تقرير أميركي عن تعاون أمني وعسكري وثيق بين إسرائيل و6 دول عربية

تكشف الوثائق المسرّبة من وزارة الدفاع الأمريكية صورة جديدة عن البنية الأمنية في الشرق الأوسط: خصوم تقليديون يجتمعون خلف الأبواب المغلقة لإجراء مناورات عسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

ميدل ايست نيوز: تكشف الوثائق المسرّبة من وزارة الدفاع الأمريكية صورة جديدة عن البنية الأمنية في الشرق الأوسط: خصوم تقليديون يجتمعون خلف الأبواب المغلقة لإجراء مناورات عسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

وحسب تقرير لصحيفة “واشنطن بست” هذا التعاون، التي بدأ تحت إشراف الولايات المتحدة، توقف بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة في سبتمبر الماضي، لكنها تُستأنف الآن كجزء من الخطة الأمريكية الكبرى لإعادة تشكيل النظام الإقليمي.

خلال السنوات الثلاث الماضية، وبوساطة أمريكية، اجتمع قادة كبار من جيوش إسرائيل وست دول عربية في البحرين ومصر والأردن وقطر، بهدف إنشاء آلية مشتركة للتنسيق الدفاعي أصبحت تُعرف اليوم باسم «الهيكل الأمني الإقليمي».

تهديد إيران… الرابط الجديد بين الأعداء

تُظهر الوثائق أن التهديد الإيراني كان العامل الرئيسي في تقارب إسرائيل والدول العربية. وقد جرى هذا التعاون تحت إشراف القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم).

إحدى الوثائق تصف إيران والجماعات المتحالفة معها بأنها «محور الشر»، وتتضمن خريطة لمواقع منصات إطلاق الصواريخ في غزة واليمن.

وتوضح خمسة عروض باوربوينت صادرة عن سنتكوم، اطلع عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) وصحيفة واشنطن بوست، مسار تشكيل هذا الهيكل الأمني.

ويضم هذا الهيكل كلاً من إسرائيل وقطر والبحرين ومصر والأردن والسعودية والإمارات، فيما تُصنَّف الكويت وسلطنة عمان كشريكين محتملين مطلعين على مجريات الاجتماعات كافة.

الوثائق غير مصنَّفة سرّية، لكنها وُزعت بين الدول الأعضاء، وفي بعض الحالات بين دول تحالف العيون الخمس (أستراليا، كندا، نيوزيلندا، بريطانيا، والولايات المتحدة).

وتغطي تواريخها الفترة من 2022 إلى 2025، أي قبل وبعد اندلاع حرب إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023.

وأكدت واشنطن بوست والاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين صحة الوثائق بعد مراجعة تفاصيلها ومطابقتها مع سجلات وزارة الدفاع الأمريكية والمصادر العلنية، إذ توافقت أوقات وأماكن المناورات العسكرية وأسماء الضباط ورتبهم الواردة في الوثائق مع البيانات الرسمية.

مناورات مشتركة على الأراضي الأمريكية

امتنع مسؤولو القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) عن التعليق على هذا التعاون، كما رفضت إسرائيل والدول العربية الست الأعضاء في الهيكل الأمني الرد على استفسارات وسائل الإعلام.

أحد الاجتماعات البارزة عُقد في يناير الماضي بقاعدة فورت كامبل في ولاية كنتاكي، حيث قدّم العسكريون الأمريكيون تدريبات للشركاء العرب حول كيفية اكتشاف وتدمير الأنفاق تحت الأرض، وهي من أبرز أدوات حركة حماس في معارك غزة.

وثيقة أخرى تشير إلى تدريب مشترك على تدمير الأنفاق، من دون تحديد الدول المشاركة. كما عقدت سنتكوم جلسات مخصّصة لوضع خطط لحملات إعلامية تهدف إلى إضعاف الرواية الإيرانية التي تقدّم طهران كـ«مدافع عن الفلسطينيين»، مقابل الترويج لصورة «الازدهار والتعاون الإقليمي».

تناقض بين الخطاب والممارسة

في وقت كانت التنسيقات الأمنية مع إسرائيل تتعمّق سراً، كان القادة العرب في العلن يهاجمون تل أبيب ويتهمونها بالإبادة الجماعية.

