الصحافة الإيرانية: هل تستطيع الصين وروسيا مساعدة إيران بعد “سناب باك”؟

تطرح العديد من الأسئلة عقب تفعيل آلية «سناب باك»، وأهمها حول ما إذا كان في مقدور الصين وروسيا تقديم دعم فعال لإيران للحد من آثار عودة قرارات مجلس الأمن.

ميدل ايست نيوز: تطرح العديد من الأسئلة عقب تفعيل آلية «سناب باك»، وأهمها حول ما إذا كان في مقدور الصين وروسيا تقديم دعم فعال لإيران للحد من آثار عودة قرارات مجلس الأمن. نظرياً، يمكن تصوّر ثلاثة مجالات لمثل هذا الدعم:

1- عدم تنفيذ القرارات الستة المُعاد تفعيلها.

2- عرقلة عمل لجنة العقوبات 1737 وفريق الخبراء التابع للقرار 1929.

3- منع اتخاذ إجراءات جديدة من مجلس الأمن ضد إيران.

عدم تنفيذ القرارات الستة

وفي مقال رأي نشرته صحيفة شرق، للدبلوماسي الإيراني السابق، كوروش أحمدي، جاء أن في 28 أغسطس، وجّهت الصين وروسيا وإيران رسالة مشتركة إلى رئيس مجلس الأمن أكدت فيها أن الدول الأوروبية الثلاث ليست في موقع قانوني يسمح لها بتفعيل آلية الزناد. وأشارت الرسالة إلى أنه إذا تم تفعيلها رغم العيوب القانونية الشكلية والموضوعية، فإن النتيجة «لن تُنشئ التزامات قانونية دولية لأعضاء الأمم المتحدة». بمعنى، أن الصين وروسيا وإيران لن تعتبر نفسها ملزمة بتنفيذ تلك القرارات في حال عودتها. ومع أن بكين وموسكو كررتا هذا الموقف في جلسات مجلس الأمن الخاصة بقرارات تمديد رفع العقوبات وتقرير القرار 2231، فإنهما لم تؤكدا صراحة مسألة عدم نشوء التزامات قانونية. لذا يبقى السؤال مطروحاً حول مدى التزامهما عملياً بما ورد في رسالة 28 أغسطس، ولا سيما في مجالات التعاون التسليحي التقليدي والصاروخي والنووي مع إيران، علماً بأنهما غالباً ما تراعيان العقوبات الأحادية الأميركية والأوروبية.

عرقلة عمل لجنة العقوبات وفريق الخبراء

إعادة تفعيل القرارات تعني عودة لجنة العقوبات الخاصة بإيران، التي أنشئت بموجب القرار 1737. هذه اللجان تعتبر أجهزة فرعية لمجلس الأمن وفق المادة 29 من الميثاق، وتستمر طالما استمرت العقوبات، من دون الحاجة إلى تجديد سنوي. لذلك فإن الصين وروسيا لا تستطيعان منع وجود اللجنة، لكنهما تستطيعان تعطيل عملها، إذ تُتخذ القرارات داخلها بالإجماع، ما يتيح لكل عضو – دائم أو غير دائم – تعطيل القرارات. هنا يمكن للصين وروسيا عرقلة التوافق، بدءاً من إطالة عملية اختيار رئيس اللجنة. كما يمكنهما تعطيل مهام اللجنة التي تشمل متابعة تنفيذ العقوبات وإضافة أو حذف كيانات وأشخاص من قائمة العقوبات وإصدار بيانات وتقارير أو إقرار إعفاءات.

تعد تجربة كوريا الشمالية نموذجاً واضحاً. فبعد تجربتها النووية عام 2006، تعاونت بكين وموسكو مع الغرب في مجلس الأمن ولجنة العقوبات 1718 وأقرت عشرة قرارات ضد بيونغ يانغ. لكن منذ 2017 أوقفتا هذا التعاون ومنعتا صدور قرارات جديدة، بل عرقلتا عمل اللجنة نفسها.

كذلك، يمكنهما تعطيل إنشاء فريق الخبراء المنبثق عن القرار 1929، والمكلّف بمراقبة العقوبات على إيران. وعلى عكس لجنة العقوبات، يتطلب الفريق تجديد تفويضه سنوياً، ما يتيح للصين وروسيا استخدام الفيتو لمنع تشكيله. المثال الكوري حاضر أيضاً: ففي عام 2024 استخدمت موسكو الفيتو، وامتنعت بكين عن التصويت، ما حال دون تمديد مهمة فريق الخبراء المعني بكوريا الشمالية.

منع إجراءات جديدة ضد إيران

تعتمد الإجراءات الأخرى التي قد تتخذها موسكو وبكين دعماً لطهران على التطورات المقبلة. فإذا انسحبت إيران مثلاً من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، قد تتمكن روسيا والصين من منع أي خطوات تصعيدية يطرحها الغرب في مجلس الأمن. بعد انسحاب كوريا الشمالية من المعاهدة عام 2003، منعت بكين وموسكو صدور إدانة من المجلس أو فرض عقوبات بهذا الخصوص. لكن بعد التجربة النووية الكورية في 2006، تعاون البلدان مع الغرب حتى عام 2017 لإصدار عقوبات متتالية ضد بيونغ يانغ.

رغم بعض أوجه الشبه، فإن تعاطي روسيا والصين مع الملف الإيراني يختلف كثيراً عن تعاطيهما مع كوريا الشمالية. فقد دعمتا بيونغ يانغ بقوة بين 2003 و2006، بينما صوّتتا إلى جانب الغرب لصالح كل قرارات العقوبات ضد إيران بين 2006 و2010. ويرجع هذا التفاوت إلى عوامل عدة، منها موقع إيران الحساس في الشرق الأوسط ووجود إسرائيل وأولوية التعاون الروسي-الصيني مع دول مجلس التعاون الخليجي الست وحساسية الملف الإيراني بالنسبة للغرب والفروق في السياسة الخارجية بين طهران وبيونغ يانغ، وكذلك الاختلاف في التصورات الدولية بشأن أهداف برامجيهما النوويين.

يبقى الزمن هو العامل الحاسم لمعرفة كيف ستتصرف الصين وروسيا عملياً حيال عودة العقوبات الأممية على إيران. لكن من المهم أن تتعامل طهران بحذر مع أي حسابات تبنيها على دعم موسكو وبكين، لأن سياساتهما قد تختلف جوهرياً عمّا تتوقعه إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى