إحصائيات عن وضع العمال في سوق العمل الإيراني
تشير الإحصاءات إلى أن عدد النساء العاملات في إيران لا يتجاوز 3.5 مليون امرأة، في حين يبلغ عدد الرجال العاملين أكثر من 20 مليوناً، وفقاً لمركز الإحصاء الإيراني.

ميدل ايست نيوز: نحو 14 مليون عامل يعيشون في إيران، أي ما يعادل قرابة 58 في المئة من إجمالي القوى العاملة في الأسواق الإيرانية. تشير بيانات وزارة العمل إلى أن نحو 60% من هؤلاء العمال يتقاضون الحد الأدنى للأجور، وكثير منهم يعملون في أكثر من وظيفة.
وفي المقابل، يبلغ عدد سائقي سيارات الأجرة عبر التطبيقات الإلكترونية في إيران نحو 15 مليون شخص، في حين أن شركة “أوبر” العالمية، التي تنشط في 71 دولة، لا تضم سوى نحو 7 ملايين و700 ألف سائق، أي ما يعادل نصف عدد السائقين الإيرانيين تقريباً. ويُعزى هذا إلى أن كثيراً من العمال في إيران يضطرون إلى العمل كسائقي أجرة عبر التطبيقات كوظيفة ثانية، لمواجهة التضخم المرتفع والمستمر.
60 في المئة من العمال الإيرانيين يتقاضون الحد الأدنى للأجور
بحسب تقرير مركز الإحصاء الإيراني، يعمل في البلاد نحو 24 مليون شخص في مختلف القطاعات الاقتصادية. وتشير بيانات وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي إلى أن نحو 14 مليوناً منهم مشمولون بالتأمين الاجتماعي، ويشمل ذلك العمال الرسميين والمتعاقدين وبعض العاملين لحسابهم الخاص. أي أن نحو 58 في المئة من العاملين الإيرانيين هم من الفئات المشمولة بالتأمين الاجتماعي.
في المقابل، يعمل عدد كبير من العمال في وظائف غير رسمية أو في الاقتصاد الموازي، من دون عقود عمل أو تغطية تأمينية. ومع ذلك، يتقاضى معظم العمال الإيرانيين الحد الأدنى للأجور.
وقالت بروانه رضائي، نائبة وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي لشؤون علاقات العمل، خلال افتتاح أول مجمع قانوني لحل النزاعات العمالية بين العمال وأصحاب العمل في شيراز مطلع سبتمبر المنصرم، إن قسماً كبيراً من العمال في إيران يعملون بعقود مؤقتة، وإن نحو 60 في المئة منهم يتقاضون الحد الأدنى للأجور، مشيرة إلى أن انعدام الأمن الوظيفي يمثل أحد أبرز مخاوف الطبقة العاملة حالياً.
في السياق نفسه، صرّحت سميه كلبور، رئيسة اتحاد الجمعيات المهنية العمالية، لوكالة إيلنا العمالية أن تعدد الوظائف أصبح عادة وضرورة لدى معظم العمال في إيران، إذ إن 60 في المئة منهم يعملون في أكثر من وظيفة.
وأضافت أن هذا الوضع ناجم عن تراجع القدرة الشرائية وانخفاض الأجور مقارنة بمستوى التضخم الفعلي، موضحة أن أكثر من نصف دخل العمال يُنفق على الإيجار أو أقساط السكن، في حين أن تكاليف العلاج والتعليم والتنقل والغذاء تتزايد باستمرار.
وأكدت كلبور ضرورة أن يعقد المجلس الأعلى للعمل جلساته بانتظام، وأن تتم مراجعة الأجور بما يتناسب مع معدلات التضخم الحقيقية وتكاليف المعيشة.
70 في المئة من دخل العمال يُنفق على السكن
تزداد معاناة العمال في سوق الإسكان بشكل حاد، إذ يشكّل السكن النسبة الأكبر من نفقات الأسر الإيرانية. وإذا ما قورنت الأجور السنوية للعمال الذين يتقاضون الحد الأدنى بالأثمان المتوسطة للمساكن، يتضح أن مدة انتظارهم لامتلاك منزل قد تتجاوز القرن الواحد.
وقال محمد رضا تاجيك، عضو لجنة الأجور في المجلس الأعلى للعمل، لوكالة تسنيم للأنباء، إن السكن يستحوذ على نحو 70 في المئة من دخل العمال. وأضاف أن كثيراً منهم يعملون في خدمات سيارات الأجرة الإلكترونية كوظيفة ثانية، وأن عدد السائقين في هذه المنصات مرتفع جداً.
ومطلع يونيو من هذا العام 2025، أعلن المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي، سعيد منتظر المهدي، أن أكثر من 15 مليون سائق يعملون حالياً في مختلف تطبيقات النقل عبر الإنترنت في 232 مدينة إيرانية، بينما تمتلك “أوبر” في 71 دولة و10 آلاف مدينة حول العالم نحو 7 ملايين و700 ألف سائق فقط.
أوضاع النساء العاملات أكثر سوءاً
يرى الباحث في قضايا التنمية محمد بحرينيان أن هذه الظاهرة ناتجة عن ضعف الاقتصاد الإيراني الذي يفتقر إلى قاعدة إنتاجية متينة، ما يدفع أعداداً كبيرة من الناس إلى اللجوء إلى أعمال غير رسمية أو مؤقتة.
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية زهرا كريمي لصحيفة “شرق” إن عدداً كبيراً من العمال في إيران، وخصوصاً النساء، اتجهوا إلى أعمال هامشية مثل البيع المتجول أو المهن غير الرسمية.
كما أن الأوضاع في قطاعات الغذاء والتعليم ليست أفضل حالاً، إذ وصلت معدلات التضخم في بعض السلع الغذائية إلى مستويات ثلاثية الأرقام، وارتفعت أعداد الأطفال المنقطعين عن الدراسة بالتوازي مع تصاعد معدلات التضخم.
وقد كانت النساء العاملات أكثر الفئات تضرراً. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد النساء العاملات في إيران لا يتجاوز 3.5 مليون امرأة، في حين يبلغ عدد الرجال العاملين أكثر من 20 مليوناً، وفقاً لمركز الإحصاء الإيراني.
وفي إيران، تقترب كثير من النساء المعيلات للأسر من سن الشيخوخة، لكنهن مضطرات إلى مواصلة العمل بسبب غياب أنظمة الدعم والتقاعد. وتشير بيانات التعداد السكاني لعام 2016 إلى أن متوسط أعمار النساء المعيلات تجاوز 60 عاماً، وأن نحو نصفهن يعشن بمفردهن. كما أن نصف هؤلاء النساء تقريباً أميات، فيما أبدت ثلث النساء بين 18 و49 عاماً رغبتهن في المشاركة الاقتصادية. وتعيش أكثر من ثلث الأسر التي تعيلها نساء في الشرائح الأدنى من الدخل.
وقالت زهرا كريمي لصحيفة شرق إن أكثر العاملات هشاشة في سوق العمل الإيراني هن النساء في الأسر الفقيرة، لأن معظمهن ذوات تعليم محدود ويعملن في مهن يدوية أو خدمية. وتتعرض هذه الوظائف لتهديد مزدوج: فمن جهة، تدهورت الأوضاع الاقتصادية في العقد الأخير، وتسارعت وتيرة خروج رؤوس الأموال، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير من المنشآت والأعمال، وكان للقطاع الخدمي النصيب الأكبر من الخسائر، وهو القطاع الذي تعمل فيه نسبة كبيرة من النساء. ومن جهة أخرى، أدى التوسع في المكننة إلى إحلال الآلات مكان النساء العاملات في المهن اليدوية والزراعية أو في ورش التعبئة والتغليف، ما أدى إلى تقلص فرص العمل التقليدية المتاحة لهن.
في المقابل، اتجهت النساء المتعلمات وخريجات الجامعات إلى المهن الحديثة، فبينما تراجع حضور النساء في المهن التقليدية، ارتفعت نسبتهن في المهن العصرية.
وخلاصة القول إن النساء العاملات ذوات التعليم المحدود في الشرائح الفقيرة من المجتمع هن الأكثر تضرراً من أوضاع سوق العمل في إيران، وقد ازدادت معاناتهن الاقتصادية والفقر الذي يعيشنه.
اقرأ المزيد