الصحافة الإيرانية: الضبابية تحكم قبضتها على مشروع السكك الحديدية رشت-آستارا
بحسب أحدث تصريحات وزارة الطرق والتنمية العمرانية الإيرانية، فإن اهتمام روسيا بالمشاركة في تنفيذ مشروع السكك الحديدية رشت – آستارا بات أكبر من السابق.

ميدل ايست نيوز: بحسب أحدث تصريحات وزارة الطرق والتنمية العمرانية الإيرانية، فإن اهتمام روسيا بالمشاركة في تنفيذ مشروع السكك الحديدية رشت – آستارا بات أكبر من السابق. ومع ذلك، لم تتمكن الوزارة بعد من معالجة المخاوف البيئية بشأن إنشاء المشروع، وإلى جانب تسريع عملية تملّك الأراضي، ما زالت بعض الانتقادات قائمة، منها ما يتعلق بسلامة حركة القطارات، وطول فترة استرداد رأس المال، فضلاً عن كيفية تنفيذ المسار في ظل وجود معوّقات طبيعية.
وقالت صحيفة دنياي اقتصاد، إن هذا المشروع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من عشرين عاماً، لم يكتمل حتى الآن لأسباب متعددة، من بينها الغموض في آلية التنفيذ، والعقوبات المفروضة على إيران، وقضايا تملّك الأراضي الواقعة على مسار الخط، إضافة إلى المشكلات البيئية مثل تدمير غابات “غيسوم” ومرور الخط عبر الأراضي الزراعية الخصبة.
وفي عام 2023، كان من المقرر أن تتولى روسيا تنفيذ المشروع بموجب تفاهم مع إيران، لكنها تراجعت عن الاستثمار لأسباب أبرزها صعوبات التمويل. كما أن اعتراض موسكو على تدمير الأراضي الزراعية الخصبة في المنطقة وعدم حسم مسألة تملّك الأراضي، جعلاها غير متحمسة للمشاركة في ذلك الحين.
مستوى المشاركة الروسية
تقول المعطيات اليوم أن العقد التجاري للمشروع مع روسيا أحرز تقدماً بنسبة 75%، ويبدو أن اهتمام موسكو بتنفيذه أصبح أكبر، خصوصاً مع تسارع وتيرة تملّك الأراضي من الجانب الإيراني. ووفقاً لعباس خطيبي، نائب رئيس شركة إنشاء وتطوير البنى التحتية للنقل، فإن الجزء الأول من الأعمال التحضيرية لخط السكك الحديدية جارٍ تنفيذه، كما يجري تثبيت الأراضي لمنع استخدامها للزراعة مستقبلاً، وقد جرى حتى الآن تثبيت 25 كيلومتراً من المسار.
ويتألف العقد التجاري بين إيران وروسيا بشأن مشروع رشت – آستارا من ثلاثة مجلدات؛ الأول والثاني منها أنجزا بالكامل، بينما أُنجز الثالث باستثناء ملف الأسعار الذي لم يُحسم بعد.
وأسند المشروع في عام 2023 بقرار استثنائي إلى مقر “خاتم الأنبياء” التابع للحرس الثوري، وتم الاتفاق مع الجانب الروسي على أن يشارك المقر في أعمال الإنشاء. وبموجب الاتفاق، ستقدّم موسكو قرضاً حكومياً إلى طهران بقيمة 1.3 مليار يورو.
كما وقّع الطرفان خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى موسكو في فبراير 2024 سلسلة تفاهمات، بينها اتفاق في مجال النقل بالسكك الحديدية. وفي مارس 2025، كان من المقرر توقيع الاتفاق التنفيذي لبناء الخط. وزير النقل الروسي رومان ستاروفيت أعلن مطلع مارس 2025 أن الدراسات الأولية ستبدأ خلال شهرين كحد أقصى، وأُبرم أيضاً ملحق يسمح لروسيا ببدء الدراسات قبل استكمال إيران عملية شراء وتأمين الأراضي.
خصائص المشروع
يمتد مشروع رشت – آستارا لمسافة 162 كيلومتراً ضمن الفرع الغربي من الممر الدولي الشمال – الجنوب، ويربط شبكة السكك الحديدية الإيرانية بنظيرتها الأذربيجانية عند معبر آستارا الحدودي.
المشروع مصمم بسرعة تشغيل تصل إلى 160 كيلومتراً في الساعة للقطارات الركابية و120 كيلومتراً لقطارات الشحن. كما يتضمن إنشاء نفق بطول 1960 متراً و63 جسراً رئيسياً بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً، إضافة إلى ثماني محطات، ثلاث منها للركاب من الدرجة الثانية وخمس من الدرجة الثالثة.
هذا الخط يمثل الجزء المتبقي من الفرع الغربي لممر الشمال – الجنوب، والذي سيحقق عند اكتماله ربطاً مباشراً بين إيران وأذربيجان وروسيا، ليصبح ممراً أساسياً لنقل البضائع دولياً.
على الرغم من تسارع وتيرة التنفيذ هذا العام، ما زالت الآراء منقسمة بشأن جدوى المشروع. المؤيدون يرون أن استكمال ممر الشمال – الجنوب يكتسب أهمية استراتيجية كبرى لربط جنوب وجنوب شرقي آسيا بروسيا وأوروبا والقوقاز، وكذلك دول رابطة الدول المستقلة (CIS) بالخليج وأفريقيا، مع توقع مرور ما بين 15 و20 مليون طن من البضائع سنوياً عبر الخط. لذلك يعتبرون أن العقبات المالية والتنفيذية والبيئية لا ينبغي أن تعطل المشروع. كما يشيرون إلى الأهمية الاستراتيجية لاعتماد روسيا وأذربيجان اقتصادياً على إيران.
لكن المنتقدين يثيرون تساؤلات حول كيفية تملّك 600 هكتار من الأراضي المملوكة لأكثر من 3000 شخص، إلى جانب مخاوف تتعلق بسلامة القطارات على مسار مرتفع، وضمان تقليص الأضرار البيئية، وفترة استرداد الاستثمار الطويلة. ويحذر هؤلاء من أن المشروع قد لا يحقق العوائد المتوقعة ما لم تُحل هذه الإشكالات.
وتبقى هناك علامات استفهام حول موقف روسيا في حال عودة العقوبات الدولية بموجب “آلية الزناد”، خصوصاً مع عدم حسم كلفة المشروع النهائية حتى الآن.
اقرأ المزيد
من الصحافة الإيرانية: الوضع المعقد في القوقاز والمخاطر العالية التي يشكلها مشروع رشت-أستارا