انخفاض معدل الخصوبة في إيران إلى 1.44.. والأسباب اقتصادية وثقافية
وفقًا لإعلان أمين المجلس الوطني للسكان، فإن معدل الخصوبة في إيران يبلغ حاليًا 1.44. بينما يُوصى بمعدل الخصوبة البديلة، الذي يبلغ 2.1، للحفاظ على الاستقرار ومنع انخفاض السكان.

ميدل ايست نيوز: وفقًا لإعلان أمين المجلس الوطني للسكان، فإن معدل الخصوبة في إيران يبلغ حاليًا 1.44. بينما يُوصى بمعدل الخصوبة البديلة، الذي يبلغ 2.1، للحفاظ على الاستقرار ومنع انخفاض السكان.
وحسب تقرير لصحيفة “دنياي اقتصاد” الإيراني وفقًا لتوقعات مركز الإحصاء الإيراني، إذا انخفض معدل الخصوبة إلى 1.3، فسيصل معدل نمو السكان في البلاد بين عامي 1425 و1430 (التقويم الهجري الشمسي) إلى سالب 0.21 بالمئة.
إن انخفاض هذا المعدل، الذي تسارع في السنوات الأخيرة، يشير إلى أن نافذة الفرص السكانية في إيران ستُغلق قريبًا، وسيصل نمو السكان بين عامي 1425 و1430 إلى سالب 0.21 بالمئة. يمكن أن يكون لهذا الأمر تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، تم تسجيل 214 ألف ولادة فقط، وإذا استمر هذا الاتجاه، فسيكون عدد المواليد بنهاية العام حوالي 856 ألف شخص. وهذا في حين انخفض عدد المواليد في عام 1403 إلى 980 ألف شخص، وهو أدنى مستوى له منذ عام 1350. ووفقًا لتوقعات المركز الإحصائي، سيصل عدد سكان البلاد في عام 1425 إلى حوالي 92 مليون و417 ألف شخص؛ لكن مع افتراض معدل خصوبة يبلغ 1.3، سيكون نمو السكان سالبًا في نفس العام.
إيران… نحو 17 مليون شاب وشابة دون 45 عاماً ما زالوا غير متزوجين
العوامل المؤثرة على انخفاض الخصوبة
بالتزامن مع انخفاض معدل الخصوبة وعدد المواليد، يطرح السؤال الأساسي: ما سبب هذا الانخفاض؟ يمكن القول إن الظروف الاقتصادية هي أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض معدل الخصوبة في إيران حاليًا. في السنوات الماضية، أدت عوامل مختلفة مثل العقوبات الاقتصادية والتضخم المرتفع والمزمن إلى تقليص القوة الاقتصادية للأسر، مما دفع الأسر إلى اتخاذ قرارات بإنجاب عدد أقل من الأطفال. في الواقع، أدى التضخم إلى تقليص الدخل الحقيقي للأسر وزيادة تكاليف تربية الأطفال.
كما ساهمت العوامل الثقافية في دفع الأسر إلى استنتاج أن يكون لديهم عدد أقل من الأطفال، مع زيادة الجودة في الإنفاق على تنشئة الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يُعد انخفاض القوة الشرائية للأسر أحد أسباب ارتفاع سن الزواج. هذا الأمر يؤخر زواج الشباب والشابات، مما يؤثر مباشرة على زيادة سن الخصوبة ويقلل من فرص إنجاب الأطفال.
إلى جانب القضايا الاقتصادية، تلعب العوامل الثقافية دورًا أيضًا في هذا المجال، حيث أدت التغيرات الاجتماعية مثل زيادة تعليم النساء ودخولهن إلى سوق العمل إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لإنجاب الأطفال، ووجهت الأسر نحو التركيز على جودة تربية الأطفال وتقليل عددهم. هذا الاتجاه موجود أيضًا في الدول المتقدمة، لكنه في إيران يتسم بشدة أكبر، لأنه يتزامن مع مشكلات اقتصادية مثل بطالة الشباب وعدم اليقين المالي، مما يجعل قرار إنجاب الأطفال أكثر صعوبة.
تأثير إغلاق نافذة الفرص السكانية
يمكن القول إن انخفاض معدل الخصوبة وإغلاق نافذة الفرص السكانية في إيران، والذي يحدث الآن بسرعة، يتسبب في أضرار عميقة لاقتصاد البلاد. تُعد نافذة الفرص السكانية فرصة ذهبية تتزايد فيها نسبة السكان الشباب والنشطين (من 15 إلى 64 عامًا) مقارنة بالمسنين والأطفال، مما يعزز النمو الاقتصادي. لكن مع معدل الخصوبة الحالي البالغ حوالي 1.44، وهو أقل بكثير من معدل الاستبدال، ستُغلق هذه النافذة بحلول عام 1425، مما سيواجه إيران بأزمات هيكلية.
أحد أهم الأضرار الناتجة عن إغلاق نافذة الفرص السكانية هو نقص القوى العاملة. مع انخفاض عدد المواليد إلى أقل من مليون في عام 1403، وربما في عام 1404، سينخفض عدد المواليد في العقود القادمة. سيؤدي هذا إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وانخفاض الإنتاجية، وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي. وبالتالي، في العقود القادمة، ستزداد نسبة اعتماد المسنين على القوى العاملة، مما يزيد الضغط على صناديق التقاعد مثل الضمان الاجتماعي. وهذا في الوقت الذي تعاني فيه العديد من صناديق التقاعد في البلاد من الإفلاس، وزيادة الضغط عليها ستؤدي إلى مزيد من الفوضى في الاقتصاد الكلي للبلاد.
في الواقع، ستضطر الحكومة إلى دفع معاشات التقاعد دون وجود مدخلات كافية من التأمينات، مما سيزيد من عجز الموازنة. علاوة على ذلك، فإن شيخوخة السكان بسرعة ستزيد من الحاجة إلى خدمات المسنين، وترفع تكاليف الرعاية الصحية والعلاج بشكل كبير، مما سيفرض أعباء مالية ثقيلة على الموازنة العامة، ويحول الموارد المطلوبة من الاستثمار في البنية التحتية والابتكار. وهذا في الوقت الذي كان فيه النمو الاقتصادي للبلاد في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام سالب 0.1 بالمئة. وبالتالي، فإن اقتصاد البلاد يتراجع حاليًا ولا يمكنه تحمل تكاليف جديدة.