إيران تخسر مبنى شركة النفط في لندن وأصول في ماليزيا خلال نزاع مع “الهلال” الإماراتية
لا يزال ملف شركة "الهلال" الإماراتية أو ما يعرف بـ "عقد كرسنت" العقد المثير للجدل لبيع الغاز الإيراني إلى الإمارات بعد أكثر من عقدين من الزمن يلقي بظلاله الثقيلة على الاقتصاد الإيراني.

ميدل ايست نيوز: لا يزال ملف شركة “الهلال” الإماراتية أو ما يعرف بـ “عقد كرسنت” العقد المثير للجدل لبيع الغاز الإيراني إلى الإمارات بعد أكثر من عقدين من الزمن يلقي بظلاله الثقيلة على الاقتصاد الإيراني. أحدث مستجدات هذا الملف كانت مصادرة مبنى بقيمة مئة مليون جنيه إسترليني تابع للشركة الوطنية للنفط الإيراني في لندن لصالح شركة “كرسنت بتروليوم” الإماراتية، وهو ما يذكّر بالخسائر المادية والمعنوية الطويلة الأمد لهذا العقد.
وكتب موقع رويداد 24 في تقرير له، أن عقد هلال، أحد أكثر العقود الاقتصادية جدلية في إيران خلال العقدين الأخيرين، لا يزال يلاحق البلاد من خلال القضايا الدولية والأحكام الباهظة. هذا العقد، الذي أُبرِم في أوائل الثمانينيات بين شركة النفط الإيرانية وشركتي “كرسنت بتروليوم” لبيع الغاز الإيراني إلى الإمارات، كان يهدف إلى تصدير الغاز من حقل سليمان الإيراني للإمارات لمدة 25 عامًا، لكنه منذ البداية شهد خلافات وغموضًا واسع النطاق. فقد كان السعر المحدد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز منخفضًا جدًا، وتجاوز توقعات الخبراء، وقد حذر العديد من أن تنفيذ العقد قد يتسبب بخسائر بمليارات الدولارات لإيران.
هلال وكذبة كبرى بقيمة 3 مليارات دولار
مع مرور الوقت، حولت القضايا القانونية والطعون المتعددة المتعلقة بهلال هذا العقد إلى واحد من أغلى الملفات الاقتصادية في تاريخ إيران. كانت أحدث الضربات لهذا الملف مصادرة مبنى الشركة الوطنية للنفط الإيراني في لندن؛ وهو عقار تاريخي واستراتيجي في شارع فيكتوريا، بالقرب من البرلمان البريطاني وقصر وستمنستر، كان يخص إيران لما يقرب من خمسين عامًا وله قيمة معنوية واقتصادية عالية جدًا.
وأعلن الملياردير والمتهم بالفساد النفطي بابك زنجاني عبر حسابه على تويتر أن شركة هلال لم تقم بمصادرة هذا المبنى فحسب، بل استولت أيضًا على أكثر من 2.3 مليار دولار من أصول الشركة الوطنية للنفط الإيراني في بنك FIIB الماليزي. ويأتي هذا الإجراء كجزء من تنفيذ حكم التحكيم في لاهاي واستمرار المصادرات السابقة لأصول إيران في لندن وروتردام. وأوضح الموقف المثير للجدل أن بعض المسؤولين الإيرانيين كانوا قد نفوا مرارًا وجود هذه الأموال في حسابات زنجاني، لكن محكمة ماليزيا قامت الآن بتحويل الأموال لصالح “كرسنت بتروليوم” الإماراتية؛ لتسجل بذلك خسارة جديدة لعقد ظل تأثيره على الاقتصاد الإيراني أكثر من 25 عامًا.
يأتي هذا الإجراء بعد مصادرات سابقة لأصول إيران في لندن وروتردام، وهو جزء من الحكم النهائي للمحكمة الدولية في عام 2021. وتثير القضية جدلًا إضافيًا نظرًا لأن بيجن زنغنه، وزير النفط الإيراني السابق، كان قد نفى مرارًا خلال عامي 2019 و2020 وجود هذه الأموال في حسابات زنجاني.
والآن تبين أن الأموال التي قيل إنها غير موجودة قد استولت عليها محكمة ماليزيا لصالح شركة هلال، لتضيف خسارة جديدة لعقد ظل أكثر من عقدين يلقي بظلاله على الاقتصاد الإيراني.
ردود الفعل: تحذيرات للمسؤولين والرأي العام
أبدى الخبراء والنشطاء السياسيون ردود فعلهم تجاه هذا الملف. فقد أكد الناشط الإعلامي محسن برهاني أن نهب الأموال الوطنية لإيران كان يمكن منعه من خلال الالتزام بالقواعد القانونية والشفافية، وأن غياب المحاسبة وعدم وضوح المسؤوليات يعدان أهم مشكلة في الحكم الوطني. وكتب على منصة إكس: «شركة هلال مستمرة في مصادرة أموال الشعب الإيراني. لو تم الالتزام بالقواعد القانونية لما واجهنا هذا النهب. عدم المحاسبة ناتج عن غياب الشفافية وعدم وضوح المسؤوليات. هذه هي التحديات الرئيسية للحكم في إيران.»
كما شدد حشمت الله فلاحت بيشه على ضرورة المتابعة القضائية للملف، مؤكدًا أن المبنى الثمين لإيران في لندن قد صودَر لصالح هلال، ويجب على المسؤولين اتخاذ الإجراءات ضد المسؤولين عن هذه الخسائر كي لا يتحمل الشعب نتائج القرارات السياسية والاقتصادية السابقة. وكتب: «سيدي النائب العام! المبنى الثمين لإيران في لندن قد صودَر لصالح شركة كرسنت الإماراتية. من واجبكم مقاضاة المتسببين في هذه الخسارة الضخمة لمصالح الأمة. لا ينبغي أن يدفع الشعب ثمن مكاسب السلطة والثروة لدى السياسيين.»
وأشار الصحفي أحمد زيد آبادي إلى أن تركيز البرلمان الإيراني على فرض الحجاب الإجباري على الإيرانيات، بينما يتم مصادرة المبنى الوطني للنفط الإيراني في لندن، يهدف فقط لصرف نظر الرأي العام عن الواقع المرير في البلاد. وكتب هذا المحلل السياسي: «بينما يركز النواب بكل طاقتهم على مسألة فرض الحجاب ويستخدمون أقسى العبارات ضد من لا يضعن الحجاب، أصدرت محكمة الاستئناف البريطانية حكمًا بمصادرة مبنى الشركة الوطنية للنفط الإيراني البالغ قيمته 125 مليون دولار لصالح شركة هلال الإماراتية. كل هذا الجدل حول الحجاب يهدف فقط لصرف الرأي العام عن الواقع المرير للبلاد. مرّ 23 عامًا على عقد هلال، وما زال الناس لا يعرفون ما هي الحقيقة وراءه ولماذا تم إلغاؤه، كل ما يسمعونه أنهم ملزمون بدفع تعويضات ضخمة. زنغنه (وزير النفط الإيراني السابق) دعا مرارًا جليلي للمناظرة حول هذا الملف، لكنه لم يحضر. إذا لم يكن لديكم ما تخفوه، فاجعلوا الناس يعرفون من فرض هذه الخسارة على البلاد. لا مبررات مقبولة بعد الآن، بما في ذلك “الأمن القومي”.»
هلال: درس مؤلم في إدارة العقود الكبرى
هذا هو الفصل الأحدث من “عقد كرسنت”، لكن القصة لا تنتهي هنا. فقد سبق أن نظرت محكمة منطقة روتردام في هولندا في النزاع بين إيران والشركة الهولندية “Heuvel Vastgoed B.V”. حول بيع المبنى المحجوز وأصدرت حكمًا بالمصادرة. وتشير هذه العملية إلى أن هلال، من خلال استغلال القضايا الدولية وأحكام المحاكم، قد زادت بشكل كبير من الخسائر المادية والمعنوية لإيران.