ردود فعل متباينة في الداخل الإيراني بعد غياب طهران في قمة شرم الشيخ

أثار غياب إيران عن قمة شرم الشيخ ردود فعل متباينة في وسائل الإعلام والأوساط السياسية داخل البلاد، تراوحت بين الدعم والانتقاد.

ميدل ايست نيوز: أثار غياب إيران عن قمة شرم الشيخ ردود فعل متباينة في وسائل الإعلام والأوساط السياسية داخل البلاد، تراوحت بين دعم الصحف ذات التوجه المحافظ وانتقاد بعض الإصلاحيين الذين اعتبروا الموقف فرصة ضائعة لطهران.

قمة شرم الشيخ، التي عقدت بمشاركة أكثر من عشرين زعيم دولة وبرئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كان هدفها المعلن إنهاء الحرب في غزة والسعي إلى وقف مؤقت لإطلاق النار. إلا أن بعض المراقبين يرون أن القمة كانت في المقام الأول فرصة لإبراز نفوذ الولايات المتحدة وتعزيز المكانة الإعلامية لترامب.

وكانت إيران قد تلقت دعوة للمشاركة في القمة لكنها رفضت الحضور. وبعد تضارب الأنباء بشأن مشاركة المسؤولين الإيرانيين من عدمها، ومستوى التمثيل المحتمل، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في نهاية المطاف، مؤكدة أن الموقف جاء انطلاقاً من المصالح الوطنية، أن الرئيس والوزير لا يمكنهما الدخول في حوار مع أطراف “هاجمت إيران ولا تزال تمارس التهديدات وفرض العقوبات عليها”.

وكتب عباس عراقجي في منشور على إكس باللغة الإنجليزية: “رغم رغبتنا في التواصل الدبلوماسي، لا أنا ولا الرئيس مسعود بزشكيان يمكننا التفاعل مع من هاجموا الشعب الإيراني وما زالوا يهددوننا ويواصلون فرض العقوبات علينا.”

وقد أثار هذا القرار ردود فعل متباينة في وسائل الإعلام والمحافل السياسية الإيرانية. فقد رأت الصحف المحافظة والمحللون في الشؤون الدولية أن القرار يعكس دبلوماسية قوية والتزاماً ثابتاً بالمصالح الوطنية، مؤكدين أن المشاركة في قمة برئاسة الولايات المتحدة كانت ستمنح الشرعية لأهداف ترامب وحلفائه.

في المقابل، انتقدت بعض وسائل الإعلام والشخصيات الإصلاحية غياب إيران، معتبرة أنه كان فرصة مهدورة لكشف سياسات إسرائيل والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني، وحذرت من أن القرار قد يُستخدم كأداة ضغط سياسية ضد الحكومة.

وكتبت صحيفة “هم‌ میهن” الإصلاحية في افتتاحيتها منتقدة موقف وزارة الخارجية الإيرانية: “كان على وزير الخارجية أن يوضح تفاصيل هذا الاجتماع والمخاوف المحتملة لإيران. إذا كانت هذه المواقف تنسجم مع المساعي لإنهاء الحرب في غزة فهي محمودة، أما إذا كانت تهدف فقط إلى رفض أي اتفاق ولو مؤقت، فإنها لا تصب في مصلحة إيران.”

أما صحيفة “فرهيختكان” الأصولية المحافظة فرحبت بقرار طهران، وكتبت في تحليليها لسياسات الولايات المتحدة: “ترامب بارع في تصميم ألعاب سياسية محسوبة النتائج يكون هو الرابح الوحيد فيها، وقمة شرم الشيخ ليست استثناءً. الهدف الرئيسي منها كان عرضاً إعلامياً وتوفير شرعية لاتفاق سلام مع إسرائيل أكثر من تحقيق سلام حقيقي.”

ويؤكد الخبراء أن منطقة الشرق الأوسط، بسبب عمق انعدام الثقة التاريخي وتضارب المصالح بين القوى الإقليمية والدولية، ليست بيئة مناسبة لسلام دائم، وأن الاتفاقات فيها غالباً ما تكون على شكل “هدنات مؤقتة”. وتؤدي إيران، بصفتها قوة تقليدية في المنطقة، دوراً رادعاً ومحدداً لسقف التوترات، وأي خطوة تُفسر على أنها تهديد لمصالحها الوطنية قد تفتح الباب أمام توترات أوسع.

ويُنظر إلى قرار طهران بعدم المشاركة في قمة شرم الشيخ بوصفه رسالة واضحة تعبّر عن الثبات على مبادئ السياسة الخارجية والتمسك بمفهوم السيادة، غير أن التساؤل يبقى مطروحاً: هل سيؤدي هذا الغياب إلى تهميش دور إيران في المسارات الإقليمية، أم أنه سيعزز قدرتها على إدارة الأزمات والحفاظ على استقلال قرارها الدبلوماسي؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 + ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى