إيران والغرب: ساعة الحقيقة

تفعيل "آلية الزناد" سيعني عملياً إنهاء حقبة الدبلوماسية الثنائية بين إيران والغرب، التي تأسست على قاعدة "ربح ـ ربح" وأفضت إلى الاتفاق النووي عام 2015.

ميدل ايست نيوز: لم يتبقَ سوى يوم واحد على إعادة تفعيل جميع عقوبات وقرارات مجلس الأمن ضد إيران اعتباراً من فجر غد الأحد. المسار بدأ منذ فترة طويلة، لكنّه الآن يقترب من نقطة الحسم، فيما من المستبعد، وفق مصادر إيرانية مسؤولة، أن تشهد الساعات القليلة المقبلة اختراقاً يُوقف العملية. خلال الأيام الأخيرة، أجرى الرئيس مسعود بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي في نيويورك لقاءات مكثفة مع الأطراف الأوروبية، بهدف إيجاد صيغة تمنع تفعيل آلية “سناب باك” عبر اتفاق يمدّد القرار 2231. لكن هذه المحاولات لم تنجح؛ إذ يبدو أن الأوروبيين حسموا أمرهم ولم تردعهم التهديدات الإيرانية بالرد. حتّى الاتفاق الأخير بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة، الذي كان يفترض أن يكون خطوة لبناء الثقة، لم يقنع الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، كذلك يُستبعد أن توافق أوروبا على مشروع القرار الصيني الروسي المقدم الجمعة لتمديد القرار 2231.

ما تقوم به أوروبا اليوم ليس سوى قطعة من صورة أوسع بدأت تتشكل على نحوٍ أكثر جدية منذ يونيو/ حزيران الماضي مع الهجمات الأميركية والإسرائيلية ضدّ إيران؛ فتفعيل “آلية الزناد” سيعني عملياً إنهاء حقبة الدبلوماسية الثنائية بين إيران والغرب، التي تأسست على قاعدة “ربح ـ ربح” وأفضت إلى الاتفاق النووي عام 2015، وتحول المسار إلى دبلوماسية أحادية مشروطة: تصفير تخصيب اليورانيوم، ووقف تطوير الصواريخ وخفض مداها إلى أقل من 500 كيلومتر وتغيير السياسات الإقليمية، مقابل وعود غير مضمونة برفع العقوبات. في مواجهة تفعيل الآلية، ستوقف إيران تنفيذ اتفاقها الأخير في القاهرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد تُقدم على إجراءات إضافية، لكنها على الأرجح لن تعلن انسحابها من معاهدة عدم الانتشار النووي، مكتفية بوقف تعاونها مع الوكالة، ما يعني انسحاباً غير معلن من المعاهدة. هذه التطورات تدفع برنامج إيران النووي إلى مرحلة أكثر غموضاً، بدأت مع الهجوم على منشآتها النووية.

والسؤال المطروح الآن هو عن الخطة التالية للمثلث الإسرائيلي الأميركي الأوروبي تجاه إيران. رغم تباين مواقفهم في ملفات أخرى، هناك توافق شبه كامل في الملف الإيراني، مع مؤشرات على تنسيق غير معلن لخطواتهم المقبلة. المرجح هو انتقالهم إلى ضغوط متعدّدة الأبعاد، تشمل المسارات الاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية. يضع هذا الوضع الدبلوماسية الإيرانية أمام اختبار بالغ الصعوبة، إذ بات الوقت المتاح لإجراء تعديل جذري في منهج التعامل مع القوى الكبرى قصيراً، وكلفته أعلى من أي وقت مضى إن تم. وفي المقابل، تتصاعد كلفة الاستمرار في النهج التصادمي بلا هوادة. وهكذا، تقترب ساعة مواجهة الحقيقة بوتيرة متسارعة، فيما ستتطلب إدارة هذه المرحلة أقصى درجات المناورة السياسية واستباق الخطوات المعادية، وإلّا ستجد إيران نفسها أمام واقع دولي جديد، أكثر ضغطاً، وأضيق هامشاً للتحرّك.

 

صابر غل عنبري

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى