية العمل على تقليص المخاطر المرتبطة بالسياسة الخارجية، والخروج من حالة “اللا حرب واللا سلم”، والمضي قدماً نحو رفع العقوبات. فما زال المجتمع الإيراني يعاني من تداعيات العقد الضائع في التسعينيات، وتحمل عقد ضائع آخر سيكون أصعب بكثير على شرائح واسعة من الشعب.

اقرأ المزيد

النمو الاقتصادي في إيران يسجل معدلات سلبية للشهر الثاني على التوالي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى