الصحافة الإيرانية: تداعيات خطيرة للعقوبات في مجال واردات أدوية الأطفال في إيران

رغم أن المواد الإنسانية، مثل الأدوية والأجهزة الطبية، تُستثنى رسمياً من العقوبات المفروضة على إيران، فإن تأثيراتها غير المباشرة على استيراد الأدوية النادرة والمتخصصة لا يمكن إنكارها.

ميدل ايست نيوز: سيؤي تفعيل آلية الزناد المنصوص عليها في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 إلى إعادة فرض العقوبات الدولية الواسعة على إيران، وهو ما سيترتب عليه تداعيات خطيرة، من أبرزها تعطل سلاسل توريد الأدوية والمعدات الطبية، خصوصاً تلك المخصصة للأطفال.

وقال موقع دبلوماسي إيراني، إنه رغم أن المواد الإنسانية، مثل الأدوية والأجهزة الطبية، تُستثنى رسمياً من العقوبات، فإن تأثيراتها غير المباشرة على استيراد الأدوية النادرة والمتخصصة لا يمكن إنكارها. يؤكد القانون الدولي بشكل واضح على حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة، غير أن العقوبات المُعاد فرضها، حتى مع وجود الإعفاءات الإنسانية، يمكن أن تنتهك هذا الحق الأساسي بشكل غير مباشر ومنهجي. كما أن الأثر غير المباشر لتفعيل العقوبات الأممية على النقل الجوي واستيراد الأدوية عبر الخطوط الجوية يهدد صحة الأطفال وبقاءهم على قيد الحياة، ما يضعف منظومة الرعاية الصحية في إيران.

وتنص اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي تُعد إيران من الدول الموقعة عليها، في مادتها الرابعة والعشرين على حق جميع الأطفال في الصحة دون أي تمييز، وتُلزم الحكومات بتوفير الرعاية الصحية والعلاج. كما تؤكد المادة السادسة منها أن الحق في الحياة والبقاء والنمو حق أساسي للطفل، وتضع مسؤولية ضمانه على عاتق الدول.

تتميز أدوية الأطفال المصابين بأمراض نادرة بخصائص فريدة، من بينها قلة عدد المنتجين حول العالم، الذين يتركزون غالباً في الدول الغربية. وبالتالي فإن استيراد هذه الأدوية يعتمد بشكل كبير على سلاسل التوريد الدولية والتعاون مع الشركات التي تمتلك تقنيات متقدمة. في هذا السياق، تواجه عمليات نقل هذه الأدوية إلى إيران عبر الجو صعوبات متزايدة بفعل العقوبات.

ومن المتوقع أن تظهر قيود محددة، من بينها:

  1. امتناع شركات النقل الجوي الدولية مثل “لوفتهانزا كارجو” و”دي إتش إل” و”الخطوط القطرية للشحن” عن التعامل التجاري مع إيران.
  2. عدم قدرة الطائرات الإيرانية المخصصة للشحن على الحصول على الوقود أو التأمين في المطارات الأجنبية.
  3. تعطيل أو تباطؤ المسارات الجوية وارتفاع تكاليف الشحن والاستيراد بالنسبة لإيران.

وعلى الرغم من أن الأدوية والمواد الإنسانية تبدو في الظاهر مستثناة من العقوبات، فإن الواقع العملي يُظهر ما يلي:

  1. امتناع المصارف الدولية عن تنفيذ أي معاملات مالية مع إيران.
  2. تردد شركات النقل في التعامل مع الشحنات الموجهة إلى إيران خوفاً من العقوبات الثانوية.
  3. بطء عمليات التخليص الجمركي والخدمات اللوجستية، إذ تصل الشحنات غالباً عبر دول ثالثة وبفترات تأخير طويلة.
  4. تأثير العقوبات المصرفية بشكل كبير على التحويلات المالية، ما يجعل من الصعب، بل المستحيل تقريباً، على إيران تحويل الأموال أو الدفع نقداً لشركات الأدوية الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع التكلفة بشكل كبير.
  5. تعقيد نقل الأدوية الذي يتطلب ظروفاً خاصة مثل درجات حرارة مضبوطة وأزمنة تسليم قصيرة وتأمين شامل، وهي شروط يصعب توفيرها في ظل العقوبات.

لذا، يمكن القول إن استيراد الأدوية إلى إيران، حتى وإن كانت غير مشمولة رسمياً بالعقوبات وتوافرت الرغبة في بيعها من قبل الشركات الغربية أو الأمريكية، سيظل عملية شاقة ومعقدة ومكلفة للغاية.

صحة الأطفال

إن التأثيرات غير المباشرة لتفعيل آلية الزناد على توريد الأدوية تؤدي إلى:

  1. ارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال المصابين بأمراض نادرة.
  2. زيادة الأعباء المالية على الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف العلاج.
  3. تراجع جودة الخدمات الطبية في المستشفيات.
  4. تصاعد الضغوط النفسية والاجتماعية على الأطباء والصيادلة والأطفال وأسرهم.

بالتالي، فإن العقوبات التي تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى وفاة الأطفال المرضى أو تهديد حقهم في الحياة والصحة تتعارض مع مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما أن عدم قدرة العائلات على تأمين الأدوية لأطفالها يسبب قلقاً شديداً للأهل، ويدفعهم في بعض الحالات إلى بيع ممتلكاتهم لتأمين العلاج، ما يفاقم ظاهرة “الفقر الدوائي” بين الأسر التي لديها أطفال مرضى. وفي حالات أخرى، قد تلجأ بعض العائلات إلى التهريب، أو السفر إلى دول مجاورة، أو استخدام أدوية مغشوشة ومنخفضة الجودة.

ومن الضروري أن تُولي السلطات الإيرانية اهتماماً بالغاً بتداعيات عودة العقوبات الأممية، وأن تبحث عن سبل لإعادة تعليقها. كما ينبغي إنشاء آلية إنسانية خاصة لضمان نقل الأدوية الخاصة بالأطفال، بمشاركة منظمات مثل منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة، لضمان حماية حق الأطفال في الصحة والبقاء داخل إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى