إسرائيل ترفع جاهزيتها العسكرية في ضوء فرض العقوبات على إيران

في ظل إعادة فرض العقوبات المُعطّلة على طهران، تلحظ إسرائيل أخيراً تزايد التوتر والقلق في أوساط نظام الحكم في إيران.

ميدل ايست نيوز: في ظل إعادة فرض العقوبات المُعطّلة على طهران، تلحظ إسرائيل أخيراً تزايد التوتر والقلق في أوساط نظام الحكم في إيران، وفقاً لما أوردته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الأحد، مشيرةً إلى أن التوتر  بدأ يُلحظ حتّى قبل صدور قرار إعادة فرض العقوبات، بموازاة استمرار شكوك طهران تجاه إسرائيل انطلاقاً من التخوّف من أنها قد تبادر إلى شنّ هجوم آخر على طهران في أيّة لحظة. وخلف الكواليس يسود توتر شديد خشيةً من “سوء تقدير”؛ إذ تقدّر الجهات الأمنية في إسرائيل أن هذا التوتر قد يتصاعد في ضوء إعادة فرض العقوبات، وبناءً على ما سبق فإنها ترفع مستوى جاهزيتها لأي تطوّر.

وأتى ما تقدم، بعدما اتخذ مجلس الأمن الدولي، في نهاية الأسبوع، قراراً بإعادة تفعيل آلية “سناب باك”، التي تتيح إعادة فرض العقوبات والقيود التي عُلّقت لدى توقيع الاتفاق النووي عام 2015 دون الحاجة إلى موافقة جديدة من مجلس الأمن الذي رفض الاقتراح الروسي-الصيني بتأجيل إعادة فرض العقوبات. وطبقاً للصحيفة، يرتبط القرار المذكور جزئياً بالنتائج الإيجابية التي حققتها الحرب الإسرائيلية على إيران، وهو ما دفع تل أبيب إلى الدخول في حالة تأهب قصوى استعداداً لأي تطوّر.

وتشمل العقوبات المفروضة على إيران: حظراً على تصدير الأسلحة واستيرادها، منع تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته، حظر إطلاق صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية أو الانخراط في أنشطة متعلقة بهذه الصواريخ، حظر نقل تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، تجميد الأصول الإيرانية في أنحاء العالم، ومنع دخول أفراد وشركات إيرانية إلى دول مختلفة. بالإضافة إلى ما سبق، منح القرار الدول صلاحية تفتيش الطائرات والسفن الإيرانية بهدف الكشف عن بضائع محظورة.

وفي غضون ذلك، أجرت إيران، الأسبوع الماضي، تجربة صاروخ عابر للقارات بموازاة الشروع في إعادة تأهيل منظومة الصواريخ التي تضررت خلال الحرب. ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن الإيرانيين لا يزالون يفتقرون إلى مكوناتٍ حاسمة، مثل الخلاطات الكوكبية اللازمة لصناعة الوقود الصلب، فضلاً عن تضرر المنشآت العسكرية التي استهدفتها الطائرات الحربية الإسرائيلية. من جهتها، تعتبر إيران أن إعادة تأهيل صناعة الصواريخ خطوة شرعية لا علاقة لها ببرنامجها النووي، مشيرةً إلى أنه لا ينبغي إخضاعها للرقابة في إطار الاتفاقات الدولية.

على المقلب الآخر، تعتبر إسرائيل، وفقاً لجهات مختصة في تقدير الوضع، أن الحرب التي شنّتها تل أبيب على طهران في 13 يونيو/حزيران الماضي، واستمرت 12 يوماً، أحدثت خضة عنيفة في صفوف المعارضة والشعب الإيراني، ورغم ذلك، فإن “النظام قد نجا”. ففيما شهدت طهران نزوحاً واسعاً وغير مسبوق لسكانها، فإنه “لا يوجد بديل للنظام الحالي الذي لا يزال واقفاً على قدميه”، وفقاً لما قاله مسؤول إسرائيلي رفيع، موضحاً أنه “لا ينبغي أن نغفل حقيقة أن إيران ما زالت قوّة عظمى”.

بموازاة ما سبق، نقلت الصحيفة عن مصدر رفيع مختص في تقدير الوضع، قوله إن “إسرائيل انتصرت في المواجهة الأخيرة”، لكنه استدرك: “ثمة احتمال لاندلاع مواجهة أخرى، ولذلك ينبغي الاستعداد، وعدم التهاون. يجب أخذ الإيرانيين بجدية”. وأوضح أن سبب ما تقدّم عائدٌ إلى أنه “لا يزال لدى الإيرانيين ما يكفي من الصواريخ، كذلك فإنّ برنامجهم النووي لم يُدمّر تماماً؛ وبإمكان (المرشد الأعلى، علي) خامنئي أن يقرر غداً صباحاً السعي نحو القنبلة بأي ثمن والعمل على ذلك سرّاً”.

ورداً على سؤال عما حققته إسرائيل بخصوص البرنامج النووي، قال المصدر: “سببنا أضراراً شديدة للبرنامج، وأبعدناهم عن امتلاك سلاح نووي، لكن لا يزال بمقدورهم اختراق الطريق نحو القنبلة خلال عام. آمل أن نعلم بذلك. استخباراتنا جيدة، لكنها ليست كاملة أبداً”. ورأى أنه “كلما ابتعدنا عن العملية، أعادوا تأهيل القدرات. المواد النووية لا تزال بيدهم، ولذلك العجلة تكمن في التوصل إلى اتفاق رقابي، حتى لو كانت لهذا الاتفاق تكاليف سياسية مثل تعزيز النظام وتقويته”.

ما تقدم يأتي بينما تخوض إسرائيل وإيران، منذ نهاية الحرب التي شنّتها الأولى على الثانية، مسارات للتعلم واستخلاص العبر: الإيرانيون يحللون عمق الاختراقات الاستخباراتية، التي تمثلت باغتيال علماء نوويين وقادة الحرس الثوري، فضلاً عن تعطيل أنظمة الدفاع الجوي وجزء كبير من منظومة الصواريخ والقاذفات. أمّا جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيرى -بحسب الصحيفة- التهديد الباليستي تهديداً وجودياً مماثلاً للتهديد النووي، بسبب كمية الصواريخ التي بحوزة إيران.

وعلى أساس ما سبق، فإن الجهد الذي تبذله إسرائيل “متعدد الطبقات”، ويتمثل بالجهد الاستخباراتي لتتبع عمليات إعادة التأهيل وإصلاح ما تضرر؛ دبلوماسي، ويتمثل بالضغوط على الصين وروسيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمنعهما من تقديم المساعدة لإيران؛ وتقني يتمثل بتسريع تطوير أنظمة الاعتراض والليزر.

إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى أنه بعد الحرب الأخيرة، بات واضحاً لدى الإسرائيليين أن “منظومة الصواريخ تشكل تهديداً وجودياً لا يمكن التعايش معه، وأنه يجب الاستثمار في الدفاع والتصدي”. وإلى جانب العمل العسكري، يشدد الجيش الإسرائيلي -بحسب الصحيفة- على أن للحرب على إيران ثلاثة إنجازات رئيسية، تبدت أولاً في إعادة إيران إلى محور الاهتمام الدبلوماسي؛ حيث عززت الحرب الوعي الدولي بعدم التزام إيران الاتفاق النووي، ما أفضى إلى تفعيل آلية “سناب باك”. وثانياً، تعطيل البرامج النووية على المدى القصير؛ إذ أبطأت الضربات مسار الوصول إلى السلاح النووي. وثالثاً، تعزيز الردع الإسرائيلي، حيث عززت الحرب الثقة بقدرة إسرائيل على التحرك ضد التهديدات الاستراتيجية بدقة وسرعة عالية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى