مستشار الرئيس الإيراني: مرحلة “ما بعد الاتفاق النووي” تطرح أسئلة جديدة حول موقع إيران في النظام الدولي
أشار المستشار السياسي للرئيس الإيراني إلى أن توسّع الحديث عن «حل الدولتين» بعد جرائم إسرائيل الأخيرة يضع إيران أمام تساؤلات

- مسألة «إيران ما بعد الاتفاق النووي» أثارت تساؤلات جادة داخل الجمهورية الإسلامية بشأن طبيعة علاقتها بالنظام الدولي ونظرتها إلى النظام العالمي المستقبلي
- السؤال المطروح هو: هل ستنتظر إيران حتى نهاية الإدارة الأميركية الحالية، أم أنها ستعتمد شكلًا جديدًا من الحوار؟
- مرحلة ما بعد الاتفاق النووي تفرض على طهران مراجعة عميقة لعلاقاتها الدولية
- من الضروري تقييم مدى تغيّر نظرة الجمهورية الإسلامية. هل تعزّز التوجّه القائم على الدولة والأمة، أم طغى النهج الثوري مجددًا؟
- توسّع الحديث عن «حل الدولتين» بعد جرائم إسرائيل الأخيرة يضع إيران أمام تساؤلات
ميدل ايست نيوز: أكد مهدی سنائي، المستشار السياسي للرئيس الإيراني، أن مسألة «إيران ما بعد الاتفاق النووي» والتحوّلات التي أعقبت تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات، أثارت تساؤلات جادة داخل الجمهورية الإسلامية بشأن طبيعة علاقتها بالنظام الدولي ونظرتها إلى النظام العالمي المستقبلي.
وفي تصريحات نقلها موقع انتخاب، أوضح سنائي أن «الواقع العالمي اليوم يشهد تضييق دائرة الحوار إلى مستوى العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة»، مضيفًا أن «عديدًا من الدول باتت ترى أن التفاوض لا يمكن أن يتم إلا مع الرئيس الأميركي مباشرة». وتابع: «السؤال المطروح هو: هل ستنتظر إيران حتى نهاية الإدارة الأميركية الحالية، أم أنها ستعتمد شكلًا جديدًا من الحوار؟».
وخلال ندوة بعنوان “النظام العالمي والسياسة الخارجية الإيرانية”، قال سنائي إن موضوع النظام العالمي بات من أبرز قضايا العصر الحديث، مشيرًا إلى أن رؤى متباينة تُطرح حوله في الولايات المتحدة والغرب، الصين، روسيا، العالم العربي، وكذلك في إيران. وأضاف: «السؤال المحوري هو: ما ملامح النظام الدولي القادم، وأي موقع سيكون للجمهورية الإسلامية الإيرانية فيه؟».
وأوضح سنائي أن الاتفاق النووي مثّل «إحدى أهم حلقات ارتباط إيران بالبنى الدولية، بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن»، إذ ساهم في تخفيف التهديدات ورفع كثير من العقوبات. لكنه أكد أن مرحلة ما بعد الاتفاق النووي تفرض على طهران مراجعة عميقة لعلاقاتها الدولية.
وأشار إلى أن الدستور الإيراني يجمع بين نهجين متوازيين: دعم الشعوب وحركات التحرر من جهة، والاعتراف بمبدأ سيادة الدول من جهة أخرى، معتبرًا أن الاتفاق النووي كان تجسيدًا للنهج الثاني أي «القبول بالبنى الدولية»، رغم بقاء إيران ضمن الدول الداعية إلى إصلاح النظام القانوني الدولي.
وأضاف سنائي: «بعد مرور نحو عقد على بدء تنفيذ الاتفاق، من الضروري تقييم مدى تغيّر نظرة الجمهورية الإسلامية. هل تعزّز التوجّه القائم على الدولة والشعب، أم طغى النهج الثوري مجددًا؟».
وفي الجانب العملي من السياسة الخارجية، تساءل سنائي عن «خطة البلاد للمستقبل، وإمكانية التوصّل إلى اتفاق أشمل، أو استمرار سياسة المقاومة». وأوضح أن إيران خلال الأعوام الأخيرة انتهجت مسارًا وسطيًا، فتمسّكت بمبادئها، لكنها في الوقت نفسه حاولت عبور الأزمات عبر الحوار.
وأشار إلى أن التطورات الأخيرة بعد تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات تطرح سؤالًا جديدًا حول إمكانية انطلاق جولات تفاوض جديدة بين إيران والقوى العالمية، والدور المحتمل لأوروبا فيها.
وفي ما يخص القضية الفلسطينية، أشار المستشار السياسي إلى أن توسّع الحديث عن «حل الدولتين» بعد جرائم إسرائيل الأخيرة يضع إيران أمام تساؤلات، خصوصًا أنها «تؤكد رسميًا أن هدفها ليس تدمير إسرائيل، لكنها في الوقت نفسه لا تؤيد مشروع الدولتين»، مضيفًا أن الموقف الإيراني من القضايا الكبرى ما زال في طور إعادة التحديد.
وأكد سنائي أن إيران تمتلك خبرة طويلة في مواجهة العقوبات، ولن تتراجع أمام الضغوط الجديدة، بل ستعمل على تقليص آثارها عبر توظيف قدراتها الوطنية والإقليمية، معتبرًا أن «العقوبات ظاهرة مدمّرة، ولا يمكن لأي بلد أن يرحّب بها، ومن المدهش أن يبدي البعض ارتياحًا لعودتها».
وأشار إلى الانقسام غير المسبوق داخل مجلس الأمن بشأن عودة العقوبات، موضحًا أن «عضوين دائمين في المجلس رفضا الموقف الأميركي واعتبرا إعادة العقوبات غير شرعية»، معتبرًا أن هذا الانقسام «قد يتيح فرصًا دبلوماسية لإيران في المستقبل».
وفي ما يتعلّق بالتوجّه نحو الشرق، قال سنائي إن من «القضايا الحيوية اليوم كيفية استفادة إيران من قدراتها في الشرق بعد العقوبات»، مشيرًا إلى عضويتها الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون، وتعزيزها سياسة الجوار، والتجارب الإيجابية التي راكمتها في التعاون مع تكتلات مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بريكس، وإيكو، وهي أطر يمكن أن تساعد في التخفيف من آثار العقوبات.
وختم سنائي بالتأكيد على أن «العقوبات الأممية ليست مرغوبة بطبيعة الحال، والخروج منها يتطلب وقتًا، لكن تجربة العقوبات الأحادية والضغوط القصوى الأميركية بين عامَي 2017 و2021 جعلت إيران أكثر صلابة وقدرة على التكيّف، وهي الآن تسعى عبر سياسات حكيمة وتوظيف الطاقات الجديدة إلى مواصلة مسيرتها في النظام العالمي المقبل».