الصحافة الإيرانية: خطة ترامب واستراتيجية إيران
على الرغم من أن فكرة قبول جميع بنود خطة ترامب للسلام ما زالت معلقة لدى حماس، إلا أن تحققها قد يبرر إعادة التفكير في الاستراتيجية الإيرانية تجاه فلسطين.

ميدل ايست نيوز: على الرغم من أن فكرة قبول جميع بنود خطة ترامب للسلام ما زالت معلقة لدى حماس، إلا أن تحققها قد يبرر إعادة التفكير في الاستراتيجية الإيرانية تجاه فلسطين. فحمل ثقل إعادة التفكير هذه لا يقع على عاتق طهران وحدها، بل أيضاً على القاعدة المؤيدة للمقاومة.
وقال الخبير في الشؤون السياسية، كيومرث أشتريان، في مقال نشرته صحيفة شرق، إن ما سبق لا يعني بالضرورة التنازل عن القضية الفلسطينية، لاسيما وأن خطة ترامب تحتوي على غموض ونقاط إيجابية وسلبية تتطلب التدقيق. قضية فلسطين حق لشعب تلك الأرض، وقرار قبول أو رفض هذه الخطة يخصهم بالدرجة الأولى، رغم أن 7 أكتوبر وضعتهم في ظروف صعبة قد تدفعهم إلى قبولها.
- وفق المادة 6 من حطة السلام تلتزم حماس بتسليم أسلحة عناصرها أو حتى ترحيلهم من غزة: «أعضاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي وتسليم سلاحهم سيشملهم عفو عام. ولأعضاء حماس الراغبين في مغادرة غزة سيوفر ممر آمن إلى دول مستقبلة».
- في المادة 9 تُسحب من حماس مهام الخدمات الإدارية والبلدية وتُسند إلى لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير سياسية مكوّنة من فلسطينيين «مؤهَّلين». من سيدرك من هو «المؤهل» على الأغلب سيكون مؤسسة انتقالية دولية تحمل اسم «مجلس السلام» برئاسة ترامب و«أعضاء ورؤساء دول آخرين، بينهم توني بلير»، والتي ستتولى عملياً وصاية غزة.
- المادة 10 تتضمن عبارات حول خطة التنمية الاقتصادية لإعادة إعمار غزة ودراسة إنشاء «مدن معجزة حديثة ومزدهرة في الشرق الأوسط»، و«استثمارات مدروسة وأفكار تنموية مثيرة»، و«إنشاء منطقة اقتصادية خاصة». إن تحقق هذه الوعود الطموحة سيعزز عمليا أسس دولة فلسطينية لأن المتغير الأساسي في غزة هو «السكان» الذين يتزايد عددهم. يحمل وعد التنمية الاقتصادية ضمنياً أن السجن الكبير لغزة والحصار الاقتصادي كانا عاملين أديا إلى انتفاضة غزة في 7 أكتوبر 2023.
- بموجب المادة 12 «لن يُجبر أحد على مغادرة غزة». هذا يمثل في الواقع هزيمة للتيارات اليمينية المتطرفة في إسرائيل وتراجعاً لترامب عن فكرة إخراج السكان من غزة وإرسالهم إلى مصر.
- المادة 13 مدهشة، ففي سياق المواد الأخرى تتبلور دلالتها الكاملة. وفق هذا البند «توافق حماس وغيرها من الفصائل على عدم لعب أي دور في حكم غزة، بشكل مباشر أو غير مباشر أو بأي شكل». عبارة «سائر الفصائل» تعني في الواقع جميع الفلسطينيين. إذا ضُمّت هذه العبارة إلى المؤسسة الدولية الانتقالية الجديدة المسماة «مجلس السلام»، وإذا وضعت هذه العناصر إلى جانب «قوة الاستقرار الدولية المؤقتة (ISF)» التي بموجب المادة 15 «ستكون الحل الأمني الداخلي طويل الأمد»، فإن قطع الأجزاء تتكامل فعلاً لتشكل صورة نوع جديد من الوصاية.
- في المادة 16 ورد أن إسرائيل لن تحتل غزة أو تلاحق ضمّها. هذه نقطة إيجابية في الخطة. ومع ذلك يُضاف فوراً غموضٌ يقول إن «قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) ستنسحب وفقاً لمعايير ومعالم وأطر زمنية مرتبطة بنزع السلاح يتم الاتفاق عليها بين IDF وISF والضامنين والولايات المتحدة»؛ أي أن سلطة الانسحاب ستبقى عملياً لإسرائيل. كما يُقرّ وجود أمن محيطي عملياً لإسرائيل.
- تشير المادة 19 إلى أنه «إذا نُفّذت إصلاحات في منظمة التحرير بصدق، فقد تتاح أخيراً شروط لمسار معتمد نحو حق تقرير المصير وتشكيل دولة فلسطين، الذي نعتبره طموح الشعب الفلسطيني»، رغم أن هذه العبارات لا تحمل وعوداً جدية وبالكاد تنصّ لفظياً، لكنها عملياً تعترف بحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين.
مع أن الخطة تجبر حماس على قبولها، إلا أنها تختلف كثيراً عمّا كانت إسرائيل والولايات المتحدة تصبوان إليه. العامل الأهم في غزة هو «وجود الناس» الذين شهدوا الكثير من جرائم إسرائيل، وبقاءهم بحد ذاته يشكل تهديداً لإسرائيل.
ومع كل عيوبها، فشلت هذه الخطة في تلبية تطلعات المتطرفين في إسرائيل لأن هؤلاء الناس (سكان غزة) ما زالوا في وطنهم.
لكن كل ما ذُكر أعلاه يشكل أرضية عملية لموقف جديد محتمل لطهران: فإيران، رغم عدم قدرتها على الموافقة على تفاصيل الخطة، لا يمكنها تجاهل القوة التي كانت في طليعة المقاومة الفلسطينية والتي ضحت بنحو 70 ألف شخص في هذا السبيل. هذه القوة لم تعد شيئاً يمكن نسبته إلى عملاء لإسرائيل. مثل هذه الظروف تستلزم إعادة تفكير نظرية في الاستراتيجية السياسية وتكتيكات عملية للجمهورية الإسلامية في دعم القوى الفلسطينية.



