تقرير رسمي: هدر كبير في القدرة الإنتاجية الضخمة لصناعة السيارات الإيرانية
بحسب ما خلصت إليه نتائج مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، فإن صناعة السيارات في إيران ليست «صناعة وطنية» بقدر ما هي «ورشة تجميع».

ميدل ايست نيوز: بحسب ما خلصت إليه نتائج مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، فإن صناعة السيارات في إيران ليست «صناعة وطنية» بقدر ما هي «ورشة تجميع». فالقدرة الإنتاجية الضخمة أُهدرت في سوق داخلية احتكارية بدل أن تُفتح بها الأسواق العالمية، وبدلاً من أن تدرّ العملة الصعبة على البلاد أصبحت تستنزفها.
وقال موقع رويداد 24، إنه بعد مرور 60 عاماً على ولادة صناعة السيارات في إيران، لا وجود فعلياً لـ «إنتاج وطني» أو «تصدير عالمي». فأحدث البيانات الصادرة عن مركز الأبحاث البرلماني تكشف أن ما تبقى على الأرض ليس سوى سوق صغيرة واحتكارية قائمة على التجميع، تبتلع مليارات الدولارات من النقد الأجنبي من دون أن يكون لها أي دور يُذكر في الاقتصاد العالمي.
وتمتلك إيران على الورق قدرة إنتاج تفوق مليوني سيارة سنوياً، بل إن الخطة السابعة للتنمية حددت هدف إنتاج ثلاثة ملايين سيارة. لكن هذه القدرة كانت أقرب إلى «سراب» منها إلى «ميزة وطنية». ففي عام 2017 سُجّل رقم قياسي بإنتاج 1.4 مليون سيارة، غير أن الإنتاج هبط بعد عامين فقط إلى أقل من 760 ألف سيارة. العقوبات وتقلبات سعر الصرف وضعف سلسلة التوريد لقطع الغيار أثبتت أن القدرة الإنتاجية الكبيرة من دون تخطيط وبنية تحتية لا تعدو كونها أرقاماً فارغة.
القطاع الخاص: مصانع تجميع لا علامات تجارية وطنية
يشير تقرير المركز إلى أن حصة القطاع الخاص في صناعة السيارات الإيرانية ارتفعت من 8 بالمئة عام 2016 إلى 24 بالمئة عام 2024. غير أن هذا «النمو» لا يعكس تقدماً بقدر ما يُظهر تبعية متزايدة. فالشركات الخاصة الكبرى مثل «مديران خودرو» و«كرمان موتور» وسّعت حصتها في السوق عبر تجميع السيارات الصينية والكورية، لكن معدل المكوّنات المحلية فيها لا يتجاوز 20 بالمئة. وبمعنى أوضح، فإن كل سيارة تكلف ما يصل إلى 15 ألف دولار من النقد الأجنبي، ما يعني أن نمو القطاع الخاص يساوي مزيداً من خروج العملة وازدياد الاعتماد على الواردات.
سوق صغيرة واحتكارية بلا منافسة
السوق المحلية للسيارات في إيران محصورة بالسيارات الاقتصادية التي يقل سعرها عن 10 آلاف دولار. وفقاً لمؤشر «هيرفيندال–هيرشمان»، فإن درجة الاحتكار ارتفعت منذ عام 2018. أما استيراد السيارات الفاخرة فلم يترك أي أثر في تعزيز المنافسة، بل أسهم فقط في استنزاف الموارد من العملة الصعبة. والنتيجة واضحة، فالمستهلك الإيراني لا يملك حق الاختيار ولا إمكانية الوصول إلى الجودة العالمية.
صادرات محدودة وواردات مكلفة
أضعف جوانب صناعة السيارات في إيران يتمثل في التصدير. فخلال الأعوام الثمانية الماضية لم تتجاوز صادرات السيارات بضع آلاف من الآليات، كما أن تصدير هياكل السيارات انخفض إلى أقل من ثلث مستواه مقارنة بعام 2018. في المقابل، ارتفعت واردات السيارات وقطع الغيار، ما زاد من نزيف العملة الصعبة.
ويخلص مركز دراسات البرلمان الإيراني إلى أن صناعة السيارات في إيران، أكثر من كونها «صناعة وطنية»، هي «ورشة تجميع» كبيرة. فالقدرات الإنتاجية الهائلة بدلاً من أن تُستخدم لاختراق الأسواق العالمية أُهدرت في سوق داخلية محتكرة، وأصبحت عبئاً على احتياطيات النقد الأجنبي بدلاً من أن تكون مورداً لها. ويرى التقرير أنه ما لم يُكسر الاحتكار وتُدعَم سلاسل الإنتاج المحلية، فإن «جنة التجميع» ستتحول أكثر فأكثر إلى جحيم يثقل كاهل المستهلك والاقتصاد الوطني.