فقد نددت مصر والأردن وقطر والسعودية في بيانات حادة بالهجمات الإسرائيلية. ووصف أمير قطر خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة حرب غزة بأنها «إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني»، معتبراً إسرائيل «دولة عدوانية في المنطقة»، فيما اتهمت وزارة الخارجية السعودية تل أبيب بـ«تجويع الفلسطينيين وممارسة التطهير العرقي».

وتنص إحدى الوثائق على أنه، تجنباً للحساسيات السياسية، فإن هذا التعاون «لا يشكل تحالفاً جديداً»، وأن جميع الاجتماعات يجب أن تبقى سرّية.

مشروع الدفاع الجوي الإقليمي

في عام 2022، وصف الجنرال كينيث ماكنزي، القائد السابق لسنتكوم، هذا التعاون أمام الكونغرس بأنه امتداد لاتفاقات إبراهام، موضحاً أن الهدف هو إنشاء منظومة دفاعية مشتركة لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية.

وخلال مؤتمر الأمن الإقليمي لعام 2022، اتفقت إسرائيل والدول العربية المشاركة على تنسيق المناورات وتوحيد خطط شراء المعدات الدفاعية.

وبحلول عام 2024، كانت سنتكوم قد نجحت في ربط معظم الدول الأعضاء بالأنظمة الدفاعية الأمريكية، ما سمح بتبادل بيانات الرادارات والمستشعرات بين تلك الدول وواشنطن.

ستّ دول من أصل سبع أعضاء أصبحت تتمتع بإمكانية الوصول إلى أجزاء من المشهد الجوي الإقليمي، فيما كانت دولتان تنقلان بياناتهما عبر سرب تابع للقوات الجوية الأمريكية.

وفي الوقت ذاته، انضمت الدول المشاركة إلى نظام اتصال آمن مشترك يتيح التواصل المباشر مع واشنطن.

فشل المنظومة خلال الهجوم الإسرائيلي على الدوحة

رغم البنية المعقّدة للهيكل الأمني، فشلت منظومة الدفاع الجوي المشتركة في رصد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة.

وأوضح الجنرال ديريك فرنس، قائد القوات الجوية الأمريكية، أن أنظمة الرادار لم تُصدر أي إنذار مسبق لأنها تركز عادة على مراقبة إيران ومناطق أخرى.

من جانبها، أعلنت قطر أن راداراتها لم تلتقط إطلاق الصواريخ من الطائرات الإسرائيلية.

وعلى الرغم من أن قطر والسعودية لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، إلا أن وثائق سنتكوم تشير إلى أن البلدين لعبا دوراً محورياً في دفع هذا التعاون قدماً.

اجتماع قاعدة العديد والمشاريع المستقبلية

مثّل مؤتمر مايو 2024 في قاعدة العديد الجوية ذروة هذا التعاون الأمني.

فقد عقد ممثلو إسرائيل لقاءات ثنائية مع وفود عربية، في ظل تعليمات صارمة تحظر التصوير ووجود وسائل الإعلام.
وجاء في ملاحظة أعلى جدول الاجتماعات: «يُمنع تقديم أي أطعمة تحتوي على لحم الخنزير أو المحار».

وتُظهر وثائق سنتكوم أن القيادة الأمريكية تخطط لتوسيع نطاق هذا التعاون في الأعوام المقبلة.

إحدى الوثائق الصادرة عام 2024 تتوقع أنه بحلول نهاية عام 2026 سيتم إنشاء «مركز الأمن السيبراني للشرق الأوسط» ليكون مخصصاً لتدريب وتنفيذ عمليات الدفاع السيبراني المشتركة.

كما تشير وثيقة أخرى إلى مشروع إنشاء «مركز دمج المعلومات» تكون مهمته تخطيط وتنفيذ وتقييم سريع للعمليات الاستخباراتية في المنطقة.

قال مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية إن هذا المستوى من التعاون يعكس النظرة البراغماتية لدول الخليج، وهي نظرة تجمع بين الإقرار بالتفوّق العسكري الإسرائيلي والقلق من سلوك تل أبيب غير المتوقع.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى