العقوبات الأمريكية تحرم السجاد اليدوي الإيراني من أكبر أسواقه العالمية

بينما كان السجاد اليدوي الإيراني يدرّ على البلاد في سنوات سابقة أكثر من ملياري دولار سنوياً ويحتفظ بمكانة لا تضاهى في السوق العالمية، تراجعت حصته حالياً إلى نحو 40 مليون دولار فقط، أي بانخفاض يفوق 95 في المئة.

ميدل ايست نيوز: تعيش صناعة السجاد الإيراني، أحد أقدم الرموز الثقافية والفنية في إيران، هذه الأيام أزمة غير مسبوقة. فبينما كان السجاد اليدوي الإيراني يدرّ على البلاد في سنوات سابقة أكثر من ملياري دولار سنوياً ويحتفظ بمكانة لا تضاهى في السوق العالمية، تراجعت حصته حالياً إلى نحو 40 مليون دولار فقط، أي بانخفاض يفوق 95 في المئة.

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن عودة العقوبات الأمريكية في عام 2018 حرمت هذه الصناعة العريقة من أكبر أسواقها: الولايات المتحدة. وقالت زهرا كماني، رئيسة المركز الوطني للسجاد الإيراني، للتلفزيون الرسمي: «في السنوات التي فُرضت فيها العقوبات الأمريكية على قطاع السجاد اليدوي، خسرنا الولايات المتحدة؛ السوق التي كانت تستحوذ على أكثر من 70 في المئة من مشترين السجاد الإيراني».

وتشير إحصاءات الجمارك الإيرانية إلى أن صادرات السجاد بلغت العام الماضي 41.7 مليون دولار، ووجّهت إلى 55 دولة، من بينها ألمانيا والإمارات واليابان والصين التي كانت الأكثر استيراداً. وفي المقابل، نجحت دول منافسة مثل الهند والصين ونيبال وباكستان في سد الفراغ الذي تركته إيران في السوق العالمية.

في الوقت ذاته، فقدت إيران جزءاً من سوقها الداخلية أيضاً لصالح المنافسين الأجانب. ويقول حامد نبي‌ زاده، أحد الناشطين في سوق السجاد، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إيران تستورد السجاد من دول مثل الهند وتركيا والصين. لقد فقدنا جزءاً من مبيعاتنا المحلية بسبب هذه الواردات».

هذه الأزمة انعكست بشكل مباشر على حياة ملايين الإيرانيين. فوفقاً للإحصاءات الرسمية، يعتمد ما لا يقل عن مليونَي شخص، كثير منهم من النساء في القرى، على حياكة السجاد كمصدر رزق، غير أن أجور بعضهم لا تتجاوز بضعة دولارات يومياً.

كما أن السياح الغربيين الذين اعتادوا في الماضي شراء السجاد الإيراني كتذكار، باتوا يزورون إيران بأعداد أقل نتيجة التوترات السياسية والتحذيرات من السفر، مما أدى إلى تراجع المبيعات أكثر فأكثر.

ويضيف نبي‌ زاده أن حتى السياح الذين يزورون إيران نادراً ما يبدون استعداداً لدفع 30 أو 40 ألف دولار مقابل سجادة حريرية. كما أن تكاليف شحن هذه السجاد الفاخر تسبّب مشكلات إضافية للمشترين.

ويرى خبراء أن مزيجاً من العوامل الاقتصادية والسياسية يقف وراء انهيار السوق، بدءاً من العقوبات الدولية الواسعة والسياسات النقدية غير الفاعلة، مروراً بارتفاع تكاليف الإنتاج، وصولاً إلى غياب الدعم الحكومي.

ورغم هذه التحديات، لا يزال المسؤولون الإيرانيون يتحدثون عن إمكانية إحياء هذا الفن العريق. فقد قال محمد أتابك، وزير الصناعة والمناجم والتجارة، في يونيو الماضي لوكالة «إرنا» الحكومية: «لقد خسرنا بعض الأسواق، لكننا نأمل أن نتمكن عبر القوانين التجارية والنقدية الجديدة من إعادة إحياء هذه الصناعة». وأكد أنه تم توقيع اتفاقيات جديدة لتسهيل التصدير.

ويرى بعض الناشطين في السوق أن الانتباه إلى «الأذواق العصرية في الديكور»، وتوسيع التسويق الإلكتروني، وبناء علامات تجارية احترافية، قد يشكّل مخرجاً من الأزمة. لكن انهيار قيمة الريال أمام الدولار جعل حتى السوق المحلية مهددة بالانكماش.

وتروي شيما، شابة في الحادية والثلاثين تستعد للزواج، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لطالما أردت أن يكون جهاز عرسي سجادة يدوية الصنع، ووعدتني عائلتي بذلك، لكن إمكاناتها المادية لم تسمح. في النهاية اشترينا سجادة مصنّعة آلياً».

هذا التحول في أنماط الاستهلاك ليس سوى انعكاس لوضع بات فيه السجاد الإيراني، رمز مجد عصر ذهبي، أكثر من أي وقت مضى على هامش الأسواق، فيما يبقى إرثه الثقافي معلقاً بخيط رفيع.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى