“هش ومعقد”… كيف علقت الصحف الإيرانية على وقف إطلاق النار في غزة؟
قد لا يمثل وقف إطلاق النار في غزة نهاية رسمية للحرب، بل بداية مرحلة دقيقة وحساسة، حيث حقق الفلسطينيون مكسباً سياسياً ورمزياً كبيراً، في حين تكبدت إسرائيل خسائر سياسية داخلية ودولية واضحة.

ميدل ايست نيوز: حظي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ونهاية الحرب بتغطية واسعة في وسائل الإعلام العالمية، كما أولت الصحف الإيرانية الصادرة في طهران اليوم اهتماماً خاصاً بهذا الحدث، وناقشت أوضاع المنطقة وتحولاتها في ضوء هذا التطور المهم.
بعد أكثر من عامين من القتل والقصف، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل حيز التنفيذ في غزة، وقد انعكس هذا التطور بشكل واسع في الصحف الإيرانية. ورغم التفاؤل الحذر حيال نهاية الحرب، حذّر المحللون من تعقيدات مسار السلام واستمرار التوترات.
وذكرت صحيفة “هممیهن” في تحليلها أنه يمكن النظر بتفاؤل إلى وقف إطلاق النار ونهاية الحرب في غزة، إلا أن هذا التفاؤل يجب أن يكون مشوباً بالحذر. فالأزمة التي تمتد جذورها لأكثر من 80 عاماً وشهدت عدة حروب واسعة ومحدودة، لا يمكن أن تنتهي فجأة باتفاق بسيط. وأضافت أن ما هو أخطر من الحرب ذاتها هو الجرائم والكراهية المتراكمة التي خلّفت جذوراً عميقة من انعدام الثقة والضغائن. ومن هذا المنطلق، لا يمكن تصور سلام فوري ودائم، لكن من الممكن السير تدريجياً نحو إنهاء الحرب.
وأكدت الصحيفة أن القدرات العملية والمحتملة لحركة حماس والفلسطينيين محدودة، وفي المقابل لم تستطع إسرائيل خلال الحرب السيطرة الكاملة على غزة، ما يدل على أن الطرفين استخدما كل أوراقهما، وأن كسر الجمود الراهن يتطلب وساطة وعناصر خارجية.
هزيمة استراتيجية لإسرائيل وفرصة للفلسطينيين
أما صحيفة “اعتماد” فأشارت في تحليلها إلى أن الخسارة الكبرى لإسرائيل لا تكمن في عدد الضحايا أو مدة الحرب، بل في فقدانها “درع المظلومية التاريخية للهولوكوست” وانكشاف سلوكها العنيف أمام العالم، ما غيّر نظرة الرأي العام الدولي، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة، تجاهها.
ورأى الكاتب عباس عبدي في “اعتماد” الإصلاحية أن هذه نقطة قوة للفلسطينيين الذين تمكنوا من خلال عملية السابع من أكتوبر وإظهار معاناة وصمود سكان غزة من كسب تعاطف عالمي واسع. وأضاف أن الرأي العام العالمي بات اليوم عاملاً أساسياً في تشكيل الشرعية الوطنية، وأن إسرائيل خسرت في هذا الميدان بينما استفاد الفلسطينيون من هذه التحولات.
نتنياهو الخاسر الأكبر من اتفاق الهدنة
صحيفة “وطن امروز” ركزت على انعكاسات الهدنة داخل إسرائيل، وكتبت أن بنيامين نتنياهو لم يحقق أياً من أهدافه العسكرية، مثل تحرير الأسرى بالقوة أو القضاء على حماس أو تهجير سكان غزة، وأن اتفاق وقف إطلاق النار كشف فشله سياسياً. وتوقعت الصحيفة أن يشكل هذا الإخفاق مقدمة لمحاكمته وسقوطه السياسي.
كما نشرت الصحيفة تفاصيل اتفاق الهدنة، الذي يتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية وإدخال المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى وإنشاء آليات رقابية من قبل الوسطاء الدوليين. وأشارت إلى أن حركة حماس ما زالت تدير غزة، فيما يبقى موضوع نزع سلاحها غامضاً.
أما صحيفة “كيهان” فذكرت في تقريرها أن وقف إطلاق النار يمثل المرحلة الأولى فقط، مؤكدة أن إسرائيل لا تزال تسعى لنزع سلاح حماس واستعادة أسراها، لكنها فشلت في تحقيق ذلك عملياً. كما شددت على أهمية الدور الإيراني ودور دول المنطقة في ضمان تنفيذ اتفاق الهدنة.
من جانبها، تناولت صحيفة “جوان” التداعيات السياسية للهدنة على حماس وإسرائيل، معتبرة أن الاتفاق يعد مكسباً سياسياً كبيراً للفلسطينيين وهزيمة استراتيجية لحكومة نتنياهو.
وكتبت صحيفة “فرهیختكان” أن الهدنة ليست نهاية الطريق بل بداية مرحلة معقدة، وأنها لن تكون مستقرة ما لم تُضمن الحقوق القانونية للفلسطينيين. وأشارت إلى الدور المهم للوسطاء الإقليميين والدوليين في ترسيخ الاتفاق.
أما صحيفة “خراسان” فقد استعرضت ردود الفعل الدولية والإقليمية، مشيرة إلى أن وقف الحرب لقي ترحيباً من الدول الأوروبية والإقليمية، واعتبره بعض الخبراء خطوة أولى نحو سلام دائم وعادل.
آفاق المستقبل
تعددت ردود الفعل العالمية بعد الإعلان عن الهدنة، فقد رحبت دول أوروبية مثل ألمانيا والنرويج وإسبانيا والدنمارك، إلى جانب دول إقليمية مثل تركيا والأردن والسعودية، باتفاق وقف إطلاق النار. كما أكدت منظمة العفو الدولية أن هذه الهدنة يجب أن تكون مقدمة لإنهاء الاحتلال ووقف الانتهاكات بحق المدنيين.
مع ذلك، حذّر محللو صحيفتي “هممیهن” و”فرهیختكان” من أن طريق السلام لا يزال مليئاً بالمخاطر، وأن الحفاظ على الهدنة وضمان حقوق الفلسطينيين وتحقيق الأمن الإقليمي يتطلب متابعة مستمرة ودعماً دولياً واسعاً.
قد لا يمثل وقف إطلاق النار في غزة نهاية رسمية للحرب، بل بداية مرحلة دقيقة وحساسة، حيث حقق الفلسطينيون مكسباً سياسياً ورمزياً كبيراً، في حين تكبدت إسرائيل خسائر سياسية داخلية ودولية واضحة. والأنظار تتجه الآن إلى كيفية تنفيذ الاتفاق ودور الوسطاء وقدرة الطرفين على إدارة الخلافات وتحقيق مطالبهم في المرحلة المقبلة.