هل هناك سبيل لخفض تبعات إعادة فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني؟
أوضحت عضو هيئة ممثلي غرفة تجارة إيران أن أولى تداعيات عودة العقوبات الأممية "آلية الزناد" ستكون ارتفاع تكاليف التصدير، بما في ذلك النقل والتأمين والتحويلات المالية.

ميدل ايست نيوز: شهدت السوق الاقتصادية الإيرانية في الأشهر الأخيرة موجة جديدة من المخاوف بعد تداول أنباء عن تفعيل “آلية الزناد” وعودة العقوبات الأممية، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة مخاوف المستثمرين والمصدرين بشأن مستقبل التجارة والاستثمار في البلاد. هذه الآلية تعني عودة جميع القيود الدولية على إيران، بما يجعل آثارها أشد من العقوبات الأحادية السابقة.
وأظهرت تجارب السنوات الماضية هشاشة الاقتصاد الإيراني أمام العقوبات، إذ واجهت الشركات قيوداً مصرفية وصعوبات في التحويلات المالية ومشكلات في التأمين والنقل، إضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية. هذه الأوضاع التي تتزامن مع تقلبات حادة في أسعار الصرف وارتفاع معدلات التضخم، ضغطت بشدة على معيشة الإيرانيين. ويخشى خبراء أن عودة العقوبات الأممية قد تفاقم الأزمة وتغلق حتى البدائل المتاحة.
تأثيرات مباشرة على القطاعات الاقتصادية
أوضحت فريال مستوفي، عضو هيئة ممثلي غرفة تجارة إيران، في تصريح لوكالة “خبر أونلاين“، أن أولى تداعيات عودة العقوبات ستكون ارتفاع تكاليف التصدير، بما في ذلك النقل والتأمين والتحويلات المالية. وأضافت أن القيود على انتقال الأموال، التي كانت قائمة سابقاً ستشتد أكثر، وهو ما سيقلص الوصول إلى الأسواق العالمية ويزيد من حذر العملاء الأجانب تجاه استمرارية التوريد من إيران.
وقالت إن مختلف الصناعات الإيرانية معرضة للخطر، غير أن قطاعات الصلب والمعادن الأساسية هي الأكثر هشاشة. كما لفتت إلى أن الصناعات البتروكيميائية والغذائية وبعض الصناعات المعتمدة على التكنولوجيا قد تتعرض أيضاً لضرر بالغ.
وحول كيفية الحفاظ على القدرة التنافسية، أشارت مستوفي إلى أن توسيع العلاقات مع الدول المجاورة والأسواق الإقليمية يمثل خياراً عملياً، داعية إلى تحسين جودة المنتجات واستخدام التكنولوجيا الحديثة وخفض تكلفة الإنتاج. كما شددت على ضرورة أن تتبنى الحكومة الإيرانية حوافز للتصدير وتسهيلات جمركية بدلاً من السياسات العقابية تجاه المصدرين.
وأكدت عضو هيئة ممثلي غرفة تجارة إيران أن عودة العقوبات الأممية تعني التزام جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بتنفيذها، وهو ما سيؤدي إلى إلغاء العديد من العقود المصرفية والتجارية الدولية. وحذرت من أن العلامة التجارية لإيران ستفقد المزيد من مصداقيتها على الساحة العالمية، مشيرة إلى أن إيران لم تمتلك أصلاً علامات تجارية قوية على المستوى الدولي.
وفي ما يخص الاستثمار الأجنبي، قالت مستوفي إن إيران لم تتمكن خلال العقود الأربعة الماضية من جذب استثمارات ذات شأن رغم إمكاناتها الكبيرة. وأوضحت أن عودة العقوبات لن تمنع الاستثمارات الجديدة فحسب، بل ستسرّع من وتيرة خروج الأموال وتعطيل مشاريع قائمة.
وأضافت أن عمليات التفتيش الدولية على السفن والطائرات الإيرانية ستكون من بين التداعيات الأخرى للعقوبات، ما سيؤثر سلباً على واردات البلاد وقطاع النقل بشكل عام.
الخيارات المتاحة أمام إيران
تحت عنوان “ما هي طرق تخفيف آثار العقوبات؟”، شددت مستوفي على أن قدرة غرفة تجارة إيران في الحفاظ على قنوات التواصل مع الدول غير المنخرطة في العقوبات محدودة، لأن أي دولة تتعاون مع إيران قد تواجه عقوبات ثانوية. ورأت أن الحل يكمن في تقوية شبكات التصدير الإقليمية، والتركيز على أسواق آسيا وأوراسيا، واستخدام آليات مثل المقايضة.
كما أشارت إلى أن التجارة الحدودية، وتوسيع صادرات الخدمات الفنية والهندسية، والاستفادة من الاتفاقات الإقليمية مثل أوراسيا، تمثل خيارات يمكن استغلالها. وأكدت أن المقايضة مع دول مثل أفغانستان وروسيا والصين والعراق يمكن أن تخفف بعض الأعباء.
وعلى الصعيد الداخلي، انتقدت مستوفي سياسات البنك المركزي التي تهدف إلى كبح التضخم، معتبرة أنها عقدت وصول الشركات إلى التمويل أكثر من أي وقت مضى.
وفي ختام تصريحاتها، رأت أن ازدهار سوق التهريب يعكس إخفاق السياسات الحالية، مشيرة إلى أن الفجوة في أسعار الصرف بين السوق الرسمية والموازية تغذي نشاط التهريب. وأضافت: “إذا تم تفعيل آلية الزناد فلن يبقى أي سبيل لإدارة هذا الوضع”.